الزواج علاقة إنسانية شديدة الخصوصيةرابعة الختامالزواج لدى بعض المصريين أصبح مصدرا للنكد والهموم وبيت المشكلات.مؤسسة الزواج مستهدفةمؤسسة الزواج مستهدفة بالحرب الكلامية من كثيرين، ربما لهدمها أو لعدم قيامها من الأساس، تكتظ مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات سلبية وتعليقات تحمل الكثير من السخف، والاستخفاف بالعلاقات الزوجية والرباط المقدس.كلمات غالبيتها تنال من الزوجات وتوصمهن بالنكد وتكدير حياة الأزواج، والعبوس الدائم، كأنها تمنح الحياة لونا باهتا، أو حتى شديد السوداوية والقتامة. المهم أن توصف الزوجة في محصلة الكلام بإمرأة بشعة، عاجزة عن إسعاد زوجها.أصبحنا مشبعين بما يكفي بكلمات تستنزف طاقاتنا الإيجابية على شاكلة “من أراد السعادة لا يتزوج”، “الزواج مقبرة الرجال”، “الفرق بين الزواج والموت أنه ليس بالضروري إذا مت أن أدخل جهنم”، وغيرها الكثير.ناهيك عما قاله مشاهير من آراء سلبية تذهب بفلسفة الزواج إلى الجحيم، وتقوض الأمر كلية، فلا أحد يستطيع أن ينفض عن ذاكرته آراء بعض الفلاسفة والكتّاب المثيرة للجدل في تشويه صورة الزواج، وما قيل من أن المرأة تبكي قبل الزواج ويبكي الرجل بعدها، لا تحزن إن فاتك قطار الزواج فهذا أفضل من أن يدهسك.فضلا عما قالته الملكة إليزابيث الأولى، “أفضّل أن أكون متسولة عزباء، على أن أكون ملكة متزوجة”، وما قالته الملكة فيكتوريا “عندما أفكر في فتاة صغيرة حرة مبهجة وأنظر إلى الحالة المؤلمة والموجعة عادة للزوجة الشابة، لا يمكنك أن تنكر أن الزواج عقوبة”.حديث الطاقات المتحركة، نقلا لك أو عنك، يختزن في اللاوعي ويحرك الشعور الجمعي نحو موقف ما، تجييش الرأي العام نحو اتخاذ مواقف بعينها جريمة إنسانية مكتملة الأركان في حق شركاء الإنسانية، فالجرائم النفسية لا تقل وطأة عن الجرائم الجنائية.حين تمتلئ ذاكرتك بكلمات رائعة عن الزواج، وتشاهد حالات الحب والسعادة حولك أو نماذج إيجابية لعلاقات ناجحة، لا شك أن هذا ما يدفعنا إلى القول إن الزواج مشروع ناجح، والعكس صحيح، حين انتشرت مقولة؛ الزواج نظام اجتماعي فاشل.أي أن من نخالطهم سينقلون لنا طاقتهم ويؤثرون علينا بروح إيجابية أو سلبية. فهذا المخزون المجاني الذي نتلقاه من المحيطين بنا هو ما يشكل سلوكياتنا ونظرتنا إلى الأمور، عملية ممنهجة من توجيه المشاعر والأفكار نحو هدف معين وفق تخطيط مسبق.مقولات مفرغة من معناها الحقيقي وآراء معلبة عن تجارب مؤلمة وذكريات لأناس من الخيال، بشر من الوهم صنعتهم كلمات حمقاء، باتت تتردد على مسامع الصغار بسلاسة وعفوية. خلعوا جميع الصفات المحبطة على الزواج وعملوا على تخزين صور وكلمات تعكس حالة من الرفض الشعبي لهمن الصعب بل المستحيل أن تقابل مصريا لا يحفظ أكثر من نكتة عن بشاعة الزواج وكونه مصدرا للنكد والهموم وبيت المشكلات، أو لا يعدد لك مميزات الزواج بأخريات من أصحاب البشرة البيضاء والشعر الأشقر، هؤلاء اللاتي يجلبن الحظ الجيد والضحكات الدائمة، وأن يتفنن في حصر مزاياهن في مواجهة نساء عربيات.وإذا ناقشك أحدهم في معنى أو قيمة لن تحصل على إجابات منطقية، فقط مجرد تكرار لكلمات جوفاء استقاها من كتابات بنيت على دعابة انفلتت من مصدرها الرئيسي، وباتت تهيم على وجهها في فضاء الموقع “الأزرق”.البرمجة النفسية نحو مستقبلات محددة هي أخطر ما يواجهنا الآن من تحديات، فأنت دائما مستعد للاستقبال بشكل أو بآخر، لكن عليك تعديل توجيه بوصلتك نحو الأفضل، وليس تقبّل المتاح فقط من باب سياسة الأمر الواقع.حين تكثر الكلمات الداعمة لموقف أو حدث يخلق رأيا عاما جمعيا يدور في نفس الفلك، وهذا الوتر هو ما تعزف عليه أقلام، أو أصحاب آراء من أن النساء مخلوقات مقلقة للراحة، وأن الزوجة كائن لا يحتمل، أو أن الزواج بحد ذاته تجربة مريرة، لم أعثر على قصاصة بالصدفة، أو رأي عفوي يلمح إلى أن الزواج علاقة بشرية وإنسانية راقية، أو أنه تواصل اجتماعي وإنساني يبعث على التميز والإنجاز في العمل وتمتين العلاقات.ولأن البشر مختلفون فلا يجوز ولا يليق التعميم، فكل زيجة مختلفة عن الأخرى، ويقيني أن الطيور على أشكالها تقع، والزوجة من الرزق، والصالحة منهن خير متاع الدنيا، وأن الله قد حكم بين العباد “الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات”.كاتبة من مصر
مشاركة :