بعد الإضراب العام في البلدات العربية وانضمام شاب آخر إلى قافلة القتلى من ضحايا العنف والجريمة، أعلنت قيادة الشرطة الإسرائيلية عن حالة طوارئ لمكافحة عصابات الإجرام. وأعلن وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، عن «تغيير جوهري في معالجة الظاهرة الخطيرة»، وقال إن الشرطة ستتعامل مع ممارسي العنف في صفوف العرب بإسرائيل (فلسطينيو 48)، كما تتعامل مع تنظيمات الإرهاب. وبعد أن كان أردان قد هاجم القيادات السياسية العربية وحملها المسؤولية عن هذا العنف، زاعماً أنهم «مشغولون بزيارة الأسرى في السجون، وبالقضية الفلسطينية، ويهملون قضايا مجتمعهم»، ورفض في حينه السماح لقادة جهاز الشرطة بلقاء أعضاء الكنيست العرب للتباحث في سبل مكافحة العنف، أعلن في مؤتمر صحافي أمس، أنه وافق على لقاء كهذا سيجري ترتيبه في القريب. وتبين أن أردان أراد عقد مثل هذا اللقاء، أمس، إلا إن قادة الأحزاب العربية رفضوا لقاءه. وقال النائب منصور عباس، رئيس لجنة مكافحة العنف في «القائمة المشتركة»، إن أردان يحاول تنفيس غضب الشارع. وأضاف أن النواب العرب مستعدون للقائه ولقاء قيادة الشرطة للبحث في خطة تفصيلية مهنية؛ «وسنعمل على ترتيب لقاء كهذا في الأسبوع المقبل»، على حد قوله. وكانت البلدات العربية في إسرائيل قد شهدت إضراباً عاماً عن العمل والتعليم والحياة التجارية، أمس الخميس، وخرج عشرات الآلاف منهم إلى الشوارع في مسيرات ومظاهرات شعبية رافعين شعارات الاحتجاج على الجريمة وعلى تقاعس الشرطة الإسرائيلية في معالجتها. وفي خضم هذه المظاهرات، توفي أحد جرحى الاعتداء بالرصاص على أفراد عائلة واحدة من بلدة مجد الكروم؛ محمد يونس سبع (26 عاما). وارتفع بذلك عدد القتلى في حادثة واحدة إلى 3؛ اثنان منهم شقيقان، أحمد وخليل سامي مناع (30 و23 عاماً). وبذلك، يكون عدد ضحايا جرائم القتل والعنف الداخلي في المجتمع العربي بإسرائيل 72؛ بينهم 11 امرأة منذ مطلع العام الحالي 2019 حتى اليوم، علما بأن عدد القتلى في سنة 2018 بلغ 76 ضحية عربية؛ بينهم 14 امرأة. ومع أن العرب في إسرائيل يشكلون نسبة 18 في المائة من السكان، فإن عدد ضحايا جرائم القتل عندهم يصل إلى 60 في المائة من عدد ضحايا القتل عموماً. ومن سنة 2000 حتى اليوم، وصل عدد القتلى إلى 1355 قتيلاً. وفي ثلثي هذه الحوادث، لم تفك الشرطة رموز الجرائم وما زال القتلة أحراراً. وتفيد تقديرات الشرطة بأن هناك أكثر من 100 ألف قطعة سلاح غير مرخصة بين أيدي مواطنين عرب، ومصدر هذه الأسلحة الأساسي هو المسروقات من الجيش الإسرائيلي. وقد اعترف اللواء جمال حكروش، عضو رئاسة أركان الشرطة الإسرائيلية، الذي عين مؤخراً رئيساً لدائرة مكافحة العنف في المجتمع العربي، بتقصير الشرطة في هذا المجال. وقال أمس: «أنا لا أريد أن أتهرب من المسؤولية. لدينا تقصير كبير. ونتحمل مسؤولية عنه. ولكننا نتجه الآن لمكافحة الجريمة، ولكي يحدث ذلك ينبغي على قيادة جمهورنا العربي أن تعترف مثلنا بمسؤوليتها، وعلينا جميعاً أن نتعاون لوضع حد لهذه الجرائم». وقال حكروش، الذي يعدّ أول ضابط شرطة مسلم يصل إلى درجة لواء في الشرطة الإسرائيلية، إن «خطة الطوارئ التي أقرت (أمس) لمواجهة العنف في المجتمع العربي، تشتمل على 10 بنود أساسية؛ بينها: تجفيف مصدر الأسلحة، حيث يوجد تعاون مع الجيش الإسرائيلي الآن لمنع سرقة الأسلحة وتشديد العقوبات على الجنود اللصوص وزبائنهم، ومحاربة ظاهرة (الأتاوى) والخاوة في المجتمع العربي، ومحاربة عصابات الإجرام العاملة في البلدات العربية، وزيادة طواقم التحقيق لرفع نسبة فكّ رموز الجرائم، وتخفيض عدد القتلة الذين يتجولون أحراراً». وقال النائب منصور عباس إن ظاهرة العنف باتت تهدد السلام الداخلي لـ«فلسطينيي 48»؛ «وعلى جميع القوى المجتمعية عندنا أن تتجند لمكافحتها. ولكن إهمال الشرطة الإسرائيلية لم يعد يحتمل. وفي عهد الوزير أردان بالذات هناك قفزة هائلة في عدد الجرائم والضحايا، وهذا دليل فشل كبير؛ عليه أن يدفع ثمنه السياسي».
مشاركة :