مصدر الصورةGetty Images يسجل عدد الأزواج الأمريكيين الذين يتخذون قرار عدم إنجاب الأطفال زيادة ملحوظة، إذ يفضلون الاستعانة بحيواناتهم الأليفة وتدليلها كبديل عن تكلفة الإنجاب وتبعاتها. تجلس ليزا روتشو إلى جانب زوجها كاميرون ويلار في مدينة يبسيلانتي بولاية ميشيغان الأمريكية، بينما تحبو كلبتهما الصغيرة "أيري"، من فصيلة هاسكي السيبيرية، وتداعبهما. ورغم أن أيري، التي لا تكف عن محاولة القفز من الأريكة، عضو جديد في الأسرة، إلا أن روتشو وويلار يبدو عليهما الارتياح لشعورهما بـ "الأبوة" للمرة الأولى. أصبحت الكلبة الصغيرة "أيري" طفلتهما، فهما لايتوقعان اتخاذ قرار إنجاب أطفال. روتشو، 24 عاما، في عام تخرجها في الجامعة وتدرس العمل الاجتماعي، بينما يعمل ويلار، البالغ من العمر 26 عاما، معلما لمادة التاريخ في مدرسة ثانوية ويعد دراسات عليا، وهما يعيشان مع الكلبة "أيري" التي تبلغ من العمر تسعة أسابيع ويشكلون عائلة متكاملة. تقول روتشو: "أشعر كأنني كنت سأتنازل عن الكثير من جوانب حياتي لأكون أما. فذلك يكلف المال والوقت كما يحول بينك وبين أشياء ترغب في عملها". ويضيف ويلار أنه في حال إنجاب طفل، كان سيساوره القلق الدائم عليه "أكثر من غالبية الآباء والأمهات". وتقول روتشو إنها علمت برغبتها في عدم إنجاب أطفال منذ أن كانت في المدرسة الثانوية. وتضيف: " كانت الكلاب من الأشياء التي أبحث عنها على الدوام فيحالة عدم إنجاب أطفال". وعندما التقت روتشو بزوجها ويلار في أحد المهرجانات الموسيقية، كان لديه نفس الإحساس تجاه عدم إنجاب الأطفال. ويقول ويلار: "أعتقد أنني في وقت ما خلال دراستي الجامعية، على الأرجح في مرحلة الدراسات العليا، بدأت أنخرط نوعا ما في الأجواء السياسية، وتعرفت أكثر على قضايا التغير المناخي. وتبنيت وجهة نظر لا ترى أن إنجاب طفل ليعيش في هذا العالم من ضمن مسؤولياتي". ويمثل الزوجان مجموعة كبيرة اتخذت قرار البقاء والعيش بدون إنجاب أطفال، إذ يشعران أن المال الذي يدخرانه نتيجة عدم إنجاب طفل يمكن استثماره في الاجتهاد لمواصلة المستقبل الوظيفي لهما، وفي ممارسة هوايتهما كما يمكن أيضا أن يجعل حياة "أيري" أفضل.مصدر الصورةGetty Imagesخيار عدم إنجاب أطفال سجلت نسبة الأزواج الذين لا ينجبون أطفالا في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا زيادة خلال العقود الماضية، وسجلت نسبة الأزواج الذين لديهم أطفال في عام 1970 نحو 40 في المئة، بينما لم تتجاوز نسبة الأزواج الذين لديهم أطفال في عام 2012 نحو 20 في المئة، بحسب المكتب الأمريكي للإحصاء. وعلى الرغم من أن هذا الإحصاء لا يأخذ بعين الاعتبار الأزواج غير المرتبطين بعقود زواج رسمية ولديهم أطفال، إلا أنه يظهر تغيرا في الوحدة الأسرية التقليدية. وأظهر بحث أجراه المكتب الأمريكي للإحصاء أن الأزواج الذين ليس لديهم أطفال يعيشون معهم في المنزل ينفقون أموالا على حيواناتهم الأليفة أكثر