سباق في جحيم الدوحة.. العالم ينتفض ضد فضيحة بطولة ألعاب القوى بقطر

  • 10/1/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

وتيرة تقارير متسارعة حول العالم تكشف عن فضائح النظام القطري في ملف بطولة العالم لألعاب القوى المقامة حاليا في العاصمة الدوحة. وصف تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية، الاثنين، بطولة العالم لألعاب القوى المقامة حاليا في العاصمة القطرية الدوحة بأنها “فضيحة وكارثية”، بسبب الإنهاك الذي بدا واضحا على اللاعبين من درجات الحرارة المرتفعة، فضلا عن مدرجات الملاعب التي بدت وكأنها “مدينة أشباح” بسبب خلوها من المشجعين. بطولة كارثية وكشف تقرير الصحيفة البريطانية عن أن العداءة البريطانية دينا أشر سميث التي فازت بالميدالية الفضية في سباق 100 متر، لم تجد من تحييه في المدرجات أو يرد لها التحية بالمثل بعد بلوغها خط النهاية، فما كان منها إلا أن خطفت علم بلادها من بين يدي أمها واحتفلت هي وعائلتها بالفوز. وتفاجأت العداءة وكذلك الصحفيين الذين حضروا لتغطية الحدث، بأن استاد خليفة الدولي الذي يبلغ تعداد مقاعده 40 ألف، كان شبه فارغ تقريبا طيلة المسابقات، إلا من بعض الصحفيين وأقارب بعض اللاعبين. وقارنت “الغارديان” بين بطولة ألعاب القوى التي استضافتها لندن في العام 2017 وتلك التي تستضيفها الدوحة هذه الأيام، مشيرة إلى أن بطولة لندن حضرها أكثر من 750 ألف شخص في الدرجات، فضلا عن الملايين الذين تابعوها على شاشات التلفزيون. في الوقت الذي أطلقت فيه تقارير بريطانية تحذيرا الأسبوع الماضي من أنه قد تم بيع 50 ألف تذكرة فقط لحضور فعاليات البطولة على مدار 10 أيام من المنافسة في الدوحة، مشيرة إلى أنه تم نقل عمال من أفريقيا ودول آسيوية بالحافلات، بتذاكر مجانية، من أجل ملء المدرجات الفارغة. وأشارت إلى بطولة العالم لألعاب القوى المقامة في الدوحة تشكل “كارثة” في التنظيم ولسمعة الرياضة، وكذلك لرئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى سيباستيان كو، بالإضافة إلى قطر التي تستعد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في 2022. وعندما تقدمت الدوحة في عام 2011 لاستضافة بطولة العالم لألعاب القوى 2019، وعدت بضمان إقامتها في “أجواء رائعة”، في حين وعد كو ببطولة “مذهلة” في الدوحة، إلا أن النتائج جاءت مخالفة تماما لكل هذه الوعود، وأفسدتها درجات الحرارة والرطوبة المرتفعتين في البلاد. وبينما لم تصدر أرقام رسمية عن عدد الجماهير التي حضرت فعاليات البطولة في قطر، فقد عمدت الدوحة إلى تفريغ استاد خليفة الدولي من المقاعد وعددها 40 ألف مقعد، لتصل إلى 24 ألفا فقط، ومع ذلك بدا ربعها بالكاد ممتلئا في أفضل الظروف. وكانت الدوحة قد قدمت ملفا مثيرا للجدل لاستضافة البطولة بميزانية 23.5 مليون جنيه إسترليني، ووعدت ببناء منشآت رياضية لهذه البطولة وذلك قبل دقائق فقط من التصويت لاستضافتها في عام 2014، لتفوز بذلك على مدينتي برشلونة الإسبانية، ويوجين الأميركية في ولاية أوريغون. ووصف هيلموت ديجيل، العضو السابق في مجلس إدارة بطولة العالم لألعاب القوى، فوز ملف قطر لاستضافة البطولة بأنه “غير مفهوم”، في حين قال خوسيه ماريا أودريوزولا، المسؤول التنفيذي في الاتحاد الدولي لألعاب القوى: “كل ما هنالك أن لدى الدوحة أموال”. إغماءات وانسحابات وشهد أول أيام مونديال ألعاب القوى المقام في دولة قطر، انتكاسة كبيرة مع سباق الماراثون الذي اصطدم في اختبار الطقس، الأمر