الدوحة- الراية: رأت صحيفة ”نيويورك تايمز“ أن الاحتجاجات المندلعة في عدد من المحافظات العراقية لن تنزلق إلى الفوضى، مشيرة إلى الوضع المتفاقم سوءا هناك، رغم معالجات الحكومة الترقيعية وغير الناجعة لاحتواء تلك الاحتجاجات العنيفة، خصوصًا بعد أن فتحت النار على المتظاهرين وتسببت في رد فعل هائل. وعانت حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في احتواء الاحتجاجات العنيفة ضدها، حيث خرج الناس إلى الشوارع في العاصمة بغداد، وحوالي 5 من المحافظات الجنوبية، وألقوا الحجارة على قوات الأمن التي ردت بالرصاص الحي. وقد بلغ عدد الضحايا حوالي مئة قتيل فيما قدر عدد الجرحى بحوالي 4 آلاف جريح وجرح المئات، ولكن بعد منتصف الليل هدأت بغداد مثلها مثل العديد من المحافظات المتوترة، بعد أن تحدث رئيس الوزراء عادل عبد المهدي مباشرة إلى البلاد، واعدًا بتوفير فرص العمل وتحسين توزيع الثروات. إلا أنه لم يحدد كيف ينوي إجراء مثل هذه التغييرات ولم يقدم أي تفاصيل، ولكنه أكد أنه حتى تفي الحكومة بهذه الوعود، على المتظاهرين الامتناع عن إسقاط الدولة في حالة فوضى. وقد استبعدت الصحيفة الأمريكية انزلاق العراق إلى الفوضى رغم المظاهرات التي تعيشها أغلب المحافظات، وبخاصة الجنوبية. ونقلت الصحيفة عن «مارتا هورتادو» المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف قولها إن العديد من الضحايا سقطوا قتلى في بغداد، معربة عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بأن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية والمطاط الرصاص وأطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع مباشرة ضد المتظاهرين. وتعزى موجة الغضب التي فجرت المظاهرات إلى حد كبير إلى الفساد والبطالة، وهي الأولى منذ تولي الحكومة الحالية السلطة قبل نحو عام، حيث كانت الاحتجاجات الأكبر عام 2018 في بغداد والبصرة. وقال رجل الدين الشيعي علي السيستاني إن المشرّعين هم المسؤولون عن محنة البلاد. ودعا السيد السيستاني وغيره من رجال الدين الشيعة العراقيين إلى الهدوء، وتشكيل مجموعة مستقلة تمثل المحتجين للقاء قادة سياسيين وقضائيين للتوصل إلى إصلاحات لمعالجة الفساد. وفي بعض الأحيان خلال هذه الاحتجاجات، بدا أن العراق كان ينزلق إلى الفوضى، ولكن بعد منتصف الليل هدأت بغداد، على الأقل في الوقت الراهن، بجانب العديد من المحافظات الجنوبية. وتحدث رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قائلاً: إن الحكومة بدأت إصلاحات كبيرة لتوفير فرص العمل والقضاء على الفقر». لم يحدد كيف كان ينوي تنفيذ مثل هذه التغييرات أو تقديم أي تفاصيل، ولكن يبدو أن جهود عبد المهدي تهدف لتقسيم المحتجين بين أولئك الذين لجَؤوا إلى العنف، والذين أصروا على أن هدفهم هو الاحتجاج بسلام. وتحت عنوان “غضب العراقيين إزاء الفساد يصل درجة الغليان متحولاً للعنف”، أكدت صحيفة “آي” البريطانية من بغداد، أن الغضب الشعبي العارم إزاء تفشي الفساد ونهب موارد العراق قائم منذ عام 2003، لكن الزعامات السياسية، التي تسيطر على البلاد منذ الإطاحة بنظام صدام حسين، كانت دومًا تقنع الشيعة بأن عليهم الاتحاد للحيلولة دون عودة تنظيم القاعدة أو تنظيم داعش. وقال التقرير إن هذه الحجة كانت مقنعة حتى استعادة الموصل، من داعش، ولكن الآن لم يعد الخوف من قتل الأسرة أو الأقارب على يد مسلحي داعش حائلاً دون تظاهر الناس ضد تفشي الفساد والافتقار للخدمات. وشدد على أن العراق يتأهب لنقطة تحول في تاريخه الحديث مع الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، وخلفت عشرات القتلى والجرحى خلال أيام. ويقول كاتب التقرير إنه سمع من غرفة فندقه إلى صوت إطلاق النار، وحين أراد أن يكشف مصدر إطلاق النار اكتشف أن الشرطة كانت تطلق النار لتفريق نحو ثلاثة آلاف شخص كانوا يتظاهرون احتجاجًا على تفشي الفساد. ويقول إنه بإطلاق النار حولت الشرطة مظاهرة صغيرة إلى حادث كبير، حيث حاول المتظاهرون عبور جسر يؤدي إلى المنطقة الخضراء، حيث يوجد البرلمان ومقر رئيس الوزراء وغيرها من المؤسسات الهامة، وحينها أطلقت شرطة مكافحة الشغب الرصاص المطاطي على المتظاهرين، واتبعت ذلك بالذخيرة الحية. ويرى كاتب التقرير أن إحساس العراقيين بالغبن والظلم والغضب وصل الآن مرحلة الغليان والانفجار، ويضيف أن أحد نقاط القوة في الاحتجاجات الحالية هي أنها بلا قيادة محددة وتلقائية، ويحمل المشاركون فيها شعارات مختلفة، ولكن هذا يعني أن الحكومة لا يوجد أمامها من تخاطبه، إذا أرادت مخاطبة جهة منظمة للاحتجاجات. ويشير إلى أن الكثير من العراقيين يرون أنه من الخطأ التخلص من الحكومة الحالية قبل معرفة من سيخلفها، ولكن الكثير أيضا يرون أن ما قد يأتي لن يكون أكثر سوءا من ظروفهم الحالية، ولهذا هم على استعداد للقفز إلى المجهول.
مشاركة :