يا لها من إثارة كانت خلال الأسبوع الماضي. كنت على وشك الوقوف لإلقاء حديث، عندما تلقيت رسالة نصية: كانت غايتي الحصول على وسيلة نقل من لندن إلى أكسفورد، إلا أن الطريق السريع كان مغلقا بسبب حادث. في العادة، كنت سأقود دراجتي الهوائية القابلة للطي إلى المحطة، ومن ثم استقل القطار. بيد أنني لم أتوقع أن أحتاج إلى الأضواء، وركوب الدراجة بعد حلول الظلام بدا أمرا غير حكيم. لذلك استدعيت سيارة أجرة سوداء، وتحققت أولا من أن الخدمة تقبل البطاقات الائتمانية، لأنه لم يكن لدي نقود. مع الأسف، آلة البطاقة استمرت في الوميض. جلست خارج المحطة مع مرور الدقائق أثناء إيقاف سائق سيارة الأجرة تشغيل الآلة باستمرار. وبينما كنت أجري على طول محطة ماريليبون مرتديا بدلة وربطة عنق، وأقود دراجة برومبتون بذراع واحدة، لم يكن ما حدث هو ما تخيلته هذا المساء. هذا يقودني إلى سؤال يتساءله البعض منا كثيرا، والبعض الآخر ليس بالقدر الكافي: ماذا لو ساءت الأمور؟ الطريق السريع، أضواء الدراجة، آلة البطاقة – عندما تكون الكوارث مكدسة ضدي (فهي لا تأتي فرادى). بعض أصدقائي عرضة للقلق بشأن أكثر الحوادث الطارئة غير المتوقعة. آخرون، خاصة المغامرون، يتجاهلون المخاطر مع عبارة "ستكون محقة"، لكنني أصبحت مقتنعا بأننا لا نفكر في سيناريوهات أسوأ الحالات بالطريقة الصحيحة. المشكلة الأولى هي أن إحساسنا بالخطر يتسم بالفجاجة بدرجة كبيرة. قال عالم النفس العظيم عاموس تفيرسكي مازحا: إن معظمنا لديه ثلاث فئات عند التفكير في الاحتماليات: "سيحدث" و"لن يحدث" و"ربما". كثير من تفكيرنا الحدسي بشأن سيناريوهات أسوأ الحالات يبدو أنه يدور حول أشخاص قلقين يرفعون فئة "ربما" إلى "سيحدث"، بينما يقوم المتهورون بخفض فئة "ربما" إلى "لن يحدث". مع الأسف، توفي تفيرسكي قبل أن يشهد تعديل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، لتقديره لاحتمال الفشل في التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي من "مليون إلى واحد" إلى "غير متأكد تماما". يغلب على ظني أن هذه الحركات البهلوانية الاحتمالية كانت ستجعله يضحك بصوت خافت. سيكون من المفيد لو أن إحساسنا بالخطر كان أكثر دقة قليلا؛ بشكل حدسي، من الصعب فهم الفرق بين خطر بنسبة واحد في المليار، وخطر بنسبة واحد في الألف. بالنسبة إلى المقامر – أو الشخص الذي يعمل في مجال التأمين ذي الصلة الوثيقة بالقمار – هناك فرق كبير جدا. يشير بحث أجراه كل من باربرا ميليرز وفيليب تيتلوك وهال آركس إلى أن القيام بمحاولة جادة لوضع الاحتمالات في أحداث مستقبلية غير مؤكدة، قد يساعدنا بطرق أخرى: هذه العملية تجعلنا أكثر تواضعا، وأكثر اعتدالا وأكثر قدرة على تمييز درجات اللون الرمادي. محاولة التنبؤ هي أكثر من مجرد تنبؤ ناجح. على أن هناك فخا آخر هنا: يمكن أن ننحرف عن مسألة ما إذا كانت أسوأ الحالات المحتملة. بدلا من طرح السؤال: "هل سيحدث هذا؟"، ينبغي أن نسأل: "ماذا سنفعل إذا حدث ذلك؟". ربما ستؤدي عبارة "سيناريو أسوأ الحالات" إلى تضليلنا: يمكن أن يحلم أي شخص بسيناريوهات كابوسية. خلال رحلتي إلى المنزل هذا الأسبوع، كان من الممكن أن أقتل في الحادث الذي أغلق الطريق السريع. وكان من الممكن أن تتعرض أكسفورد إلى ضربة نووية. لا يصلح أي منهما ليكون سيناريو مفيدا لغرض تخطيط السفر. بدلا من ذلك، كان ينبغي أن أفكر: ماذا لو لم تنجح وسيلة النقل؟ ماذا لو لم ينفع مبلغ صغير من الفكة أو حتى البطاقة؟ لم يكن أي من الحادثين غير المتوقعين محتملا، لكن كلا منهما حادثة ممكنة ويسهل التعامل معها. القلق بشأن الضربات النووية لم يكن سيفيدني – لكن كذلك لن يفعل تجاهل الأمر وافتراض عدم حدوث شيء سيئ. لمساعدتنا على التفكير بشكل معقول بشأن أسوأ الحالات هذه، جادل جاري كلين، عالم النفس ومؤلف كتاب: "رؤية ما لا يراه الآخرون"، لمصلحة إجراء "تشريح قبل الوفاة" – أو تشريح جثث افتراضي. قبل الشروع في أي مشروع، تخيل تلقي رسالة من المستقبل: المشروع فشل، وبشكل مذهل. الآن اسأل نفسك: لماذا؟ المخاطر والفخاخ ستشير إلى نفسها بسرعة – غالبا هي المخاطر التي يمكن توقعها ومنعها. التخطيط للحوادث غير المتوقعة ليس بالأمر السهل دائما. تعترك بريطانيا حاليا مع احتمال فشل الحكومة في الاتفاق على شروط مغادرة الاتحاد الأوروبي، ما أثار الاضطراب على المدى القصير. وثائق التخطيط الحكومية الخاصة بعملية "يالوهامر" وصفت المشكلات التي قد تحدث بأنها "السيناريو الأساسي" (الحقيقة) و"سيناريو أسوأ الحالات" (تحاول الحكومة الظهور بمظهر لائق أثناء الوقوف لالتقاط صورة شخصية). بالنسبة إلى صانع سياسة عقلاني، الفرق بين السيناريو الأساسي وسيناريو أسوأ الحالات هو خارج الموضوع: حيث إن هناك منافع قليلة لمأزق "العودة إلى المربع الأول" من المفاوضات التي ستنتج عن عدم التوصل إلى اتفاق، فإن التعطيل قصير الأمد أمر يجب تجنبه، سواء كان مرجحا أو غير ذلك. وحيث إن حكومتنا نحت جانبا صنع السياسة العقلاني منذ فترة، فإن البقية منا لا بد أن تتفكر في المخاطر وأن نبذل ما نستطيع من أجل التحضير للوضع. هذا صحيح سواء كان احتمال حصول أحداث الرعب في حفلة الهالوين هو 5 في المائة أو 50 في المائة. في جو سياسي محموم، من الصعب أن نتوقف لنسأل: ماذا سيحدث لو اختل كل هذا الأمر؟ ولا مجال أمامنا سوى أن نشعر بالأسف لأن ديفيد كاميرون لم يخضع لـ"تشريح ما قبل الوفاة" قبل أن يدعو إلى استفتاء "بريكست"، في المقام الأول.
مشاركة :