مضت أكثر من عشرة أيام على آخر اعتصام قام به الشباب العراقيون العاطلون من العمل من أصحاب الشهادات العليا، وفي ذلك الاعتصام حصل الطلاب على وعود مفادها إن الحكومة ستوجه الجامعات في عموم العراق للنظر في مطالبهم بالتعيين بحسب اختصاصاتهم. الطلاب الذين بدأوا تظاهرات واسعة أمام مبنى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في بغداد منذ بداية العام مطالبين بسحب صلاحيات التعيين من رؤساء الجامعات الذين يعتمدون على المحسوبية في التعيين وإشغال الدرجات الوظيفية وإناطتها بالوزارة، حصلوا على وعود مفادها إن الوزارة ستنظر في قضيتهم في ضوء التخصيصات المالية المتاحة لديها والتي لا تتجاوز خمسة في المئة. حاملو الشهادات العليا كوّنوا مجموعة على موقع «فايسبوك» أطلقوا عليها تسمية «مجموعة المطالبة بتعيين حملة الشهادات العليا» وقاموا ببث صور من التظاهرات والاعتصامات المتلاحقة التي نظموها أمام مبنى الوزارة في بغداد والتي شارك فيها مئات الطلاب من محافظات عراقية مختلفة، وفتحوا نقاشات واسعة حول الموضوع فضلاً عن اتخاذهم الموقع وسيلة للدعاية للتظاهرات والاعتصامات التي ينظمونها. نور حسن (24 سنة) واحدة من هؤلاء، وهي تحمل شهادة الماجستير في الرياضيات من جامعة القادسية، تقول إن «الشباب من أصحاب الشهادات صبروا كثيراً لحين إقرار الموازنة وتخصيص 5 في المئة من موازنة التعليم لأصحاب الشهادات العليا، لكن رؤساء الجامعات يقومون بإشغال الوظائف المتوافرة بشكل كيفي». وتضيف: «طالبنا الوزارة في آخر اعتصام بتوزيعنا على الوزارات الأخرى إذا كانت الوزارة ذاتها لا تملك ما يكفينا من الوظائف بطريقة الحذف والتعويض أو بأي طريقة أخرى». تؤكد حسن أن معظم أصحاب الشهادات الذين كانوا يعملون في الجامعات بأجور يومية على أمل تثبيتهم في وظائفهم لاحقاً تم طردهم من العمل بسبب حال التقشف وإن الأمل الوحيد للتجمع الذي أقاموه يكمن في استجابة الوزارة لمطالبهم. وتقول: «هناك درجات وظيفية ترد إلى الجامعات مرفقة بالأمر الوزاري لبعض الأشخاص الذين يملكون وساطات أما الباقون فهم مشمولون بطابور الانتظار الطويل من دون جدوى». وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أقرت بصعوبة سحب صلاحيات رؤساء الجامعات بالتعيين، لكن بعض أصحاب الشهادات العليا يؤكدون إن المشكلة لا تكمن في الجامعات فحسب بل تمتد إلى الوزارة ذاتها. أيمن سعد طالب دكتوراه في اختصاص التاريخ (27 سنة) يقول: «المشكلة هي أن الوساطة لا تقتصر على الجامعات فحسب، بل حتى الوزارة ذاتها مليئة بالفساد وهي تجري عمليات التعيين بالوساطات وبطريقة الدفع المُسبق، لكن المشكلة تكون أقــل لأن الاحتـجـاج على الوزارة قـــد يــأتــي بنتيجة أكثر من الاحتجاج على الجامعات ورؤسائها الذين يرفضون الإصغاء إلينا». المتظاهرون والمعتصمون حملوا لوحات كتبوا عليها كلمة «عاطل» ودونوا أسفلها اختصاصاتهم والوزارة أكدت أنها أعطت أمراً للجامعات بتطبيق نسبة خمسة في المئة التي تم تخصيصها لأصحاب الشهادات في آخر اعتصام قام به الخريجون في 16 نيسان (أبريل) الجاري، لكن الجامعات لم تتحرك بعد الأمر الذي ينذر باندلاع الاعتصامات مجدداً أمام مبنى الوزارة وهو ما أكده عدد من الطلاب الذين شاركوا في الاعتصامات السابقة.
مشاركة :