معضلة حياتنا وشيوع استخدام الوسائط الرقمية

  • 10/3/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يقضي الشخص العادي ساعات طوالا منهمكا في استخدام الوسائط الرقمية. لقد أصبحنا لا ننام ساعات تماثل تلك التي نتصفح فيها فيس بوك ونقرأ ونكتب تغريدات على تويتر ونتكلم عبر الهواتف النقالة. واللافت للنظر هو نمو استخدامنا لها بصورة مطردة، واتساع دوائر ذلك الاستخدام بسبب سرعة التغيرات التي تطرأ عليها، وبسبب ارتباط تحولاتها بصناعة الاتصالات والمعلومات التي تتطور في عالمنا بشكل ملحوظ وبصورة يصعب رصدها. لقد أصبحت هذه «المهام العاجلة» التي ننفذها من خلال هذه الملهيات تستحوذ على اهتمامنا وتتحكم في تفكيرنا وتبدد جهودنا. نظن دائما أننا سننتهي حالا من تلك المهام العاجلة التي يغلب عليها الفكاهة والثرثرة، وأنه سيكون لدينا الوقت بعد ذلك لأداء المهام الهامة، مثل التعلم وإنجاز الأعمال وتربية الأبناء ومجالسة الأهل. لكن قوائم «المهام العاجلة» لا تنتهي أبدا، فما إن تنته إحداها حتى يبدأ غيرها في سلسلة تصاعدية تنهكنا وتضعف قدرتنا على أداء المهام الهامة، لأنها تفقدنا القدرة على التركيز بعمق كاف لإنجازها بصورة حسنة. يبلغ متوسط الفترة الزمنية التي يقضيها المواطن في المملكة على الانترنت 8 ساعات يوميا، بحسب إحدى الدراسات الحديثة، يمارس خلالها خمسة أنشطة، هي: الاستماع إلى محطات المذياع عبر الانترنت، ومشاهدة البرامج التليفزيونية عبر الانترنت، والاطلاع على الصحف الالكترونية، والدخول على مواقع التواصل الاجتماعي، والدخول على مواقع المدونات. هذه ليست مجرد مشكلة عابرة، إنها أزمة في الحياة وفي العمل. لقد أصبحنا أسارى لدى تلك الكيانات الرقمية بما يجعلنا غير قادرين على إعطاء حياتنا معنى. نحن بحاجة إلى إجراء تعديل كبير على الطريقة التي نبذل بها طاقاتنا. الواقع يقول إنه لا مهرب منها، ومن ثم فهو يفرض علينا أن نبذل ما في وسعنا لتحويل استخدامنا لها إلى شيء مفيد، خاصة بعد أن أصبحت ذات أثر بالغ على منظومة القيم والسلوكيات المجتمعية، وأداة مهمة من أدوات التغيير الاجتماعي. إن ما تقوم به بعض مؤسسات التعليم العالي من تطويع تلك الكيانات لخدمة العملية التعليمية، وما تقوم به بعض الشركات من توظيف لها من أجل خلق مزيد من الفرص، ولتبادل المعلومات ولزيادة التواصل بين العاملين، وكذا للتحاور مع العملاء ولمد جسور مع الجديدين منهم، وذلك من خلال وضع سياسات محددة لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي ولتدريب الموظفين على هذا الاستخدام؛ هي من طرق استخدامها لأداء المهام الهامة. كما أن استخدامها في توجيه الشباب وتوطيد انتمائهم الوطني وتعزيز روح الوحدة والولاء في نفوسهم بما ينعكس على أقوالهم وأفعالهم تجاه الوطن والمجتمع؛ هو توجه محمود قد يحد من أضرارها. كان الله في عوننا. لقد أصبح من الصعوبة بمكان أن نتكهن بمستقبلنا مع هذا التصاعد المطرد في استخدام تلك الكيانات الرقمية.

مشاركة :