أزمة الروهنغيا.. متلازمة بيروت في كوكس بازار

  • 10/4/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لم يستطع العديد من المضيفين إخفاء استيائهم بعد فشل محاولة إعادة جزء من لاجئي الروهنغيا إلى بلدهم ميانمار في 22 أغسطس/آب الماضي. وبينما كانت الأقلية المسلمة تبدي سعادتها لعدم ترحيلها إلى ميانمار، أدركت بنغلاديش أن فرص إعادة الروهنغيا إلى بلادهم في وقت قريب أصبحت محدودة للغاية. وترفض أقلية الروهنغيا، التي لا يتمتع أفرادها بجنسية أي دولة وتجازوت أعدادها أعداد السكان المحليين في بنغلادش، العودة طوعاً إلى ميانمار قبل الحصول على حق المواطنة الكاملة هناك، وضمان الدولة لأمنهم وحق ملكيتهم لأراضيهم. وفي ظل هذه التطورات، شددت السلطات (البنغالية) سياساتها تجاه الروهنغيا، بينما بدأت مشاعر العداء تجاههم تنتشر بين السكان المحليين. وارتفعت حدة التوتر في المجتمع البنغالي، بعد مقتل أحد الزعماء المحليين على يد من قيل أنهم مجموعة من الروهنغيا في 23 أغسطس الماضي. وعلى الجانب الأخر، قتل 4 لاجئين من الروهنغيا بعد واقعة مقتل الزعيم المحلي، في حادثة وصفتها قوات الأمن بأنها "إطلاق نار عرضي". وحسب تقارير رسمية، قتل 10 من الروهنغيا على الأقل في حوادث مشابهة، خلال الشهر الماضي. ** متلازمة بيروت الأوضاع التي يعيشها الروهنغيا في بنغلاديش تشبه التجربة التي مر بها اللاجئون الفلسطينيون في العاصمة اللبنانية، حيث اشتبكت بعض المجموعات اللبنانية مع الفلسطينيين، لتتحول بيروت، المدينة التي كانت في أحد الأيام مليئة بالحياة مثل الدار البيضاء المغربية ودبي الإماراتية، إلى مدينة جريحة. وقتل نحو 3 آلاف و 500 مدني معظمهم من اللبنانيين والفلسطينيين في مجزرتي صبرا و شاتيلا اللتين ارتكبهما مسلحين من أحزاب لبنانية وعناصر من الجيش الإسرائيلي خلال اجتياحه العاصمة بيروت عام 1982. وخلال تلك الفترة، تم إخراج قوات الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات من بيروت بعد حصار القوات الإسرائيلية للمدينة. واستضافت منطقة كوكس بازار وهي بلدة ساحلية بنغالية، تقع على الحدود مع ميانمار، على سفوح تلالها عشرات الآلاف من لاجئي الروهنغيا الهاربين من المجازر في بلدهم. وتدفقت موجات سابقة من لاجئي الروهنغيا إلى بنغلادش في الأعوام 1978 و1992 ولكن العديد منهم لم يغادروها. ويتجاوز عدد لاجئي الروهنغيا المتواجدين في كوكس بازار، المقدرين بنحو 1.1 مليون، عدد اللاجئين الفلسطينيين الذي نزحوا إلى لبنان بين العامين 1948 و1982 بنحو الضعف. وفي السياق، قال "نور الكبير" عضو مجلس اتحاد راجابالونغ في منطقة أوخيا، التي تستضيف معظم مخيمات لاجئي الروهنغيا: "لقد أصبحت منطقتنا مزدحمة، وارتفعت أسعار السلع الأساسية وتأثرت معيشتنا بشكل كبير بعد موجة النزوح". واتهم البعض الروهنغيا بتدمير الغابات والتلال، وكذلك بزيادة عدد المركبات في المنطقة، فيما أطلق البعض الآخر حملة "لإنقاذ كوكس بازار من المتسللين". ** استياء رسمي بدوره، أعرب وزير الخارجية البنغالي أبو الكلام عبد المؤمن عن استيائه من انتكاسة المبادرة السياسية، برعاية صينية، من أجل إعادة الروهنغيا إلى أراضيهم بسبب مخاوف اللاجئين من تعرضهم للقمع في بلادهم. وقال "عبد المؤمن" في تصريح لعدد من الصحفيين: "يجب على الروهنغيا أن يعودوا.. نريد أن يتحسن الوضع هناك، هدفنا هو إعادتهم إلى وطنهم، وسنقوم باتخاذ إجراءات في حال أعاق أي طرف عملية الإعادة". وأوقفت حكومة حزب "رابطة عوامي" الحاكم ، عمل 41 منظمة غير حكومية تدير عمليات في مناطق مخيمات الروهنغيا، إثر تعرض هذه المنظمات لاتهامات بتعطيل عملية محاولة إعادة اللاجئين الأخيرة بعد فشل محاولة سابقة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018. ومنذ الحملة العسكرية التي شنتها السلطات الميانمارية في أغسطس/ آب 2017 على قرى الروهنغيا في إقليم أراكان (غرب)، تدفق حوالي 730 ألف من الروهنغيا إلى بنغلادش. واعتقلت سلطات بنغلادش نحو ألف و100 لاجئ من المخيمات على خلفية تهم جنائية مختلفة. ** مساعي حقوقية دعت "هيومن رايتس واتش" الحقوقية (مقرها نيويورك) دكّا إلى رفع القيود التي فرضتها على حرية حركة الروهنغيا. وقال مدير المنظمة التنفيذي والمسؤول عن منطقة آسيا بالمنظمة، براد آدمز، في 7 سبتمبر/ أيلول الجاري: "على السلطات البنغالية أن تتبع مقاربة متزنة بدل المبالغة في رد الفعل على التوترات والاحتجاجات وعزل لاجئي الروهنغيا في مخيمات". وبيما تواجه بنغلادش صعوبات في إعاشة لاجئي الروهنغيا، تظهر الأرقام الرسمية ولادة 100 طفل روهنغي تقريبا يومياً في الأراضي البنغالية. من جهته، أعرب مفوض الحكومة البنغالية المعني بشؤون اللاجئين والإغاثة والإعادة، محمد أبو الكلام، عن أسفه كون المجتمع المضيف ضاق ذرعاً باللاجئين، نتيجة أعباء الحياة التي يرزح تحتها والضغط الذي شكله وجود اللاجئين. وأضاف في تصريحات إعلامية أمام وفود أجنبية مؤخراً: "هؤلاء النازحون بحاجة للإعاشة، لا يمكننا تحملهم لفترة مفتوحة الأمد". ...................** مقال لـ"خوازا معين الدين"، صحفي مقيم في العاصمة البنغالية دكّا، يحمل شهادة ماجستير في الصحافة والعلاقات الدولية، وحائز على عدة جوائز منها جائزة الأمم المتحدة لتطوير أهداف الألفية، وجائزة صحفيي آسيا النامية، وجائزة برنامج الغذاء العالمي. ** الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن السياسة التحريرية لوكالة الأناضول. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :