بغداد - وكالات: نزل آلاف العراقيين أمس إلى الشوارع في وسط بغداد وبعض مدن الجنوب مجددين المطالبة برحيل الحكومة المتهمة بالفساد في اليوم الخامس من الاحتجاجات التي أسفرت عن نحو مئة قتيل، فيما رفع حظر التجول عن العاصمة مع استمرار حجب الإنترنت. وأفاد مصورو ومراسلو وكالة فرانس برس كذلك عن سماع دوي إطلاق الرصاص الحي في بغداد حيث تجمع المتظاهرون في محيط وزارة النفط على الطريق المؤدية إلى ساحة التحرير التي باتت نقطة انطلاق التظاهرات التي بدأت بالمطالبة بتوفير الكهرباء والماء ومحاربة البطالة والفساد وصولاً إلى المطالبة بإسقاط الحكومة. وخرج متظاهرون كذلك لليوم الخامس إلى الشوارع في مدينتي الديوانية والناصرية جنوب العاصمة العراقية بشكل خاص. وارتفع عدد ضحايا المظاهرات إلى نحو مئة قتيل وأكثر من أربعة آلاف مصاب، وإزاء ذلك طالب رئيسا الجمهورية والحكومة بمحاسبة المتورطين في استخدام العنف، كما فشل البرلمان في عقد جلسته الطارئة اليوم المخصصة لمناقشة مطالب المحتجين. وفي مسعى من الحكومة لتهدئة الشارع، رفعت السلطات أمس حظر التجول الذي فرضته قبل أيام في بغداد وعدد من مدن الجنوب وتحداه المحتجون. وسمحت السلطات للمشاة بالمرور في ساحتي التحرير والسنك اللتين شهدتا مظاهرات صاخبة في الأيام الماضية، مع استمرار وجود أعداد كبيرة من قوات الأمن في الطرق المؤدية إلى هاتين الساحتين. وقد أخفق مجلس النواب العراقي في عقد جلسة أمس لمناقشة مطالب المتظاهرين، بسبب مقاطعة كتل نيابية أبرزها كتلة “سائرون” (صاحبة أكبر مقاعد في البرلمان) ويدعمها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. وأكدت الأطراف التي أعلنت مقاطعتها لجلسة البرلمان أنها لن تعود حتى ترى برنامجاً حكومياً حقيقياً يمكن من خلاله القول إن هناك استجابة لمطالب المحتجين. وتعليقاً على إخفاق البرلمان في الانعقاد، أوضح مصدر عراقي مطلع أن المشكلة التي خلفتها الاحتجاجات أكبر من أن تحلها دعوة طارئة لمجلس النواب، مما يدل على أن هناك خلافات كبيرة في وجهات النظر بين الأطراف السياسية في كيفية التعاطي مع الاحتجاجات. ودعا ممثلون عن الحراك الشعبي رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى الاستقالة، عقب انتهاء أول لقاء من نوعه بين الجانبين لبحث مطالب الاحتجاجات الشعبية. وقال النائب أحمد الجبوري في تغريدة على تويتر إن الحلبوسي -ومعه خمسة نواب- التقى بأكثر من مئة شاب من ناشطي الاحتجاجات في إحدى قاعات مجلس النواب. وأضاف الجبوري أن الحلبوسي خلال اللقاء طالب بإنهاء المظاهرات مقابل وعد بالاستجابة لمطالبهم، غير أن الناشطين رفضوا ذلك وطالبوه بالاستقالة، مشيراً إلى حدوث فوضى في القاعة. وكشف الحلبوسي أنه سيتم منح قروض ميسرة لأصحاب المعامل بهدف إعادة تشغيلها وإيجاد فرص عمل جديدة. وفي مؤتمر صحفي عقده بحضور عدد من أعضاء في البرلمان، قال إنه سيتم العمل على بناء مئة ألف وحدة سكنية في كل المحافظات العراقية. كما وعد رئيس البرلمان العراقي بمنح قروض معفاة من الضرائب لمن لا يملك سكنا، إضافة إلى إعفاء جميع المزارعين من بدلات الإيجار خلال السنوات السابقة وحتى عام 2020.كما قال الحلبوسي “أوصينا بتسهيل الاستثمار بهدف توفير مليون فرصة عمل”. وفي وقت سابق أمس، قالت الحكومة إنها تتفاوض مع من سمتهم ممثلين عن المحتجين في بغداد ومحافظات جنوبية. وقد أكد الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي ضرورة محاسبة المتورطين في استخدام العنف، وحفظ سلامة المتظاهرين في العراق. وقال مكتب صالح عقب اجتماع مع عبد المهدي، إن اللقاء تناول الأحداث الجارية والتأكيد على تحقيق تطلعات الشباب العراقي. وأضاف البيان الرئاسي أنه جرى خلال اللقاء التأكيد على تلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين. من جهته طالب رئيس البرلمان العراقي رئيس الوزراء بالتحقيق في الأحداث التي أدت إلى سقوط قتلى من المتظاهرين. ومن جانبه، أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أمس عن إصدار مجلس مكافحة الفساد قرارات بشأن المطالب الجماهيرية وبطلان التهم ضد وزير الصحة. وقال المكتب في بيان إن “المجلس الأعلى لمكافحة الفساد عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي”. وأضاف أن “المجلس أصدر قرارات مهمة حول المطالب الجماهيرية وملفات النفط وعقارات الدولة وتنحية ألف موظف والعمالة الأجنبية وبطلان التهم الموجهة لوزير الصحة”. وقالت الحكومة إنها بدأت بالتفاوض مع ممثلي المتظاهرين في بغداد ومحافظات أخرى، لبحث مطالبهم، في مسعى لنزع فتيل الاحتجاجات العنيفة. ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن خلية المتابعة في مكتب عبدالمهدي، قولها، ”نتواصل مع أطراف مؤثرة في الحراك الجماهيري في ست محافظات“. وفي غضون ذلك، تصاعدت مطالبات استقالة الحكومة، ودعا زعيم تحالف “القرار السياسي” أسامة النجيفي، أمس، حكومة عبد المهدي إلى الاستقالة وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف دولي، إضافة إلى تجميد عمل البرلمان، وذلك على خلفية الاحتجاجات الشعبية الدامية. ودوليا دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس إلى حوار فوري بين الحكومة العراقية والمتظاهرين؛ لوقف التصعيد، مناشداً جميع الجهات الفاعلة بالالتزام بأقصى درجات ضبط النفس، والامتناع عن العنف. وأكد غوتيريش، في بيان له، أن حرية التعبير والتجمع السلمي هي حقوق أساسية يجب احترامها، معرباً في الوقت ذاته عن حزنه العميق لفقدان الأرواح أثناء الاحتجاجات الأخيرة. وعبّرت الخارجية التركية، في بيان لها، عن اعتقادها بأن الحكومة العراقية ستقدم على الخطوات اللازمة لضمان تلبية تطلعات الشعب المشروعة.
مشاركة :