فلسطين.. تاريخ سجل بالدماء في حرب أكتوبر المجيدة

  • 10/5/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

رغم ما كانت عليه ولا تزال تعانيه من قمع الاحتلال واستيلائه على أراضيها، لكن لم يثنها ذلك عن دورها في حرب أكتوبر كباقى الدول العربية؛ بل وقدمت فلسطين شهداءها جنبا إلى جنب الشهداء المصريين في حرب أكتوبر، وكان لها دورها المؤثر والرائد حيث اعتمدت وقتها على حرب العصابات داخل البلاد بمشاغلة العدو وضرب مراكزه الحيوية وخطوط مواصلاته، ومن الخارج على الجبهات اللبنانية الفلسطينية لتفتح بذلك جبهة ثالثة على العدو بجانب الجبهة المصرية والسورية. ونشطت فصائل المقاومة ووحدات الفدائيين، خاصة في الجليل الأعلى والضفة الغربية، وقامت مجموعة عمليات خلال أيام الحرب كان لها تأثيرها المباشر في رفع الروح المعنوية للشعب العربى الفلسطينى في الأراضى المحتلة، وفى إلحاق الضرر بمرافق العدو وخطوط مواصلاته ومراكز تموينه وقوافل وحداته.جيش التحرير شارك جيش التحرير الفلسطينى في المعارك التى جرت على الجبهتين المصرية والسورية، ضمن إطار خطة العمليات الخاصة بهاتين الجبهتين. وكان لهذا الجيش دوره البارز، إذ أوكلت قيادتا الجبهتين إلى قطاعاته مهام قتالية عدة. وفى ٦ أكتوبر ١٩٧٣م، أعطى القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية ياسر عرفات أمرًا عسكريًا لقوات الثورة الفلسطينية، بالاشتراك في معركة التحرير والعمل داخل الأرض المحتلة، وأن تقدم كل مساعدة ممكنة لمجموعات الثورة المقاتلة، لتتمكن من القيام بواجبها على الوجه المطلوب. وكانت هذه الكتائب عند اندلاع حرب ١٩٧٣م يوم ٦ أكتوبر، موزعة على الجبهات العربية المشتركة مع فلسطين المحتلة، مثل كتيبة مصعب بن عمير؛ حيث كانت وحدات هذه الكتيبة موزعة على الحدود اللبنانية- الصهيونية، ووكلت إليها مهام رئيسية ليلة حرب أكتوبر، أهمها العمل خلف خطوط العدو، وذلك بنصب الكمائن وزرع الألغام وتنفيذ الغارات على تجمعات العدو، وقصف تجمعات القوات الصهيونية في المعسكرات وتدمير جهاز الرادار في جبل الجرمق شمال فلسطين، والدفاع عن محور حاصبيا- ميمس راشيا الوادي، محور مرج الزهور- المصنع، وذلك بغرض إعاقة أى وحدات للعدو تحاول التقدم في منطقة العرقوب. وقد أعادت الكتيبة تمركزها وفقًا لمهامها الجديدة، ومع بدء القتال على الجبهتين المصرية والسورية، بدأت تنفذ مهامها المحدودة، فقامت بقصف تجمعات العدو في معسكرات الخالصة، ومطار البصة، وهونين ومرجليوث، وبرغام والمنارة، كما نصبت الكمائن وزرعت الألغام واستمرت هذه الكتيبة في مراقبة تحركات العدو والإخبار عنها وقطع خطوط مواصلاته وتدمير آلياته الخفيفة والمجنزرة.كما قامت أيضا قوات حطين التابعة لجيش التحرير الفلسطينى، بتنفيذ عدة عمليات بشكل مستقل كجزء من الجيش السوري، فاشتركت في الهجوم مع قوات الفرقتين التاسعة والخامسة السوريتين (مشاة) وتنفيذ عملية الإنزال بالحوامات على تل الفرس، والإغارة على مؤخرات القوات المعادية بعد توغلها في جيب سعسع، وتتكون هذه القوة من ثلاث كتائب، وخسرت هذه القوات في معركتها على الجبهة السورية ٤٤ شهيدًا و٦٥ جريحًا. فيما كانت قوات عين جالوت تعمل بإمرة قيادة الجيش المصري، وكانت قبل اندلاع الحرب متمركزة على قناة السويس. وقد أسندت إلى هذه القوات مهام ضمن خطة العمليات على الجبهة المصرية لأنها وحدات مشاة خفيفة، شأنها شأن بقية الوحدات العربية الأخرى في الجبهة المصرية، وتم إلحاقها بالجيش المصرى الثالث، الذى أسند إليه مهمة الدفاع عن الضفة الغربية للبحيرات المرة بين كبرىت وكسفريت.وبعد عبور قوات الجيش المصرى قناة السويس بقيت قوات عين جالوت ضمن مؤخرة الجيش ووحداته الإدارية مع الوحدات العربية الأخرى (الكويتية والمغربية) تقوم بمهمة الدفاع خلف منطقة العبور. وقامت قوات عين جالوت بدفع عدة مجموعات استطلاع أمام منطقة دفاعها إلى الشمال، وقد تمكنت هذه المجموعات من التبليغ عن الأعمال الأولى للخرق الإسرائيلى في منطقة الدفرسوار يوم ١٦ أكتوبر، ثم قامت بالتصدى للوحدات الإسرائيلية التى تسللت خلف مواقعها وتعرضت لقصف شديد من المدفعية والطيران المعاديين، ولكنها صمدت في مواقعها، وحاولت عرقلة تقدم قوات العدو الصهيونى على الطريق الواقعة بين البحيرات المرة والمرتفعات، إلى أن انسحب جنوبًا باتجاه مدينة السويس، وشاركت في الدفاع عن المدينة وحيّا قائد الجيش المصرى الثالث أفراد هذه القوة لشجاعتهم وبسالتهم.