هل سأل أحدنا يوماً ابنه ماذا يعني له «الوطن»؟ يعتقد كثير من الأبناء أن الوطنية هي شعارات مملة، تكتب على «فناء المدرسة»، ويرمقونها كل صباح بكآبة بالغة، أو أنها مادة دراسية مثل غيرها من المواد، التي تتطلب إفراغ جمجمتك منها بعد تجاوز العام الدراسي، أو أنها يوم يُسمح لك فيه بإفراغ شحناتك النفسية من خلال ارتداء العلم، والرقص على الأهازيج، والأغاني الوطنية، وتكسير المرافق العامة، وهذا الاعتقاد نتيجة طبيعية لما نُشِئوا عليه من مفاهيم منذ طفولتهم. مع الأسف، على الرغم من طول سنوات التعلم، والتربية، التي يمر بها الشخص منّا، إلا أن معظمنا يجهل المعنى الحقيقي للوطنية، لذا فمن الطبيعي أن نعاني من مظاهر الإخلال باحترام المرافق، والأماكن العامة، والأنظمة، وعدم الاعتناء بالصورة العامة لمجتمعنا أمام الآخرين، كجزء من هذا الوطن، ومرآة تعكسه، فمنذ نشأة الطفل، يقابله كم هائل من الأوامر، والنواهي النظرية، دون أن يجد القدوة العملية، التي تدفعه للاقتناع بها، ولذلك نجده لا يعبأ بتنفيذها، إلى جانب عدم ذكر الدافع الوطني كسبب لتلك الأوامر، والنواهي، لنغرس فيه مفهوم الوطنية بوصفه أمراً مادياً، يتطلب الحفاظ عليه ورعايته، قبل أن يكون مجرد شعارات، وأهازيج معنوية، فقليل هم المربون، الذين يربطون الأوامر التربوية بالانتماء إلى الوطن، وقليل هم الأبناء الذين يدركون مسؤولياتهم الحقيقية تجاه وطنهم. على المربين تحمّل مهمة غرس مفهوم الانتماء الوطني بكل أبعاده، والحفاظ على ما يحويه الوطن في الأبناء، والأهم أن يتخذوا موقف القدوة بتعاملاتهم، وحفاظهم على ممتلكات وطنهم، وصورته أمامهم. نحتاج إلى أن يفهم الجيل الحالي أن سلوكياتهم تعكس صورة وطنهم، وأن اعتناءهم بتهذيب أنفسهم، والالتزام بالقوانين، واحترام الأنظمة، وتحمّل مسؤولية تصرفاتهم هو المعنى الحقيقي للوطنية.
مشاركة :