مكتب المدينة سفراء تواصلت أزمة المبتعثين في الولايات المتحدة الأمريكية مع تكاليف العلاج من خلال شركة «آتنا» للتأمين الطبي التي تعاقدت مع الملحقية الثقافية هناك والتي قامت برفع تكاليف العلاج بنسبة 25 % خلال هذا العام. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل فرضت الشركة رسم 100 دولار لكل زيارة لغرفة الطوارئ، و100 دولار لكل زيارة لعيادة أو مستشفى خارج نطاق شبكة «آتنا»، مع تحمل المبتعث التكلفة الإضافية في حال كانت تكلفة العلاج خارج المعدل الطبيعي. هذه التكلفة المرتفعة دفعت المبتعثين الى الشكوى ومطالبة وزير التعليم بالتدخل خاصة أن مكافآتهم الحالية لا تكفي تحمل هذه الزيادة، التي اعتبرها أحد أعضاء مجلس الشورى «أمرًا يثير الريبة» داعيًا إلى محاسبة المقصر أكان من الملحقية أو من المبتعثين الذين لم يستخدموا التأمين الطبي بالشكل الصحيح. وفي ظل ارتفاع شكاوى الطلاب المبتعثين وجدنا مساعد الملحق الثقافي للشؤون الفنية الدكتور مساعد العساف على النقيض تمامًا حيث برر هذا الارتفاع بتلاعب وتسيب المبتعثين الذين يذهبون للطوارئ حتى وإن أصابتهم «كحة» وبالتالي يدفعون الـ 100 دولار. في البداية يقول المبتعث عبدالله القحطاني إن بوليصة تأمين «آتنا» الحالية ساهمت في زيادة الاعباء المعيشية.. فأنا أعيش في منطقة تكلفتها المعيشية مرتفعة، والمكافأة لا تفي بالمتطلبات الأساسية هنا. وأضاف: كُسرت قدمي في أحد أيام عُطل الأسبوع واضطررت للذهاب للطوارئ، وبعد شهر وصلتني فاتورة من المستشفى تطلب مني دفع 100دولار، فلم أجد بدًا إلا الاستدانة من أخي بالسعودية لدفعها. وطالب القحطاني الملحقية بأن تجد حلاً لهذه المعضلة مُؤكدًا أن الملحقية يجب أن تكون أكثر فاعلية من ذلك بتفاوضها مع شركات التأمين لتوفر لنا تأمينًا لا يزيد معاناتنا معاناة ويضاعف المصروفات ويزيد الضغوط المعيشية. من جهته قال المبتعث محمد العتيبي: فجر أحد أيام الشتاء الماضي تعرضت ابنتي ذات السنوات الأربع لارتفاع شديد في درجة الحرارة، ما دعاني لأخذها على وجه السرعة لأقرب مستشفى، وبعد أسابيع وصلتني فاتورة من المستشفى بمبلغ 100 دولار. ويرى العتيبي أن التغير الذي حدث في مميزات بوليصة التأمين لهذا العام، سببت لهم مشاكل كثيرة، مُطالبًا الملحقية بوضع شروط وحالات يجب ألاّ يُغرم فيها المبتعث على الأقل إذ لم تستطع إلغاء هذا الشرط. مساعد الملحق الثقافي: تلاعب وتسيب المبتعثين وراء ارتفاع كلفة العلاج قال مساعد الملحق الثقافي للشؤون الفنية الدكتور مساعد العساف إن سبب ارتفاع تكلفة شركة «آتنا» للتأمين الطبي هو تسيب وتلاعب بعض المبتعثين بالتأمين الطبي، موضحًا أن المبتعثين غالبًا في حال شعورهم بـ «الكحة» يذهبون لغرفة الطوارئ، مُشيرًا إلى أن تكلفة العلاج في غرف الطوارئ بأمريكا مُكلفة جدًا. وعن سبب عدم محاسبة المتلاعبين بالتأمين من المبتعثين والمستشفيات أو العيادات أكد أن شركة «آتنا» لا تستطيع فعل ذلك إلا بعد أن يكتب المبتعث خطابًا للشركة يوضح فيه أن هذه المستشفى أو العيادة تتلاعب بالأسعار، ما يُعطي الشركة بعد ذلك الحق القانوني لمقاضاة المستشفى أو العيادة المتلاعبة، مُؤكدًا أن الملحقية على يقين أن المبتعث لن يكتب خطابًا كهذا. وحول عدد المتلاعبين من المبتعثين وقيمة المبالغ التي تلاعبوا بها، وهل شركة «آتنا» زودتهم بعددهم وقيمة المبالغ التي تلاعبوا بها، قال الدكتور مساعد العساف إنه لا يملك الرقم، ولا القيمة.. وقال إن شركة «آتنا» تعتبر هذه الأرقام سرية وليست للنشر. وأوضحت «المدينة» للدكتور مساعد أن بوليصات التأمين السابقة لـ «آتنا» كانت واضحة، وكانت تغطي تكلفة زيارة المبتعث للمستشفى والعيادة بنسبة 100 في المائة دون النظر في هل هي مستشفى أو عيادة داخل شبكة «آتنا» أو لا، ما يعني أن المبتعث لم يقم بشيء يخالف النظام في حال زيارته لمستشفى أو عيادة خارج نطاق شبكة «آتنا»، فلماذا تلقون باللوم عليه؟ ويجيب: إن القرار كان لشركة «آتنا» وليس للملحقية دخل به، كاشفًا عن أن فرض رسوم على العلاج في غرف الطوارئ بقيمة 100 دولار لكل زيارة، تحول من شرط إلى مبدأ لا يقبل المفاوضة وبالتالي كانت الملحقية مُجبرة على القبول. وأوضح أن من يعتمد العروض المقدمة هي الوزارة وليس الملحقية، وإذا لم تنطبق شروط نظام المنافسات والمشتريات الحكومية في هذا العرض لما قبلت به الوزارة. وأضاف: قبل التجديد مع الشركة الحالية، قمنا بدعوة جميع كبار شركات التأمين الطبي بأمريكا، وجميعها رفضت تقديم عروض حيث قالت هذه الشركات إن وضع طلابكم «ما هو طبيعي» فمصاريفهم عالية مقارنة بعمرهم. وأضاف: هذا ما دعانا لقبول العرض الوحيد المقدم لنا من شركة «آتنا» والتي اشترطت فرض رسم 100 دولار لكل زيارة لغرفة الطوارئ، و100 دولار لكل زيارة لعيادة أو مستشفى خارج نطاق شبكة «آتنا»، مع تحمل المبتعث التكلفة الإضافية في حال كانت تكلفة العلاج خارج المعدل الطبيعي. وأشار إلى أن الأوضاع سوف تتغير في العقد الجديد، واحتمالية حذف الـ 100 دولار المفروضة الآن على غرف الطوارئ، وذلك لدخول شركات منافسة للحصول على عقد الرعاية الطبية. وبسؤال مساعد الملحق الثقافي للشؤون الفنية الدكتور مساعد العساف حول هذا الفرق أوضح أن عقد الملحقية مع «آتنا» مختلف فهو يغطي المبتعث بنسبة 100 في المائة، ويختلف عن العقود المتعارف عليها في أمريكا. وأضاف أن المبتعثين المستفيدين من التأمين ينقسمون إلى ثلاثة أقسام. القسم الأول وهو المبتعث «فرد» وهذا تكلفته 739.25 دولار.. ومبتعث «شخصان» وتكلفتهما 1476.63 دولار.. ومبتعث «عائلة.. شخصان وطفل أو اكثر من طفل» 2217.60 دولار. وتساءلت «المدينة» عن سبب عدم أخذ صغر أعمار المبتعثين بعين الاعتبار كما هو متبع عادة في أمريكا، أوضح الدكتور مساعد العساف أن عقد الشركة جماعي وليس فرديًا وبالتالي لا يؤخذ العمر بعين الاعتبار، وأيضا العقد مبني على التكلفة الفعلية لعلاج المبتعث، مُوضحًا أن شركات التأمين عادة تبني حساباتها على تكلفة ومصروفات إدارية تصل تقريبًا إلى 95 في المائة، مما يعني أنها تحقق ربحًا من 3 إلى 5 في المائة بينما عقد «آتنا» يصل تكلفته ما بين 97 إلى 99 في المائة مصاريف. وبدوره قال المحامي علي الغامدي إن السفارات والملحقيات خارج المملكة تعتبر جهات حكومية للدولة وبالتالي ينطبق عليها نظام المنافسات والمشتريات الحكومي الصادر بمرسوم ملكي رقم م58 وتاريخ 4/9/1427 هـ ولائحته التنفيذية، وفي حال وجود تنظيم خاص بأداة نظامية دونه فيجب ألاّ يتعارض مع هذا النظام ولائحته التنفيذية. وحول ارتفاع تكلفة التأمين الطبي المقدم للمبتعث في العقد الحالي، أوضحت تقارير اقتصادية أمريكية أن متوسط معدل ارتفاع التأمين الطبي في أمريكا بلغ 3 في المائة لهذا العام، بينما ارتفع في عقد شركة «آتنا» 25 في المائة. عضور شورى: عقد شركة التأمين أمر به ريبة طالب عضو مجلس الشورى اللواء مهندس ناصر العتيبي، وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل بتشكيل لجان لتقصي الحقائق في العقود التي ابرمتها الملحقية الثقافية بالولايات المتحدة الامريكية، مع شركة التأمين الطبي «آتنا»، مُؤكدًا ان ارتفاع قيمة العقد 25 % خلال سنة واحدة «أمر به ريبة». وحمل العتيبي وزارة التعليم المسؤولية الكاملة حول هذا الجانب موضحًا ان الملحقية الثقافية بأمريكا تحتاج إلى تعديل وإصلاح. واشار الى ان عدد المبتعثين ومرافقيهم كبير، ما يجعل شركات التأمين الطبي هناك تسعى للمنافسة على العقد، بينما تقدم شركة واحدة للتأمين الطبي فقط للحصول على العقد أمر عليه استفهامات كثيرة. وجدد مطالبته لوزير التعليم بالتحقق في هذا الأمر لمعرفة الأسباب التي أدت إلى ارتفاع سعر التأمين بهذه النسبة الكبيرة، ومعرفة سبب عدم تقدم شركات التامين الاخرى في امريكا للحصول على العقد، مُطالبًا بمحاسبة المقصر أكان من الملحقية اومن المبتعثين الذين لم يستخدموا التأمين الطبي بالشكل الصحيح.
مشاركة :