وهناك قوات القادسية التابعة لجيش التحرير الفلسطيني، وتتألف من كتيبتين، وتمركزت في بعض المناطق المهمة في عمق الجبهة السورية، ولم تستخدم هذه القوات في المجابهة المباشرة مع العدو، بل كانت مكلفة بإحباط أي محاولة للعدو للضرب في العمق، والتصدى لأي محاولة إنزال جوى معاد إلى جوار منطقة انتشارها. أما كتيبة زيد بن حارثة؛ فهى ملحقة بالفرقة الأردنية الأولى (مشاة)، ونظرًا لعدم اشتراك الجبهة الأردنية في القتال فقد بقيت في مواقعها الدفاعية تقوم بأعمال الدوريات والكمائن في الخطوط الأمامية، وقد قامت الثورة الفلسطينية بعدة عمليات عسكرية، منها: قصف منطقة الخالصة «كريات شمونة»، ردًا على قصف العدو، فضلًا عن اشتباك مع العدو وفى عدة مواقع، كما خاضت قوات الثورة الفلسطينية معارك عنيفة في منطقة العرقوب الشرقية، وفى مناطق أخرى على طول خط المواجهة في القطاع الشرقي، متصدية لقوات العدو التى كانت تستخدم الطائرات والمدفعية وكافة أنواع الأسلحة الأخرى. كما أحدثت بعض المجموعات الفدائية، عطلا في محطة البث الإذاعى الصهيوني، وقامت بنصب كمين لقافلة تموين في منطقة اللطرون وهاجمتها بالقنابل اليدوية والرشاشات، مما أدى إلى تدمير خمس سيارات وإشعال النار فيها، وأطلقت قوات الثورة النار على سيارة عسكرية تحمل طيارين على طريق الخضيرة يافا، كما قامت قوات الثورة الفلسطينية بقصف صاروخى شديد على المصانع والمنشآت العسكرية في مستعمرتى ترشيحا ومعلولا في الجليل الغربى ذاته، وتم تدمير عدد من آليات العدو واستشهاد اثنين من الفدائيين وجرح ثالث. كما قام الفدائيون بدورهم التام في منطقة العرقوب واندلع القتال بينهم وبين اليهود بضراوة شديدة، وتمكن الفدائيون من احتلال مواقع متقدمة تجاه العدو بعد أن قصفوا مواقعه بشدة في تلك المنطقة. جبهة القناة.تواصلت العمليات الفدائية بالتنسيق بين القيادات العليا، وبحسب ما ذكره محمد حسنين هيكل في كتابه «الطريق إلى رمضان فانه» قبل الحرب بأسابيع، طلب السادات الاجتماع ببعض كبار المسئولين في قيادة منظّمة التحرير الفلسطينيّة. وفى لقائه بهم أوضح لصلاح خلف وفاروق القدّومى أن الموقف قد توتر، وأنّ مصر مضطرّةٌ إلى تنشيط جبهة القناة، وفهما من حديثه أنّ مهمّة المقاومة الفلسطينيّة ستكون الاشتراكَ بعمليّاتٍ فدائية داخل سيناء، وقد وصل عددٌ من ضباط المقاومة، ونحو ١٢٠ من رُتَبٍ أخرى، إلى القاهرة للاشتراك في المعركة يومَ الأول من أكتوبر ١٩٧٣. وتلقى عرفات برقية من الفريق أول إسماعيل ردًا على برقيته، أكد فيها الفريق أول ثقته بالثورة وقال: نأمل التعاون المستمر لتحرير الأرض العربية المحتلة المغتصبة وإعادة فلسطين الحبيبة.وفى اليوم نفسه، بعث عرفات ببرقية إلى كل من الرئيسين أنور السادات وحافظ الأسد، أبلغهما فيها بسيطرة قوات الثورة الفلسطينية على مرتفعات الرءوس الثلاث في سفوح جبل الشيخ الغربية، والعمليات العديدة التى قامت بها قوات الثورة في اليومين الماضيين. ودعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الحكومات العربية لتأمين الدعم الأقصى للقوات العربية الفلسطينية المقاتلة، وناشدت حكومة الأردن بفتح جبهة ثالثة على العدو من أجل تحرير جميع الأراضى المحتلة في فلسطين. وذكر راديو العدو، أن قوات الثورة الفلسطينية تعمل في قطاع خاص بها على الجبهة السورية، وأكد أن هذه القوات دمجت مسبقًا بالجيش السوري. وذكرت جولدا مائير رئيسة وزراء العدو الصهيونى، في الكنيست ٢٣-١٠ حول المقاومة، فقالت: إن عمليات المقاومة الفلسطينية التى قام بها الفدائيون الفلسطينيون خلال الـ ١٧ يومًا الماضية بـ ١٠٦ عمليات، شملت ٤٤ مستوطنة في شمال فلسطين، وأدت إلى مقتل وجرح ٢٠ مدنيًا وستة جنود، وطمأنت سكان مستوطنات العدو بأن الجيش اليهودى متنبه وعلى علم بالوضع، وأشارت إلى أنه على الرغم من الاستعدادات الدفاعية على هذه الجبهة تأكد من جديد أن عمليات الدفاع لا تكفى.

مشاركة :