مقارنة بأي أسرية تقليدية خلال الفترة بين عامي 2007 و2011 (ربما تشمل هذه الأرقام الأزواج الذين كبر أولادهم وانفصلوا عن الأسرة). وتقول آمي بلاكستون، أستاذ علم الاجتماع في جامعة ماين ومؤلفة كتاب "خيار عدم وجود أطفال: حركة إعادة تعريف الأسرة وخلق عصر جديد من الاستقلال" إن إحدى الطرق التي تعبر فيها الأسر، التي ليس لديها أطفال، عن حضانتها ورعايتها هي "علاقتها وارتباطها بالحيوانات الأليفة". وتعكف بلاكستون على دراسة "خيار عدم إنجاب أطفال" منذ عام 2008، وتقول: "انخرطت في هذا الموضوع بدافع شخصي أكثر منه مهني". وفي الوقت الذي قدمت فيه أوراقها الرسمية لتولي وظيفة دائمة في الجامعة، كشفت لها ثلاث صديقات سرا أنهن حوامل، فقررت أن ذلك وقت سانح لتركيز بحثها على الأبوة. وتقول: "عندما كشفت صديقاتي عن كونهن يشعرن برغبة في الإنجاب والأمومة، أدركت أنني لا أشاركهن تلك المشاعر". ظنت بلاكستون في البداية أنه ربما يكون لديها خلل ما، فقد تزوجت لانس، حبيبها منذ أيام الدراسة الثانوية، وتشعر بالسعادة، وسبق لهما أن ناقشا موضوع إنجاب أطفال واتفقا على استبعاد الفكرة، لأنهما كانا "صغيرين على الإنجاب". وعندما وصلا إلى منتصف الثلاثينيات من العمر، تقول بلاكستون: "لم يشعر أي منا بأنه يرغب في إنجاب أطفال في ذلك الوقت". وكان لدى بلاكستون وزوجها قطة، وتبين أنهما يعانيان من حساسية منها، والتقت بلاكستون أثناء بحثها ودراستها لموضوع الحياة بدون إنجاب أطفال، العديد من الأزواج والأفراد الذين اعتبروا حيواناتهم الأليفة شيئا أشبه بالأطفال. مصدر الصورةLisa Rochow and Cameron WheelerImage caption كاميرون ويلار وليزا روتشو يغيران تعريف الأسرة، ويقولان إن كلبتهما أيري تحل محل الأطفال وتقول: "أحد الأمثلة الصارخة كان رجلا (لم ينجب أطفالا) قابلته وكان قد ترك وظيفته حديثا لأنه علم من طبيبه البيطري أن كلبه سيموت بعد فترة وجيزة، وأراد أن يكون مع كلبه أثناء الأسابيع المتبقية من حياته". وتضيف: "كان يعتني بكلبه كما يفعل أي شخص مع أحد أبنائه أو أحد والديه المرضى". التقت بلاكستون أيضا زوجين لم ينجبا الأطفال، وحدث طلاق بينهما، وكان عليهما تحديد من يتولى الوصاية على قططهما. وتقول بلاكستون: "كانا يعتبران قططهما بمثابة أطفال لهما"، وانتهى الأمر بالاتفاق على بقاء أحد الزوجين مع القطط في المنزل، بينما وافق الآخر على حقوق الزيارة المنتظمة لها". وعلى نحو مماثل، يشعر بن لينوفيتز، رسام الحيوانات الأليفة المقيم في نيويورك، بالدهشة الشديدة من الطريقة التي تحدث بها زوجان في الأربعينيات من عمرهما عن كلابهما، وطلبا منه أن يرسم صورة لهذه الكلاب. كان الزوجان قد أنقذا أحد الكلاب، بعد أن عثرا عليه في أعقاب الإعصار ساندي الذي ضرب المدينة عام 2012. ويقول لينوفيتز، الذي يمكن أن يصل سعر لوحته التي تصور الحيوانات الأليفة إلى 160 دولارا: "الطريقة التي تحدث بها هذا الرجل عن كلبه كانت وكأنه يتحدث عن طفله المدلل". حيوان أليف بديل عن طفل؟ توجد عدة تعريفات للحيوان الأليف الذي يعتبره البشر بديلا عن إنجاب أطفال، بيد أن فكرة عدم الإنجاب واستبدالها بحيوانات أليفة تعد موضوعا مثيرا للجدل في مجتمع الراغبين في عدم إنجاب أطفال. ويجذب موقع على الإنترنت 594 ألف عضو يناقشون خياراتهم في العيش بدون إنجاب أطفال، ويبرز الجدل في اعتراض البعض على فكرة المساواة بين الطفل والحيوان الأليف، بينما يعترف آخرون على الفور بأن لديهم مجموعة من "القطط بدلا من الأطفال". وتقول ماكسين ترامب، زوجة لم ترغب في الإنجاب ومنتجة فيلم بعنوان "إما طفل أو لا طفل" يلقي الضوء على الصورة النمطية المرتبطة بأولئك الذين يختارون عدم إنجاب أطفال: "نحن نعتبر قطنا جزءا من أسرتنا، لكنني بالتأكيد لا أعتبر القط ابني الصغير". تعيش ترامب، البالغة من العمر 49 عاما، وهي بريطانية وتتنقل ما بين بريطانيا ونيويورك، مع زوجها جوش غرانغر، البالغ من العمر 45 عاما، وقطهما المسمى أوسكار وايلد (وتقول إنها لا تحب اسمه الأخير). ونظرا لأن أسلوب حياتهما المثقل بالسفر يعد جزءا من الأسباب التي لا تجعل ترامب ترغب في إنجاب أطفال، فوجود قط يناسبهما تماما. وتقول عن قرارها بعدم إنجاب أطفال: "عانيت من الاضطرابات والإحباط بسبب الأصدقاء"، لكن إنتاج الفيلم "كان علاجا نفسيا محتملا". مصدر الصورةGeoff Tischman PetsImage caption تبرز ظاهرة طلب أزواج من فنانين رسم صور خاصة لحيواناتهم الأليفة مثل هذه الصورة لكلبة الإنقاذ زيفا وعندما شرعت في عملها في إنتاج الفيلم قبل نحو سبع سنوات، كان هناك القليل من المعلومات المتوفرة عن موضوع خيار عدم إنجاب أطفال. وتقول: "إنه شيء مثير لأنه يجعلك تتساءل هل نحن بصدد تجاوز فكرة اعتبار مثل هذا القرار بمثابة أمر غريب أو غير مألوف؟". بالنسبة لروتشو وويلار وغيرهما من الأزواج الذين يعيشون بدون إنجاب أطفال في الولايات المتحدة وخارجها، يعتبر قرار عدم الإنجاب مفهوما مقبولا مثل قرار تبني حيوان أليف. وتقول روتشو، التي كان رد فعلها تجاه مرض كلبتها كأم قلقة عندما بدت علامات المرض على طفلها: "شعرنا بشيء من الخوف على أيري الأسبوع الماضي، وأخذناها على الفور إلى طبيب بيطري". وأضافت: "دخلت الكلبة غرفة الطوارئ الخاصة بالكلاب. وبلغت تكاليف العلاج أقل من ألف دولار، وأتوقع أن يكون دخول طفل صغير غرفة الطوارئ في سيارة إسعاف أو حتى مجرد دخوله غرفة طوارئ لن يتكلف أقل من ألف دولار. لا يمكن أبدا". (تقديراتها صحيحة بالنسبة للتكلفة في كثير من الحالات في الولايات المتحدة). لكن بالإضافة إلى ترشيد النفقات، تقول روتشو إن قرارهما يوفر عليهما أيضا "تكلفة عاطفية" نتيجة وجود أطفال. وتقول روتشو: "أنا أعمل في مجال المجتمع. وأعرف حاجات البشر. وأشعر بالفعل أنه ليس لدي القدرة على إعطاء الطفل كل ما يحتاجه". يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Worklife
مشاركة :