أثينا - حث رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس الولايات المتحدة السبت على استخدام نفوذها لنزع فتيل التوتر في شرق البحر المتوسط حيث يحتدم نزاع بين تركيا وقبرص على الحقوق البحرية. وقال ميتسوتاكيس لمايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي الزائر إن التحركات التركية جنوبي الجزيرة في الأيام الأخيرة "انتهاك سافر" لحقوق قبرص السيادية. وتصاعد التوتر بين قبرص وتركيا حول حقوق التنقيب في البحر بعد أن أرسلت أنقرة سفينة تنقيب إلى منطقة منحت قبرص بالفعل تراخيص لشركات إيطالية وفرنسية تعمل في مجال الطاقة للعمل فيها. وقال ميتسوتاكيس لبومبيو الذي يزور اليونان في المحطة الأخيرة من جولته بجنوب أوروبا "الولايات المتحدة لها مصلحة خاصة في منطقة شرق البحر المتوسط. وقبرص لا تطلب إلا ما هو بديهي وهو تنفيذ القانون الدولي". ومضى قائلا لبومبيو "أتوقع أن يؤدي الإسهام الإيجابي للولايات المتحدة إلى إيجاد مناخ من التعاون البناء والمثمر بشكل أكبر في المنطقة أخيرا".وقال مايك بومبيو ان الولايات المتحدة تريد التأكيد على اللوائح التي تحكم التنقيب عن مصادر الطاقة في البحر المتوسط مضيفا أن تنقيب تركيا على نحو غير قانوني في المنطقة غير مقبول. وقال بومبيو "نريد التأكيد على أن هناك قواعد تحكم عمليات التنقيب العالمية عن موارد الطاقة في البحر المتوسط ولا يمكن لأي بلد أن تبقي أوروبا رهينة". وأضاف "أخبرنا الأتراك أن التنقيب غير القانوني أمر غير مقبول وسنواصل اتخاذ خطوات دبلوماسية للتأكيد على أننا نشدد دوما على ممارسة الأنشطة المشروعة ". وقال "نعمل على دفع جميع الأطراف لخفض التصعيد والبحث عن النتائج المقبولة من الجميع". وتصريحات بومبيو تاكيد للعزلة الدولية لتركيا بسبب تجاوزاتها في شرق المتوسط من خلال عمليات التنقيب غير الشرعية والتي تنتهك الاتفاقيات بهذا الخصوص. وتجد تركيا نفسها وحيدة في ظل انتقادات دولية واوروبية وإقليمية لقرارها الاحادي بالتنقيب على الغاز والنفط قبالة سواحل قبرص. ومن جانب اخر عبر بومبيو أيضا خلال اجتماعاته مع مسؤولين من الحكومة اليونانية عن قلقه بشأن الاستثمارات الصينية في البنية التحتية. وقال مشيدا بالجهود التي تبذلها اليونان على طريق الانتعاش الاقتصادي "العلاقة بين بلدينا اليوم لم يسبق أن كانت في الحقيقة بهذه القوة. وأضاف "نثق للغاية بأننا معا يمكننا أن نعمل لضمان أن تكون اليونان دعامة للاستقرار في هذه المنطقة". واحتدمت التوترات بين قبرص وتركيا بسبب أعمال التنقيب البحرية عندما قالت نيقوسيا الجمعة إن قرار انقرة إرسال سفينة إلى منطقة منحت فيها قبرص ترخيصا للتنقيب البحري عن النفط والغاز بمثابة "تصعيد حاد" لما وصفته بالانتهاكات التركية لحقوق الجزيرة السيادية. وقالت أنقرة التي تتحدى الانتقادات الاوروبية المتزايدة إن سفينة الحفر ستبدأ عمليات جديدة الاسبوع المقبل في الوقت الذي قال فيه دبلوماسي بريطاني إن بريطانيا "تأسف بشدة" لأي عمليات حفر في المياه القريبة من الجزيرة. وأعلنت تركيا الخميس أنها أرسلت سفينة تنقيب عن النفط والغاز إلى المياه قبالة جنوب قبرص حيث منحت السلطات القبرصية اليونانية بالفعل حقوق التنقيب عن المواد الهيدروكربونية لشركات إيطالية وفرنسية. وتقول تركيا إن