أَعلن البيت الأبيض أن (قمة كامب ديفيد) التي ستجمع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والرئيس الأمريكي باراك أوباما ستُعقد في (13- 14 مايو)الحالي، أي بعد انعقاد القمة الخليجية التشاورية التي ستُعقد (اليوم) الخامس من مايو، وهي قمة خليجية تُعقد سنويا في منتصف العام دون جدول أعمال، يتبادل خلالها قادة دول المجلس أهم التطورات الخاصة بالعمل الخليجي المشترك والمستجدات على الساحة السياسية والتهديدات والمخاطر التى تحدق بالمنطقة. بالنسبة لقمة اليوم فهي تعقد في ظروف استثنائية وذلك نظرا لما تمر به دول مجلس التعاون من مستجدات وتطورات متسارعة تهدد أمنها واستقررها من أهمها: - أنعكاسات الاتفاق النووي بين مجموعة 5+1 وايران وتداعياته على المنطقة. - الازمة اليمنية التي تصر ايران على استمرار الصراع في اليمن على الرغم من صدور قرار مجلس الامن الدولي 2216 (تحت الفصل السابع) الا ان السؤال المطروح: هل سيطرح الأمريكيون بوضوح موقفهم من ايران ودورها القادم في المنطقة؟ ماهو التصور الامريكي لمستقبل منطقة الخليج العربي بعد الاتفاق ورفع الحصار الاقتصادي عن ايران؟ كيف سيتم التعامل مع ملف الارهاب خاصة وان ايران تعتبر دولة ارهابية ترعي وتدعم الارهاب في المنطقة ومناطق شتى من العالم؟ من جانب آخر، إن كل ما اخشاه ان تكون هذه القمة ومدرجة وضمن البرنامج الانتخابي والدعاية للجمهوريين للانتخابات الرئاسية القادمة ووسيلة صغط يريد ان يستغلها الرئيس اوباما لاقناع الكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون لتمرير الاتفاق النووي مع ايران، خاصة بعد اعلان البيت الأبيض في بيانه الذي نُشر في (17 أبريل 2015م) بأن القمة الخليجية الأمريكية ستكون فرصة لمناقشة سبل تعزيز الشراكة بين الولايات المتحدة والدول الخليجية الست، وتعميق التعاون الأمني لحل الصراعات المتعددة التي تسبَّبت في كثير من المشقة وعدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كما سيتم مناقشة الاتفاق الإطاري النووي الذي تم التوصل إليه بين القوى الدولية مع إيران، والذي يهدف إلى منع إيران من الحصول على قدرات لتصنيع قنبلة نووية والحَد من تخصيب اليورانيوم مقابل التخفيف التدريجي للعقوبات الاقتصادية عليها. وارى إن على قادة دول المجلس المجتمعين اليوم بالرياض ،بعد ان يحسموا امرهم في مستوى الحضور للقمة الخليجية الامريكية والذي اعتقد بأنه سيكون على مستويات متفاوتة، الاخذ في الاعتبار الأمور التالية في المباحثات التي ستجرى في كامب ديفيد: (١) تاريخ طويل من الصداقة التاريخية المشوبة بالحذر في الفترة الاخيرة نظرا لما يضللها من سحب قاتمة خلفتها تداعيات الربيع العربي في 2011 والنوايا الامريكية بتغيير انظمة الحكم القائمة في المنطقة تحت شعارات حماية حقوق الانسان ، بأستثناء ايران التي لم تكن في قائمة التغيير على الرغم من انها تعتبر من اكثر الدول خرقا لمبادئ حقوق الانسان ودعما وتمويلا للارهاب في العالم، وهذا يعكس بصورة واضحة بأن السياسة الامريكية ومنذ سقوط صدام قد سلمت المنطقة لإيران، كما لم تحرك ساكنا في سوريا على الرغم من المعاناة التي يتعرض لها الشعب السوري منذ اربع سنوات ، كل ذلك يأتي على خلفية الصدمة التي اصابت الكبرياء الامريكي من الارهاب العربي السني الذي غزاهم في عقر دارهم في عام 2001. (٢) عاصفة الحزم ونتائجها في اعادة التوازنات والحسابات السياسية القائمة وفتح صفحة جديدة في المنطقة العربية وانعكاساتها الإيجابية بإستعادة الروح والمعنويات والثقة لدى الانسان العربي وتطلعه الى مستقبل اكثر اشراقا. (٣) أنتشار الجماعات الإرهابية المتطرفة في المنطقة العربية، التي أخذت أبعاداً مختلفة في عالميتها وانتماءاتها، واستشرت في المنطقة بصورة أكثر وحشية وضراوة بظهور تنظيم داعش وغيره كالقاعدة وحزب الله اللبناني وفروعه في البحرين وسوريا واليمن، وما سبَّبه ذلك من تهديد خطير للأمن والاستقرار وتشويه صورة الاسلام والمسلمين وقضائه على كل قيم التسامح والاعتدال. لذلك فإنه ومهما تكن نتائج قمة كامب ديفيد وتأثيرها على إعادة رَسم التوازنات والمصالح في منطقة الشرق الأوسط، فإن على دول مجلس التعاون ان (تبرم اتفاقا) مع الجانب الامريكي يؤكد بأن امن دول المجلس لا يمكن المساومة عليه مع ايران كأحد نتائج الاتفاق النووي الذي سيوقع في يونيه القادم والاتفاق على الوقوف بحزم أمام الاطماع الإيرانية التوسعية في المنطقة العربية التي تعتبر عقيدة فارسية متجذرة ومتجددة، تؤكدها الشواهد التاريخية لساسة ايران بتصدير مبادئ ثورة الخميني وإقامة الحزام الشيعي الذي يضم العراق وسوريا ولبنان واليمن، والطلب من الجانب الامريكي ان يضغط على ايران لحل قضية احتلالها للجزر الاماراتية الثلاث اما بالمفاوضات الثنائية او التوجه الى محكمة العدل الدولية كركن أساسي سوف يساعد على ازالة التوتر وعدم الثقة في العلاقات بين دول المنطقة ويفتح الأبواب نحو إقامة علاقات صداقة طبيعية قائمة على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. كما يجب ان يبحث قادة المجلس وبكل شفافية مع الجانب الامريكي، ملف حقوق الانسان الشائك الذي يشكل مشكلة كبيرة تعيق تعزيز العلاقات الخليجية الامريكية والأوروبية للوقوف معهم للحد الأدنى فيما يتعلق بهذا الموضوع خاصة وان تطوير العلاقات بين الجانبين يخضع لمدى احترام وانجازات حقوق الانسان في دول مجلس التعاون.
مشاركة :