رجال الأمن في السعودية مازالوا يواصلون نجاحاتهم في الكشف عن الخلايا الإرهابية التي لا هَـمّ لها على اختلاف مسمياتها وانتماءاتها إلا محاربة هذا الوطن ومحاولة زَعْـزَعَـة أَمْـنـه، ولعل أقرب الشواهد كَـشْـفُ وزارة الداخلية الأسبوع الماضي عن تلك الخلية الداعشية التي ينتمي لها أكثر من 90 شاباً أغلبهم من السعوديين!! وهنا إذا كانت المبادرات الأمنية ناجحة - ولله الحمد - في الوصول لتلك الخلايا في خنادقها المظلمة؛ فإن المُعَـالَـجَـات الفكرية تبدو حتى الآن غير كافية لتحصين الشباب، وحمايتهم من سيطرة ذلك التيار المتطرف؛ بل العجيب أن بعض الذين تَـمّـت مناصحتهم وأعلنوا توبتهم عادوا مرة أخرى لأحضان ذلك الفكر!! فخلال سنوات مَـضَـت نُـظِّـمَـت الكثير من المحاضرات والعديد من المؤتمرات الكبرى، ودُعِـمَـت البرامج والدراسات المتخصصة حول هذا الفكر التكفيري الإرهابي وأسباب انتشاره وكيفية مواجهته؛ لكن التحاق طائفة من شبابنا بتلك الجماعات المتطرفة أو تعاطفهم مع ما تُـروج له من أفكار ومعتقدات يطرح علامات الاستفهام! وهذا يتطلب وقفة جادة ومراجعة شاملة للخروج باستراتيجية فكريّـة عملية تَـكَـامليّــة واضحة المعالم والرؤية والأهداف والوسائل تُـفِـيْــدُ من توصيات الدراسات والمؤتمرات، وتعمل على تفعيلها وتطبيقها على أرض الواقع بالتعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة؛ لا أنْ تبقى تلك التوصيات حبيسة الأدراج والملفات! أيضاً من المهم في هذا الميدان مراجعة الخطاب الإعلامي لإيقاف تلك الأصوات والكتابات الـنّـشَــاز التي تهاجم الـثّـابت من الدِّيْــن؛ وهي بذلك تزيد من احتقان الشباب، وتصنع في عقولهم الأرضية الخصبة التي يستغلها دعاة الأفكار المنحرفة لزرع بذور أفكارهم الـشّـاذة! أخيراً ما أرجوه أن يتخلى بعض العلماء عن الاختلافات فيما بينهم حول القضايا الهامشية، وأن يُـسَـخِّـروا جهودهم وأوقاتهم لكي يقتربوا من الشباب ويصلوا إليهم في مدارسهم وكلياتهم وجامعاتهم وأنديتهم ومنتدياتهم، وأن يخاطبوهم بلغة عصرهم عبر مواقع التواصل الحديثة؛ ليُـفندوا لهم ما قد يُـثَــار من شُــبهات دينية أو اجتماعية؛ وليؤكدوا لهم وسطية الإسلام وسماحته وأنه دِين يصنع الحَـياة لا الــمــوت! aaljamili@yahoo.com
مشاركة :