في مثل هذا اليوم، 4 أكتوبر 1853، اندلعت حرب القرم بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية، وانتهت حرب القرم في 30 مارس 1856، بتوقيع اتفاقية باريس وهزيمة الروس بعد نحو عامين من الحرب والعودة إلى حدود ما قبل الحرب، بما فيها انسحاب روسيا من ولايتي الأفلاق والبغدان، وكذلك حماية فرنسا للأماكن المقدسة واستمرت حتى 1856م.واندلعت حرب القرم بعد الخلاف حول رعاية وحماية كنيسة القيامة وسائر المقدسات المسيحية في القدس، فبموجب الامتيازات والاتفاقيات العثمانية تتولى فرنسا والكنيسة الكاثوليكية مهام الحماية والرعاية في الأماكن المقدسة غير أن ما طرأ من فوضى في فرنسا إبان الجمهورية الثانية، مكن روسيا والكنيسة الأرثوذكسية من إدارة قسم من الأملاك بحكم الأمر الواقع.وحينما أصبح نابليون الثالث امبراطورًا على فرنسا، طالب بالامتيازات القديمة وأقر السلطان له بالأمر في 6 فبراير 1852، ما أثار اعتراض روسيا واحتلت ولايتي الأفلاق والبغدان، وهما ولايتين عثمانيتين في أوروبا الشرقية ذاتا أغلبية مسيحية وأرثوذكسية؛ فبدأت الاشتباكات الروسية - العثمانية في 3 نوفمبر 1853 وتزامنًا مع سيطرة العثمانيون على قلعة القديس نيكولا في الجانب الروسي من الحدود القفقاسية.بدأت الحرب العثمانية الروسية في 3 يوليو 1853، وكان مسرحها الأول في أوروبا بمنطقة البلقان، حيث قام حوالي 35 ألف جندي روسي باحتلال رومانيا التي كانت تابعة آنذاك للدولة العثمانية، وأبلغت روسيا الدول الأوروبية أنها لن تدخل في حرب شاملة ضد الدولة العثمانية، وأن مافعلته إجراء وقائي لحين اعتراف السلطان العثماني بحقوق الأرثوذكس في كنيسة القيامة في القدس، وأنها سوف تنسحب فور هذا الاعتراف.قامت الدولة العثمانية وروسيا بحشد قوات ضخمة على جبهات القتال، وعلى جبهتي الدانوب والقوقاز، واستطاع القائد العثماني عمر باشا أن يلحق هزيمة كبيرة بالروس على نهر الدانوب، وأن يدخل رومانيا، وفي جبهة القوقاز ساند الزعيم الشيشاني الإمام شامل القوات العثمانية أثناء القتال ضد الروس.أرادت الدولة العثمانية دفع بريطانيا وفرنسا إلى دخول الحرب إلى جوارها، ودبرت إرسال مجموعة من قطع الأسطول البحري العثماني القديمة إلى ميناء سينوب على البحر الأسود، وهي تدرك أن هذه السفن لابد أن يهاجمهما الروس .وبالفعل هاجم الروس هذه السفن وتم إغراقها جميعا، وتمكنت روسيا من تدمير الأسطول العثماني في واقعة سينوب، واستشهد حوالي ألفي جندي عثماني، وأثارت هذه المعركة قلقا في الأوساط في لندن وباريس.وعرض الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث الوساطة لإنهاء القتال بين العثمانيين وروسيا، إلا أن القيصر الروسي رفض ذلك، فبادر نابليون الثالث بالاتفاق مع بريطانيا ضد القيصر، وقبلت لندن العرض الفرنسي بحماسة شديدة، وغادر سفيرا لندن وباريس مدينة سانت بطرسبرغ الروسية في 6 فبراير 1854، وتم عقد معاهدة إستانبول في 12 مارس 1854، بين الدولة العثمانية وبريطانيا وفرنسا، ونصت على ألا تعقد أي دولة من هذه الدول صلحا منفردا مع روسيا، وأن يتفاهم قواد الدول الثلاث في الحرب ضد روسيا، وأن تكون الوحدات الإنجليزية والفرنسية والسفن التابعة لهما في إسطنبول خاضعة للقوانين العثمانية.أعلنت فرنسا وبريطانيا الحرب على روسيا في 27 مارس 1854 م، ونشبت معارك ضخمة في عدة جبهات أثناء حرب القرم، إلا أن أهم هذه المعارك كانت معركة سيفاستوبول التي خاضتها الدول الثلاث للقضاء على القوة البحرية الروسية في البحر الأسود، حيث كان القاعدة البحرية لروسيا في شبه جزيرة القرم واستمرت المعركة قرابة العام، قتل خلالها حوالي 35 ألف جندي، وعدد من القادة الكبار من كلا الجانبين، حتى انتهى الأمر بسيطرة الدول الثلاث على الميناء في 9 مايو 1855.في هذه الأثناء توفي القيصر الروسي نيكولاي الأول، وخلفه في الحكم ابنه ألكسندر الثاني الذي شعر بعدم قدرة بلاده على مواصلة الحرب، فقرر التفاوض للسلام، خاصة بعد المذكرة التي تقدمت بها النمسا لروسيا وحذرتها فيها من أن دولا أوروبية أخرى قد تدخل الحرب ضدها.
مشاركة :