موت بطعم النفط.. الصراعات تدمر دلتا النيجر.. كتاب يرصد تأثير النزاعات المسلحة على نيجيريا وجيرانها

  • 10/8/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في كتابها «موت بطعم النفط - نيجيريا»، الصادر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، تناولت الكاتبة والباحثة رشا رمزي، ذلك الصراع الدامى الذى يُحيط بمنابع النفط في واحدة من أكثر الدول الأفريقية التى تشهد النزاعات المسلحة بسبب الثروة والسلطة؛ ليُصبح إقليم «دلتا النيجر»، وهو الاسم الذى أُطلق على هذه المنطقة النفطية، على قائمة أكثر المناطق التهابًا بسبب النزاعات المسلحة والاعتداءات التى استهدفت المنشآت البترولية منذ عام ١٩٩٠.وانفجر الأمر عالميًا مع قيام مجموعة من الطلبة والعمال والنساء باحتلال بضع نقاط نفطية وإغلاقها احتجاجًا عدة مرات، كان أشهرها حادث إقليم «أوجوني»، والذى راح ضحيته الكاتب والمناضل كين ساروا ويوا عام ١٩٩٤، والتى تصدرت الصحف العالمية آنذاك بعناوين على شاكلة «النفط الدموي» و«الدم مقابل النفط».فتحت حادثة «أوجوني» الباب على مصراعيه للكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان التى ترتكبها شركات النفط مُتعدد الجنسيات عبر شركات أمن خاصة، بالتعاون مع الأنظمة التى حكمت نيجيريا طيلة عقود سابقة؛ وهى النقطة نفسها التى استهلت بها رشا رمزى كتابها، لتخوض في عالم النفط النيجيرى بخلافاته المُتعددة وخلفياته التاريخية المُعقدة، والانتهاكات الإنسانية التى شهدتها البلاد بالتزامن مع الدمار البيئى الذى تسببت فيه تلك الشركات والإهمال الحكومي، منذ اكتشاف النفط في نيجيريا عام ١٩٠٨ إبان فترة الاحتلال البريطاني.وتناولت المؤلفة في دراستها «أطراف الصراع النفطى في دلتا نيجيريا»، وهى الأطراف المتعدد التى تجمعها المصالح أحيانًا وتتناحر عبر الصراعات المسلحة في أحيان أخرى، مع وجود العديد من المشكلات التى تتسم بالتنوع الإثنى والدينى والاقتصادي، لينحصر الصراع النفطى الدموى بين شركات النفط العالمية التى تحظى بدعم الأنظمة الحكومية المُتعاقبة في البلاد وتتحالف معها منذ الاستقلال، في مواجهة الجماعات المحلية والصغيرة أمام هذه الهيمنة، والتى تتصارع مع بعضها هى الأخرى لنيل حصة في الموارد النفطية. وسط كل هذا يبدو السكان المحليون كفئة مُهمّشة لا دخل لها في هذا الصراع إلا بتقديم المزيد من الضحايا كوقود لنزاعات السيطرة النفطية.وترصد رشا رمزى كذلك «ديناميت الصراع»، حيث تأثير النزاعات المسلحة ومحاولات السيطرة المستمرة من قِبل تلك الأطراف المُتعددة، لترصد وفاة أكثر من أربعة عشر ألفًا من سكان نيجيريا منذ عام ١٩٩٩، وتشريد أكثر من ثلاثة ملايين آخرين من أجل السيطرة على منابع النفط الذى يُعتبر الثروة الأولى للبلاد؛ هكذا أصبح لدى السكان المحليين قناعة بوجوب المُشاركة الشعبية في إدارة هذه الموارد، لذا تم تغيير الكثير من الأنماط عند عودة البلاد إلى النظام الديمقراطى عام ١٩٩٩، فتم اعتماد الطابع الاتحادى الفيدرالي.ويحوى الكتاب الكثير من التفاصيل والأرقام والبيانات الإحصائية، في محاولة لعرض وتحليل التطور التاريخى للأزمة، والذى تحول من صراع سياسى يُحركه الاقتصاد إلى نزاع مسلح تستخدم فيه الحكومة والشركات الكبرى العنف والقمع وإعدام المعارضين، أو إهمال البنية التحتية، في مقابل تشكل جماعات مسلحة تتخذ العنف بدورها وسيلة للوصول إلى خام النفط الذى يتحكم اقتصاديًا في مصير البلاد، فيما تتحول الجهود الدولية لوقف النزاعات والنهوض بالبلاد إلى محاولات عبثية تدمرها الأطراف الطامعة في الذهب الأسود.

مشاركة :