الذي أجبر اللجنة المنظمة لتأخير انطلاق سباق 20 كيلومتر مشيا للسيدات. وفي أول أيام بطولة العالم لألعاب القوة، أجبر ارتفاع الحرارة والرطوبة العديد من المشاركات في ماراثون السيدات على الانسحاب، كما شهد السباق حالات إغماء وتعب شديدين بسبب ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة، وسوء التنظيم. وعانت عداءات الماراثون من صعوبات كبيرة جراء ارتفاع الحرارة والرطوبة، ما تسبب بانسحاب العديد منهن، وسط أصوات منتقدة لإقامة سباقات المسافات الطويلة في ظروف مناخية مماثلة. فمن أصل 68 مشاركة اجتازت 40 منها فقط خط النهاية بعدما ناهزت درجة الحرارة عند الانطلاق 33 مئوية، وتجاوزت نسبة الرطوبة 73 في المئة. الرياضيون حقل تجارب وأفاد تقرير لصحيفة لو جورنال دو ديمانش الفرنسية بأن قطر تستغل بطولة العالم لألعاب القوى الحالية على أنها بروفة لكأس العالم 2022. حيث انسحب 28 من أصل 68 بسبب حرارة الجو. وأضاف تقرير الصحيفة الفرنسية أن صدمة حرارة الجو لا نهاية لها. تشعر وكأنك “بيتزا تُخبز في فرن”، على حد تعبير المدير التقني باتريس جيرجيس، قبل أن تشعر بالبرودة بمجرد وصولك إلى السيارة والفنادق، وإستاد خليفة. منذ يوم الجمعة،انخرط ممثلو ألعاب القوى في العالم في تجربة مريرة بالعاصمة القطرية الدوحة. وفد أطباء على أهبة الاستعداد، تتجه الأنظار نحو المتسابقين المنهكين الذين انخفض عددهم بسبب حرارة الليل (حيث بلغ عدد المنسحبين 28 من أصل 68). ويخشى أحد الفرنسيين، جان – ميشيل سيرا من “الاضطرابات” أو التهابات الأنف والأذن والحنجرة بسبب الانتقال بين الجو الحار والبارد المستمر. “سيكون المشاركون في هذه البطولة بمثابة البروفة للاعبي كرة القدم”. وذلك بالإشارة إلى المونديال القادم وذلك الشعور بأنك فأر تجربة. فعلى المستوى الطبي (درجات الحرارة ستكون أكثر اعتدال في نوفمبر وديسمبر)، وأكثر من ذلك على الجوانب البيئية والثقافية، وفقا للتقرير الفرنسي. في قطر ليس هناك مطر باستثناء أمطار النقد والأسئلة. حيث يحاول منظمو2022، الذي يتوقعون مليون زائر، طمأنة الجميع.نعم،الملاعب المفتوحة والمكيفة ستُثبت توافقها مع البيئة. نعم، الناس المثليين “سيكونون موضع ترحيب”، حتى لو كان ذلك غير قانوني. لا، للإسراف في القبلات وعلامات المودة المرفوضة. نعم، يمكن للمشجعين الأجانب شرب الكحول في المناطق المخصصة.بغض النظر عن عدد نوادي وفنادق الدوحة القليلة الحائزة على ترخيص أو امتياز سينعكس ذلك على أسعار الفائدة. لا تود الإمارة، التي تستخدم الرياضة من أجل عودتها إلى المشهد، إعطاء انطباع سلبي. إلا إن كان سيتم ربط جميع الملاعب بواسطة مترو جديد. وبالتالي،لن يستغرق الأمر “أكثر من ساعة واحدة للتنقل من إستاد لآخر”، كما تقول اللجنة المنظمة.في أوائل عام 2017، تم الكشف عن فاتورة البنية التحتية الإجمالية من قبل وزير المالية، والتي بلغت 200 مليار دولار، ما يعادل “500 مليون دولار في الأسبوع”. عبودية بلا راتب لا زالت منطقة إستاد لوسيل خاوية. بعد الظهر تصل درجة الحرارة إلى 37 درجة، حيث يهلك مرتدو القبعات الزرقاء. يجلسون على الرصيف، عمال من شبه القارة الهندية ينتظرون في تجمعات الحافلة الصغيرة التي ستعيدهم إلى مقر سكنهم.هنا نحاور نيبالي، يبلغ من العمر ثلاثون عام ونحيل للغاية. مضى عام على وصوله إلى قطر،وعلى عمله في هذا الموقع، حيث يعمل ستة أيام من أصل سبعة. “نبدأ العمل في السادسة صباحًا، وننتهي الخامسة مساءً، وساعة واحدة للراحة. يبلغ عددنا قرابة الـ 6000،”الراتب؟” 