تكثف الشركات البريطانية استعداداتها قبيل حلول موعد “بريكست”، وفي مقدمتها قطاع الأغذية والمشروبات، الذي يخزن في مستودعاته منتجات ومكونات تصنيع المواد. وبحسب “الفرنسية”، رفعت الحكومة البريطانية شعار “استعدوا لبريكست” قبيل انسحاب البلاد المقرر من الاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الأول (أكتوبر). وتحمل لافتات في أنحاء البلاد هذه الرسالة كجزء من حملة إعلانية تمولها الدولة تشمل كذلك منشورات ومعلومات على الإنترنت وحملات ترويجية توفر معلومات إضافية لأصحاب الأعمال التجارية. وأفادت سلسلة مخابز جريجز “نستعد للتداعيات المحتملة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عبر تخزين المكونات الأساسية والمعدات، التي قد تتأثر باضطراب تدفق المنتجات إلى المملكة المتحدة”، وذلك في رد على مخاوف المستهلكين بشأن الصعوبات التي قد يواجهونها في الحصول على لفائف النقانق الشهيرة، التي تصنعها. وتشير توقعات الحكومة إلى احتمال نفاد الأغذية والأدوية الأساسية واندلاع أعمال شغب في الشوارع في حال تم “بريكست” دون اتفاق. وتعد هذه المشكلات نتيجة عقود من الاعتماد المتبادل بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، الذي تدفقت بموجبه المنتجات والخدمات بلا قيود أو عمليات تفتيش جمركية. وتخشى الشركات التجارية أن تتسبب أي عمليات تفتيش على الحدود ولو كانت مقتضبة بخنق الطرق التجارية ووقف عملياتها. وبحسب روزاليند شارب من “مركز أبحاث سياسة الغذاء” في جامعة سيتي في لندن، فإن “المشكلة الكبرى هي أنه لا تزال هناك ضبابية بشكل لا يصدق”. وأوضحت شارب، التي درست تداعيات “بريكست” على الموارد الغذائية “لا تعرف الشركات في الحقيقة ماذا سيحدث وعليها في هذه الحال التخطيط بأفضل طريقة ممكنة”. وقالت شارب: “تم اتخاذ خطوات لكن لا شك في أنه إذا غادرنا في 31 تشرين الأول (أكتوبر) دون اتفاق فسيحدث نقص وفوضى في الموانئ”. وأقر مارك كارني، حاكم مصرف إنجلترا المركزي، الشهر الماضي بتحسن الاستعدادات لسيناريو الانسحاب دون اتفاق، لكنه توقع تراجع الناتج المحلي الإجمالي 5.5 في المائة في حال تم الأمر. وتتضمن حملة “استعدوا لبريكست” الحكومية نصائح بشأن تصدير واستيراد المنتجات والخدمات وحركة البضائع بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية. وتهدف المقترحات الجديدة بشأن اتفاق بريكست، التي طرحها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى المحافظة على بقاء الحدود مفتوحة بين إيرلندا الشمالية التابعة للندن وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي. لكن مجموعة عمل البرلمان الأوروبي بشأن “بريكست” اعتبرت أن مقترحات جونسون “لا تمثل أساسا لاتفاق”. وبينما يخيم شبح الركود على الاقتصاد البريطاني جراء الضبابية المرتبطة بـ”بريكست” والتباطؤ الاقتصادي العالمي، دعم تخزين المستهلكين لمنتجات على غرار المعلبات قطاع بيع التجزئة في بريطانيا. من جهة أخرى، ألمحت الحكومة البريطانية اليوم إلى أنها قد تلين موقفها حول نقاط “إشكالية” في خطتها لـ”بريكست”، لكنها دعت الاتحاد الأوروبي إلى إظهار “مرونة” بدوره. وتهدف خطة رئيس الوزراء بوريس جونسون، التي قدمت، إلى إنهاء معضلة الحدود الإيرلندية، مع تفادي عودة المراقبة بعد “بريكست” بين “إيرلندا” العضو في الاتحاد الأوروبي ومقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية، التي