بعض المناطق التي تستكشفها قبرص هي إما على جرفها القاري، أو في مناطق يتمتع فيها القبارصة الأتراك بحقوق متساوية في أي اكتشافات مع القبارصة اليونانيين. وقامت تركيا بالفعل بحفر بئرين في المياه إلى الشرق والغرب من الجزيرة، مما أثار احتجاجات قوية من نيقوسيا والاتحاد الأوروبي في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك فرض عقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي. وفي بيان شديد اللهجة اتهمت الرئاسة القبرصية تركيا باللجوء إلى "أساليب بلطجة من عهد ولى" ودعت تركيا إلى الانسحاب من المنطقة. وأضافت "هذا الاستفزاز الجديد هو مثال لتحدي تركيا للنداءات المتكررة من الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي لوقف أنشطتها غير القانونية". كما حث البيان تركيا على احترام حقوق جمهورية قبرص السيادية في استكشاف واستغلال مواردها الطبيعية داخل مناطقها البحرية. وذكر أن هذه الخطوة "دليل آخر على السلوك الاستفزازي والعدواني لأنقرة التي اختارت أن تخرج بسرعة وبلا رجعة عن الشرعية الدولية مما يعرض الأمن والاستقرار في شرق البحر المتوسط للخطر". وتوقفت سفينة الحفر ياووز صباح الجمعة على بعد نحو 51 ميلا بحريا جنوب غربي قبرص. وقال دبلوماسي تركي في تغريدة على موقع تويتر إن ياووز ستبدأ جولة جديدة من عمليات الحفر والتنقيب جنوبي قبرص يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، مضيفًا أن هذه العمليات ستكون داخل الجرف القاري لتركيا. وقال كاجاتاي إرجييس رئيس القسم في وزارة الخارجية المختص بشرق البحر المتوسط "منطقة الحفر تقع داخل الجرف القاري التركي المسجل لدى الأمم المتحدة وفي نطاق التراخيص التي منحتها (الحكومة) لشركة النفط التركية (تركش بتروليوم). وأضاف إرجييس أن تركيا لا تعترف بادعاءات القبارصة اليونانيين عن الحدود البحرية، مضيفًا أن "الأعمال من جانب واحد" التي يقوم بها القبارصة اليونانيون تنتهك حقوق تركيا والقبارصة الأتراك. ومضى قائلا إن "تركيا لا تعترف بالجرف القاري مزاعم الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة للقبارصة اليونانيين على الرغم من جهودهم لوضع هذا الادعاء على هيئة مياه أو حدود للاتحاد الأوروبي، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي". تصريح المسؤول التركي يدل على إصرار أنقرة على تحدي الإرادة الأوروبية بضرورة ايقاف عمليات الحفر والتنقيب والادعاء بان الإجراءات التي يريد القبارصة اجرائها مخالفة للقوانين الدولية. لكن مراقبون يجزمون ان تركيا متورطة في انتهاك السيادة القبرصية في استغلال ثروات الشعب القبرصي. وأثناء حديثه في نيقوسيا الجمعة، قال وزير الدولة البريطاني لشؤون أوروبا، كريستوفر بينشر، إنه ينبغي استخراج أي ثروة نفطية لصالح جميع القبارصة. وقال بينشر "أوضحت بشكل قاطع أن بريطانيا العظمى تستنكر أي حفر في المياه القريبة من قبرص لكنها تدعم حق قبرص في استخراج النفط والغاز في منطقتها الاقتصادية الخالصة." وانقسمت جزيرة قبرص إثر غزو تركي عام 1974 في أعقاب انقلاب بإيعاز من اليونان. وتمثل الحكومة القبرصية اليونانية المعترف بها دوليا قبرص في الاتحاد الأوروبي، بينما لا تعترف سوى أنقرة بدولة القبارصة الأتراك المنشقة في الشمال.
مشاركة :