1100 ريال شهريًا، 280 يورو. منذ زمن والمنظمات غير الحكومية تنتقد الإمارة لظروف العمل التي تُعتبر “كالعبودية”، وتتفاخر سلطات البلاد، التي يعد نصيب الفرد فيها من إجمالي الناتج المحلي من الأعلى في العالم،بتقدمها في هذا المجال، وبالدور المحدد الذي يلعبه منظم كأس العالم. وصلتالحافلة، وهو الوقت المناسب فقط لسؤال رجلنا عن مشاعره في هذا اليوم. “يوم قاسي، لكن لا بأس”. هذه هي قطر التي تُتعب الناس. فلا مكيف، ولا كلمة شكر. سباق في جحيم الدوحة في تقرير لصحيفة ليبيراسيون الفرنسية، ذكر أنه في بطولة العالم لألعاب القوى، أقيم السباق في ظروف غير إنسانية للرياضيين، حيث اتسمت الأجواء بالحرارة العالية والرطوبة. ونتيجة لذلك، انسحب عدد من المتسابقات. وأضاف التقرير أن أول حائزة على الميدالية الذهبية في بطولة الدوحة كانت ترتدي قميص كينيا، وتُظهر ابتسامة خجولة، ويبدو ساقاها النحيلان كما لو أنهما قطعتي خبز فرنسي. فازت روث شيبنغيتيش (25 عامًا) في سباق الماراثون يوم الجمعة ليلة السبت، بعد أن انتظرت الكيلومتر الرابع والثلاثين لتشن هجومها. لقد كانت حاسمة. كما رافقها على منصة الفائزين امرأة كينية أخرى، تحمل الجنسية البحرينية، روز شيليمو، حاملة اللقب، بالإضافة إلى الناميبية هيلاليا يوهانس. السيناريو المتكرر معروف، ولا جديد على منصة الفائزين. ولكن ماذا عن الباقي؟ فليذهب إلى طي النسيان. أولًا، التوقيت، ساعتان و32 دقيقة و43 ثانية للمنتصرة. أبطأ توقيت في تاريخ بطولات العالم، وأفضل بدقيقتين من “الرقم القياسي” السابق الذي سجلته كاثرين نديربا في بطولة أوساكا عام 2007م. أما البيئة المحيطة في الماراثون، فهي غير واقعية إطلاقا. كورنيش الدوحة المهجور والخالي من السيارات، ولكنه مضاء بالكشافات كما لو كان في وضح النهار. لقد رسم المنظمون فيه خط سباق متكرر من 7 كيلومترات يجب قطعه 6 مرات. حان موعد الانطلاق في الساعة 11 و59 دقيقة مساءً. لقد كان عدد المتفرجين قليل لدرجة أنه بالإمكان وضعهم جميعًا في حافلتين. لقد كان عددهم نحو مئة شخص لا أكثر. وبعد مرور ساعتين وثلاثين دقيقة، ولدى وصول المتسابقات إلى خط النهاية، لم يكن بوسع الجماهير القلة المتبقين أن يصدروا صوتًا أعلى من صوت مكبر الصوت. لقد كانت أجواء شبيهة بنهاية العالم. وفي المنصة الإعلامية، اضطر الإعلاميون للهمس بصوت خافت خوفًا من سماع المتسابقات لحديثهم. أما عن الظروف المناخية، فقد كانت وحشية. ففي لحظة انطلاق السباق، أظهر مقياس الحرارة 32 درجة مئوية، مع رطوبة بنسبة 70%، والحرارة المحسوسة 40 درجة مئوية. وبالرغم من حلول الليل منذ وقت طويل فيالدوحة، إلا أنه بعد قطع 42 كيلو مترا، لم تتغير درجات الحرارة إطلاقًا، كما أن الرطوبة هي نفسها. ولا يزال الشعور هو نفسه، وكأن المرء يركض داخل فرن. بعد الدورة الأولى، بدأت الحرارة والرطوبة تفرض سطوتها على المتسابقات، لتسقط الفتيات واحدة تلو الأخرى كما لو كنَّ تحت مرمى نيران.