ستخرج من الاتحاد الأوروبي كباقي أنحاء المملكة المتحدة. لكن الأوروبيين تلقوا هذا المشروع بحذر كبير معتبرين أنه يتضمن نقاطا “إشكالية” ويجب إعادة العمل عليه، وعد جونسون أنه قام بما عليه. وقال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف “بريكست” ميشال بارنييه خلال حدث نظمته صحيفة “لوموند “إذا لم تعد الحكومة البريطانية حاملة اقتراحات جديدة حول مشكلتين خطيرتين أشرنا إليهما، لا أرى كيف يمكننا إحراز تقدم”. والمشكلتان هما عودة المراقبة الجمركية بين إيرلندا ومقاطعة إيرلندا الشمالية، وحق التصويت، الذي ترغب لندن في منحه لبرلمان مقاطعة إيرلندا الشمالية. وقال ستيف باركلي، الوزير البريطاني المكلف “بريكست” استعدادا للتوصل إلى تسوية حول قضية إيرلندا الشمالية، إنه “في إطار المفاوضات المكثفة خلال الأيام المقبلة، يمكننا النظر في هذا الأمر ومناقشته”. وبالنسبة إلى المشكلة الثانية، التي لفت إليها الأوروبيون والمتمثلة في اقتراحات بريطانية معقدة لتفادي إقامة حدود بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية، أضاف “يمكننا بالتأكيد الخوض في التفاصيل العملانية”، داعيا في الوقت نفسه الاتحاد الأوروبي إلى أن يظهر “مرونة وروحا خلاقة”. ويتقاطع هذا الموقف مع دعوة جونسون الاتحاد الأوروبي إلى القيام بتسويات في رسالة نشرتها صحيفتا “صنداي إكسبرس” و”صان أون صنداي” المؤيدتان لـ”بريكست”. وكتب جونسون “أقول لأصدقائي الأوروبيين: اغتنموا الفرصة، التي توفرها اقتراحاتنا الجديدة، انضموا إلينا على طاولة المفاوضات بروح التسوية والتعاون”. من جهته، قال رئيس وزراء لاتفيا كريسانيس كارينس إن إبرام اتفاق “بريكست” “يرتبط تماما بإرادة جونسون، لأننا في الجانب الأوروبي منفتحون دائما”. وقبل 25 يوما من الموعد المقرر لـ”بريكست”، كرر جونسون أنه لن يكون هناك “تأجيل جديد” لـ”بريكست”، الذي سبق أن تم تأجيله مرتين. لكن قانونا أقره البرلمان أخيرا يجبر جونسون على تأجيل موعد “بريكست” إذا لم يحصل اتفاق في القمة الأوروبية المقبلة يومي 17 و18 تشرين الأول (أكتوبر)، وذلك لتفادي خروج “بدون اتفاق” تعد عواقبه الاقتصادية والاجتماعية كارثية. لكن جونسون المصمم على إخراج بلاده من الاتحاد “بأي ثمن”، يمكن أن يتجاهل هذا القانون ويتمسك بمنصبه، واضعا بذلك الملكة إليزابيث أمام تحدي إقالته، بحسب ما نقلت صحيفة “صنداي تايمز” عن مصادر حكومية. والورقة الأخرى، التي يمكن أن يلجأ إليها هي أن ترفض دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تأجيل “بريكست”، خصوصا أن هذا القرار يتطلب إجماع الدول الأعضاء. وأشارت صحيفة “تلجراف” إلى احتمالية أن يكون رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان هو من “ينقذ” جونسون، وأفاد مصدر في الخارجية المجرية “حتى الآن ليس هناك طلب تأجيل ولا مجال تاليا للتكهنات”. ونقلت صحيفة “صنداي تلجراف” عن مصادر حكومية بريطانية أنه في حال أجبر جونسون على تأجيل “بريكست”، فسيبدي موقفا متشددا حيال بروكسل عبر “تخريب” مشاريع الاتحاد الأوروبي، وأبرزها موازنة الاتحاد. وفي انتظار استئناف المفاوضات اليوم الإثنين، يجري جونسون اتصالات مع القادة الأوروبيين، وبعدما تشاور مع نظيريه الفنلندي والإيرلندي، أجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفق ما أفادت رئاسة الوزراء، فيما توجه وزير “بريكست” إلى هولندا.
مشاركة :