تباطؤ الاقتصاد الأمريكي يثير القلق بشأن احتمال دخوله دائرة الركود

  • 10/3/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

مع فقدان الاقتصاد الأمريكي لسرعة نموه، بات السؤال، الذي يشغل بال المحللين الاقتصاديين هو: إلى أي مدى سيتباطأ أكبر اقتصاد في العالم؟ وإلى أي مدى سيتمكن من الإفلات من دائرة الركود؟ وعلى الرغم من أن انخفاض معدل نمو الاقتصاد إلى أقل من 2 في المائة، يستخدم عادة كمؤشر على انكماش قادم للاقتصاد، فإن بعض الاقتصاديين يرون أن الاقتصاد الأمريكي يمكنه النمو بما يراوح بين 1 في المائة و1.5 في المائة دون أن يسقط في دائرة الانكماش. وبحسب "الألمانية"، تراجع ما يسمى "سرعة التهاوي" للاقتصاد الأمريكي بعد ظهور بيانات مؤشر نشاط قطاع التصنيع الأمريكي أمس الأول، الذي سجل أقل مستوى له منذ نحو عشرة أعوام. في الوقت نفسه، ما زال مجلس الاحتياط الاتحادي "البنك المركزي" الأمريكي يتعرض للضغوط من أجل خفض أسعار الفائدة لتعزيز نمو الاقتصاد، في حين يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تحديات اقتصادية خطيرة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المنتظرة بعد نحو عام من الآن. وتعبير "سرعة التهاوي"، مستمد من عالم الطيران، ويشير إلى فقدان أجنحة الطائرة على توليد الطاقة اللازمة لاستمرار التحليق إلى أعلى، في حين أنها تكون قادرة على استمرار التحليق عند المستوى القائم، مع احتمال هبوطها فيما بعد. وبحسب وكالة "بلومبيرج" للأنباء، فإن استمرار أطول فترة نمو متصلة في تاريخ الاقتصاد الأمريكي سيتوقف على استمرار قدرة المستهلكين الأمريكيين على الإنفاق بما يعوض التراجع في أداء قطاع التصنيع على خلفية الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وقال ستيفن جالار، كبير خبراء الاقتصاد الأمريكي في مجموعة "سوسيتيه جنرال"، إن "فكرة سرعة توقف الاقتصاد أصبحت اليوم، وبشكل مفاجئ أكثر أهمية مما كانت عليه في أغلب أيام فترة نمو الاقتصاد .. فالاقتصاد الأمريكي يسير بمحرك واحد وهو المستهلكون". من ناحيته، ذكر أولريش ليوشتمان، خبير أسواق الصرف في "كوميرتس بنك" الألماني في تقرير للعملاء أمس أن "موضوع سرعة التوقف أصبحت شأنا عاما"، وهو ما يمكن أن يهدد الطلب على الأصول المالية الأمريكية. ويحدث هذا عندما يتراجع المستهلكون والشركات عن خططهم للإنفاق في مواجهة ضعف الأداء الاقتصادي. وأوضح إيريك لاسيلز، كبير المحللين الاقتصاديين في مؤسسة "آر.بي.سي جلوبال أسيت مانجمنت" لإدارة الأصول "عندما يصبح اللاعبون الاقتصاديون قلقين بشكل كاف، سواء كان القلق مبررا أم لا، فإن حدوث تباطؤ اقتصادي معتدل يمكن أن يصبح أسوأ بسهولة". وتراجعت النظرة المستقبلية للنمو الاقتصادي، بالفعل، حيث تراجع قطاع التصنيع إلى دائرة الركود خلال النصف الأول من العام الحالي، كما هبط الإنفاق الاستثماري وتراجعت وتيرة نمو الوظائف ويتوقع المحللون نمو الاقتصاد الأمريكي بمعدل 1.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال العام المقبل. وتشير بيانات نمو إجمالي الناتج المحلي الأمريكي منذ أربعينيات القرن العشرين، إلى أنه عند انخفاض معدل النمو الحقيقي إلى أقل من 2 في المائة، فإن الاقتصاد ينتقل من دائرة النمو البطيء إلى دائرة الركود، بحسب لاسيليز، المحلل الاقتصادي الذي يتوقع وغيره من المحللين نجاح الاقتصاد في تجنب التراجع بهذه السرعة. وتعني "سرعة التهاوي" المنخفضة أن النمو يمكن أن يتباطأ، في حين يمكن تراجع وتيرة نمو الوظائف، مع إمكانية استمرار النمو. وتراجعت "سرعة التهاوي" بنسبة كبيرة نتيجة تراجع المعدل المحتمل للنمو الاقتصادي، وهذان المفهومان مرتبطان، فالنمو المحتمل هو الوتيرة، التي يمكن أن ينمو بها الاقتصاد دون ارتفاع معدل التضخم. حتى الآن يرى مجلس الاحتياط الاتحادي أن معدل النمو المحتمل هو 1.9 في المائة. في المقابل، تتراجع أيضا توقعات مكتب الموازنة التابع للكونجرس، بالنسبة لمعدل النمو المحتمل بمرور الوقت، وتراجع هذا المعدل، في ظل التغيرات الديمواجرافية مثل تباطؤ نمو السكان وتراجع معدل نمو إنتاجية العمالة. ويوضح ميشيل جابن، كبير المحللين الاقتصاديين في بنك "باركليز" البريطاني أن "المشكلة الآن هي أنه إذا تراجع معدل النمو المحتمل، فإن ما يعد نموا سريعا اليوم، يختلف تماما عما كان عليه الحال منذ 40 عاما". ومنذ نهاية الركود، الذي أصاب الاقتصاد الأمريكي عام 2009، زاد إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة بنحو النصف، كنسبة مئوية مثلما حدث خلال فترة النمو، التي امتدت من 1991 إلى 2001، التي كانت ثاني أطول فترة نمو في تاريخ الاقتصاد الأمريكي. وما زال معدل نمو الأجور ضعيفا، والتضخم ما زال أقل من المعدل، الذي يستهدفه مجلس الاحتياط الاتحادي وهو 2 في المائة. ويتوقع كارل ريكادونا ويلينا شولياتيفا، المحللان الاقتصاديان في وكالة "بلومبيرج" للأنباء "أن يكون نمو الاقتصاد الأمريكي في وضع "سرعة التهاوي" بين 1.4 في المائة و1.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي سنويا.. وإذا جاء المعدل أقل من ذلك، فإن وتيرة نمو دخل المستهلكين ستتراجع إلى المستوى، الذي يجعل المستهلكين غير قادرين على تحمل عبء حالة النمو". وفي حين يتوقع أغلب المحللين استمرار معدل نمو الاقتصاد الأمريكي خلال العام المقبل فوق مستوى "سرعة التهاوي"، فإن يواكيم فيس وأندرو بولز من مؤسسة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" يتوقعان تباطؤ النمو إلى نحو 1 في المائة خلال النصف الأول من العام المقبل. وأضاف المحللان أنه "في حين لا يمثل ركود الاقتصاد قاعدة تفكيرنا الأساسية، فإن الأمر لن يستغرق وقتا طويلا حتى يتجه الاقتصاد، الذي يتحرك بسرعة التهاوي نحوه". وعلى الرغم من أن تراجع "سرعة التهاوي"، يعني أن الاقتصاد يمكنه مواصلة النمو بوتيرة أهدأ، دون أن يصل حتما إلى الركود، فإن البناء السيئ هو أن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة أقل عرضة لمخاطر هذا الركود.

مشاركة :