يؤكد طبيب الفريق البلجيكي أن الفتيات “دخلن في نوبة ارتفاع حرارة”. وبعد ذلك هرعت فرق الإسعاف لنقلهن إلى العيادة المتنقلة. أكثرهن تضررًا اقتدن إلى العيادة بواسطة كراسي متحركة، أما اللاتي لا زلن قادرات على الصمود ويعرجن فقد ساعدهن الفريق الطبي على المشي إلى العيادة. وفي خط النهاية، لم يتخط عدد المشاركات أكثر من 40 متسابقة. لقد انسحبت 28 متسابقة، في رقم قياسي يسجل في تاريخ بطولات العالم. وفي المنطقة المختلطة، المتسابقة المحاطة بأكثر قدر من الناس كانت تردي ألوان الفريق الأمريكي. إنها روبيرتا غرونر (41 عامًا)، ممرضة تعمل في ولاية نيوجيرسي، وأم لثلاثة أطفال، والتي حصلت على المركز السادس. تروي روبيرتا قصة ليلتها والدموع تنهمر من عينيها، وساقاها يرتعشان، كما لو كانت قد عاشت في جحيم: “لم يسبق لي أن عشت مثل هذه الظروف الصعبة للغاية. إنني لا أعرف حتى ما هو الوقت الذي سجلته في السباق، ولكنه لا يهم. لقد كان كل شيء نفسيًا. لقد كنت أفكر في أطفالي. لقد شربت الماء واستمريت في الشرب. لقد أنهيت زجاجة الماء الأولى قبل الكيلو متر الثالث. أما في الجزء الثاني من السباق، فقد وضعت كيس ثلج في أعلى ظهري. عندما بدأت السباق، فكرت في أمرين: أن أنهي السباق وألا أعرض نفسي للخطر. أعتقد أنه بعد سباق كهذا، سيبدو كل شيء سهلًا بالنسبة إلي”. أخذوا شبابي كان سليمان حامد يحلم بأن يصبح بطلا في ألعاب القوى، حيث كان الأسرع بين زملائه السودانيين، حتى تلقى عرضا من قطر للتجنيس واللعب ضمن منتخبها. لكن بعد أن رفع علمها في المحافل الدولية، وقعت المأساة، حيث سحبت الجنسية منه فور تقاعده عن اللعب، ليدخل الرياضي وأولاده في معاناة إنسانية كبيرة. وبينما تقام منافسات بطولة العالم لألعاب القوى في قطر حاليا، ينظر حامد إلى اللاعبين المجنسين الذين يلعبون تحت العلم القطري بنظرة حزن على ما قد يتعرضون له في المستقبل، بعد أن يجبرهم السن على ترك الملاعب، لتتخلى عنهم الإمارة صاحبة العلم. ويقول حامد في فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي: “قدمت إلى قطر من السودان وأنا تحت السن القانونية من أجل اللعب لمنتخب قطر”. ووفق اتفاق، حصل اللاعب الذي كان يلعب لنادي الريان القطري على الجنسية القطرية عام 1999، لينافس تحت العلم القطري في المسابقات الدولية في منافسات 100 و200 متر. المثير أن الدوحة عمدت إلى تزوير جواز سفر اللاعب، حيث تقول الوثيقة إنه مولود في قطر، رغم أنه من مواليد السودان. ويقول حامد إنه بعد أن رفع علم قطر في المنافسات الدولية وكان سببا في تتويجها بجوائز عدة، فوجئ بسحب الجنسية القطرية منه بعد أن تعدى عمره 32 عاما، وذلك في مخالفة لاتفاق الحصول على الجنسية. واضطر حامد لمغاردة قطر وعائلته من أجل بدء مسار آخر للاحتجاج، بعد أن رفضت السلطات في قطر احتفاظه بالجنسية، مما حرمه أيضا من الخدمات التي يتمتع بها المواطنون القطريون. ويقول الرياضي السابق: “حرموني من مستحقاتي وراتبي وكل الخدمات. لدي أطفال الآن وهم لا يعرفون بلدا غير قطر”. وفي بيان لها، اعتبرت المنظمة الأفريقية لثقافة حقوق الإنسان، أن بطل ألعاب القوى كشف “الاتجار بالبشر” الذي تمارسه قطر. وتقول المنظمة إن حامد “تعرض لشتى أنواع الاضطهاد من قبل الحكومة القطرية، كما جرد من الجنسية، بعد عقود من اللعب باسمها”. وأعلنت المنظمة عن إطلاقها حملة وسم على موقع “تويتر”، في تمام الساعة الثامنة من مساء الثلاثاء بتوقيت مكة، بعنوان: #البطل_سليمان_حامد_ضحية_قطر_للاتجار_بالبشر، داعية جميع الرياضيين ونشطاء حقوق الإنسان والمناهضين للاتجار بالبشر في العالم، إلى دعم الحملة. وحامد مثل عشرات الرياضيين الذين يلعبون تحت ألوان العلم القطري في كافة الرياضات، ويمثلون الدوحة دوليا، بعد حصولهم على الجنسية لهذا الغرض، لكن يجري سحب هذه الجنسية منهم بعد انتهاء الحاجة لخدماتهم. ويقول حامد الذي أكد مواصلة مساعيه للحصول على حقوقه: “أخذوا مني شبابي ورموني”.

مشاركة :