تونس - (أ ف ب): واصل التونسيون الاقتراع أمس الأحد في ثالث انتخابات تشريعية تجري منذ ثورة 2011، وسط أجواء غابت عنها الحماسة لدى الناخبين. ودعي أكثر من سبعة ملايين ناخب مسجل إلى اختيار برلمان جديد من 217 مقعدا في ظل مخاوف من تداعيات نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل ثلاثة أسابيع. وأعلنت الهيئة العليا المستقلة أن نسبة المشاركة بلغت حتى قرابة الساعة 13:00 بتوقيت جرينتش 23.5 في المئة ووجهت دعوة للناخبين إلى الاقتراع قبل غلق المكاتب الساعة 17:00 بتوقيت جرينتش. وقال عضو الهيئة فاروق بوعسكر: «اعتدنا انطلاقا من تجاربنا السابقة على أن ترتفع نسبة المشاركة بعد منتصف اليوم». يتنافس في الانتخابات النيابيّة حوالي 15 ألف مرشّح ضمن قوائم أحزاب وائتلافات ومستقلّين متنوعين ومن اتّجاهات سياسيّة عدّة. ويؤكد أحد الناخبين عيسى: «المد سيكون في الاتجاه نفسه» في إشارة الى تداعيات التصويت في الدورة الرئاسية الأولى، وهو ما تشدد عليه الناخبة ريم الثلاثينية بالقول: «الشعب بالمرصاد للسياسيين ولن يصمت». ويتابع مراقبون من منظمات محلية ودولية الانتخابات النيابية في كامل مراكز الاقتراع. وقال رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي لمراقبة الانتخابات فابيو ماسيمو كاستالدو: «لاحظنا انه تم احترام جميع التدابير في مناخ سلمي. كما أبدت فرق مراكز الاقتراع حرفية في العمل». ويتوقع مراقبون أن يصبح المشهد السياسي في البلاد مشتّتاً، مع تركيبة برلمانيّة مؤلّفة من كُتل صغيرة، ما يجعل من الصعب التوافق على تشكيلة الحكومة المقبلة، وذلك في ضوء نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة التي أظهرت فوز مرشحين غير متوقّعين، هما أستاذ القانون الدستوري المستقل قيس سعيّد ونبيل القروي رجل الأعمال الموقوف بتهم غسل أموال وتهرب ضريبي. لم تكُن حملات الانتخابات النيابيّة لافتةً، بل كانت باهتةً أحياناً، بسبب تغيير رزنامة الانتخابات عبر تقديم موعد الرئاسية على التشريعية جرّاء وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، إضافة إلى «صدمة» الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة. وتمثل الدائرة الانتخابية تونس 1 بالعاصمة حلبة صراع محتدم بين رؤساء قوائم الأحزاب السياسية التي لها ثقل في الساحة التونسية مثل رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي وسامية عبّو عن «التيار الديمقراطي» وسميرة الشواشي عن «قلب تونس». كما كان لاستمرار سجن القروي ورفض الإفراج عنه منذ توقيفه في 23 أغسطس الفائت تأثير على المشهد الانتخابي، وتصَدَّرت قضيّته الجدل السياسي خلال الأيّام السابقة. تعدّ الانتخابات الحاليّة مفصلية في تاريخ البلاد التي تمرّ بأزمات اقتصاديّة واجتماعيّة خانقة منذ ثورة 2011. وأظهرت توجّهات التصويت للدورة الرئاسيّة الأولى أنّ الناخبين التونسيّين اختاروا اللجوء إلى «تصويت عقابي» ضدّ رموز المنظومة الحاكمة التي عجزت عن إيجاد حلول اقتصاديّة واجتماعيّة وبخاصّة فيما يتعلّق بالبطالة وارتفاع الأسعار والتضخّم. يدخل الانتخابات متنافسون جدد الى جانب الأحزاب، على غرار المستقلّين الذي يمثّلون ثلثي القوائم المشاركة، ومن المنتظر أن يُحدِثوا مفاجأة ويحصلوا على عدد مهمّ من المقاعد. وتتنافس 1506 قوائم بينها 674 حزبية و324 ائتلافية و506 حزبية. وأثار ظهورهم بقوّة تخوّفاً لدى بعض الأحزاب، فقد دعا رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي إلى عدم التصويت لهم، معتبراً أنّ «التصويت للمستقلّين تصويت للفوضى».
مشاركة :