تعتبر صناعة الأزياء واحدة من أكثر القطاعات المسببة للتلوث بالعالم، حيث تساهم في توليد 20 في المئة من مياه الصرف الصحي، كما تتسبب بنحو 10 في المئة من انبعاثات الكربون، ويقدّر بأن يزداد هذا المستوى إلى 25 في المئة بحلول 2050 . ووفقاً لبيانات، فإن مكبات النفايات في بريطانيا وحدها تستقبل سنوياً 300 ألف طن ملابس ما يشكل عبئاً كبيراً على البيئة.وبحسب تقرير نشره موقع «The conversation»، فإن نموذج عمل الموضة السريعة، والذي تم تطويره للمرة الأولى في أوائل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، المسؤول عن زيادة طلب المستهلكين بكميات كبيرة على الملابس منخفضة الجودة، مبيناً أن تصميم العديد من منتجات الأزياء والمصنعة يتم خصيصاً لملكية قصيرة الأجل والتي يتخلص منها في وقت سابق لأوانه. وفي الوقت الذي نجد فيه انخفاض جودة الملابس إلى جانب التكاليف، أوضح التقرير أن مستويات الاستهلاك المتزايدة لمنتجات الأزياء ذات الإنتاج الضخم تؤدي إلى زيادة استهلاك الموارد الطبيعية، كما تفرض الظروف التي تزيد من شهية المستهلكين الدائمة للملابس، ضغوطاً اجتماعية وبيئية كبيرة على سلسلة التوريد التصنيعية.وتعتبر مستويات استهلاك الأزياء في المملكة المتحدة الأعلى في أوروبا، حيث تبلغ 26.7 كيلو غرام للفرد، مقارنة مع معدل استهلاك يبلغ 16.7 في ألمانيا، و16 بالدنمارك، و14.5 في إيطاليا، و14 بهولندا، و12.6 كيلو غرام في السويد.وأوضح التقرير أن ماركات الأزياء والشركات المصنعة تُظهر اعترافاً مبدئياً بالحاجة إلى التغيير إزاء هذا الوضع، مبيناً أن العديد من قطاعات السوق المختلفة في عالم الأزياء، لا سيما تلك التي تتواجد في الشوارع التجارية الرئيسية، تتخذ في الوقت الراهن إجراءات متزايدة، لكنها محافظة للغاية.وتشير تقارير الأمم المتحدة الأخيرة إلى أن أمامنا 11 عاماً للحيلولة دون حدوث أضرار لا رجعة فيها من جراء تغير المناخ، ومن المشكوك فيه أن التغييرات الصغيرة المتزايدة التي تقوم بها العلامات التجارية ستفعل ما يكفي للإسهام بشكل كبير في مكافحة تغير المناخ، لذلك هناك حاجة لمزيد من الضغط من المستهلكين ومجموعات الحملات.وبحسب تقرير «The conversation»، فإن ماركات الأزياء ليست الوحيدة التي لديها القدرة على إحداث التغيير، فالمستهلكون أيضاً يمتلكون نفوذاً. ومع افتتاح أسبوع الموضة في لندن، عززت الاحتجاجات والمظاهرات الكبيرة التي تبرز مساهمة الأزياء في تغير المناخ، التأثير الذي يمكن أن يحدثه المستهلكون على زيادة الوعي العام بالقضايا البيئية.ويمكن أن يشجع تغيير السلوك الذي يحركه المستهلك العلامات التجارية على تكييف ممارساتها نحو مستقبل أكثر استدامة لصناعة الأزياء.ووفقاً للتقرير، فإنه في حال حدوث تغيير حقيقي، فيجب أن يبدأ المزيد من الناس في اتباع نهج استباقي والتصرف في عكس قيمهم الأخلاقية، مبيناً أن حدوث تغييرات صغيرة في نمط الحياة يمكن أن تخلق تأثيراً مستداماً كبيراً.وفي هذا السياق، قدّم التقرير 4 نصائح يتوجب على المرء مراعاتها قبل شراء أي ملابس جديدة، منها التفكير في الخيارات البديلة، والتي تتضمن استخدام ما لدينا من ملابس، أو الاستعارة، أو المبادلة، أو التوفير، أو حتى عبر صنع الملابس يدوياً، لافتاً إلى أهمية اعتبار شراء ملابس جديدة الخيار الأخير.وأضاف التقرير «كما أننا بحاجة إلى التفكير في المكان الذي نتسوق فيه، حيث إن كل عملية شراء تعمل بشكل فعال بمثابة تصويت تجاه ممارسات العلامة التجارية. ومن خلال إجراء قدر صغير من البحث في القيم المسؤولة للشركة، يمكننا البدء في اتخاذ قرارات مستنيرة في شأن سلوك التسوق لدينا، وسيضمن ذلك أن يعكس المتجر الذي اخترته معتقداتك الشخصية».وعلى سبيل المثال، إذا كنت تريد أن تعرف من أين تأتي الأزياء الخاصة بك، فأنت بحاجة إلى اختيار علامة تجارية شفافة ومفتوحة حول سلسلة التوريد الخاصة بها، تخبر العلامات التجارية مثل «Community Clothing»، المتسوقين بالتحديد أين تم الحصول على المواد الخام، ومن أين تم إنتاج الغزل وحتى من أين تم تصنيع الملابس، وبالمثل، إذا كنت تريد بالتحديد اتخاذ إجراء ضد نفايات البلاستيك في المحيطات، فقد تكون علامة تجارية مثل «Ecoalf» مناسبة لك.من جانب آخر، أشار التقرير إلى أن سوق الملابس المستعملة تعيش في الوقت الراهن حالة انتعاش، لا سيما وأنه ينظر إليها على أنها وسيلة تسوق فردية وفعالة من حيث التكلفة، إضافة إلى التفكير في المكان الذي نشتري فيه ملابسنا، يجب علينا أيضاً النظر في خيارات نهاية العمر لعناصر الأزياء لدينا. وتشير التقديرات إلى أن ما قيمته 140 مليون جنيه إسترليني من الملابس تذهب إلى مكب النفايات في كل عام، وهي تحوي العديد من الألياف الاصطناعية، مما يعني أنه يمكن أن يستغرق الأمر ما بين 20 إلى 200 عام لتتحلل.وأوضح التقرير أن المتسوقين يتمتعون اليوم بنفوذ وقدرة أكبر على إحداث التغيير أكثر من أي وقت مضى، حيث تتيح منصات التواصل الاجتماعي التعبير بسهولة عن الشكاوى والمخاوف، وفي الوقت نفسه، دفع ظهور نموذج أعمال الاقتصاد الدائري مرة أخرى المستهلكين إلى القيام بدور أكثر نشاطاً في إحداث التغيير.
مشاركة :