قبل أيام حلت علينا الذكرى السنوية لحرب أكتوبر المجيدة لعام 1973، والتي تعتبر من أشرس وأقوى الحروب التي خاضتها مصر ضد العدو الصهيوني، والتي كسرت المقولة الإسرائيلية التي كانت تروج لها إسرائيل لسنوات عديدة بأن جيشها هو الجيش الذي لا يقهر. هذه الحرب التي جاءت بعد هزيمة الأيام الستة، والتي عرفت بالنكسة في عام 1967، والتي أدركت بعدها مصر أهمية استرجاع الأرض المسلوبة بالحرب مصداقًا لقول الرئيس الخالد جمال عبدالناصر: «إن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة»، وبدأت التخطيط لذلك بحرب الاستنزاف التي أنهكت العدو الإسرائيلي، وسطر الجندي المصري ملاحم من البطولة والفداء في معارك العبور. وإذا كنا لا نزال نذكر بالفخر هذه المعركة الشرسة، فعلينا أن نتذكر بكل فخر ما قام به الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس هيئة الأركان العامة ورئيس غرفة العمليات المشتركة للحرب وواضع خطة العبور. إن حرب أكتوبر المجيدة هي أكبر حرب تم تنفيذها على ساحة الميدان بعد الحرب العالمية الثانية، فقد قلبت موازين القوى رأسًا على عقب، وأعادت هيكلة هذه المفاهيم والقواعد مرة أخرى من الدروس المستفادة من هذه الحرب. لقد خاض الجيش المصري أشرس المعارك مع العدو في سيناء، وسطرت فيها العسكرية المصرية أروع وأعظم ملاحم القتال العسكري بالأسلحة المشتركة، وضحى خلال معاركها العديد من شهداء وقادة مصر بأرواحهم من أجل تحرير الأرض. لقد تم في حرب أكتوبر 73 وعلى مسرح العمليات تنفيذ أكبر معركة جوية استمرت لأكثر من 53 دقيقة في قتال جوي متلاحم. وتتميز حرب أكتوبر بأنها التي تم خلالها تنفيذ أكبر معركة بالمدرعات بعد الحرب العالمية الثانية. وحرب أكتوبر «حرب العاشر من رمضان» كما تعرف في مصر أو حرب تشرين التحريرية كما تعرف في سوريا أو حرب يوم الغفران كما تعرف في إسرائيل، هي حرب شنتها كل من مصر وسوريا على إسرائيل عام 1973، وهي رابع الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948 (حرب فلسطين)، وحرب 1956 (حرب السويس)، وحرب 1967 (حرب الأيام الستة)، وكانت إسرائيل في الحرب الثالثة قد احتلت شبه جزيرة سيناء من مصر وهضبة الجولان من سوريا، بالإضافة إلى الضفة الغربية التي كانت تحت الحكم الأردني، وقطاع غزة الخاضع آنذاك لحكم عسكري مصري. بدأت الحرب يوم السبت السادس من أكتوبر 1973 ميلادية الموافق العاشر من رمضان 1393 هجرية بتنسيق هجومين مفاجئين ومتزامنين على القوات الإسرائيلية، أحدهما للجيش المصري على جبهة سيناء المحتلة وآخر للجيش السوري على جبهة هضبة الجولان المحتلة. وعقب بدء الهجوم حققت القوات المسلحة المصرية والسورية أهدافها من شن الحرب على إسرائيل، وكانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى للمعارك، فعبرت القوات المصرية قناة السويس بنجاح وحطمت حصون خط بارليف وتوغلت 20 كم شرقًا داخل سيناء، فيما تمكنت القوات السورية من الدخول إلى عمق هضبة الجولان وصولاً إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا. أما في نهاية الحرب فقد انتعش الجيش الإسرائيلي، فعلى الجبهة المصرية تمكن من فتح ثغرة الدفرسوار وعبر الضفة الغربية للقناة وضرب الحصار على الجيش الثالث الميداني، ولكنه فشل في تحقيق أي مكاسب استراتيجية سواء باحتلال مدينتي الإسماعيلية أو السويس أو تدمير الجيش الثالث أو محاولة رد القوات المصرية للضفة الغربية مرة أخرى، أما على الجبهة السورية فتمكن من رد القوات السورية عن هضبة الجولان واحتلالها مرة أخرى. وقد انتهت الحرب رسميًا مع نهاية يوم 24 أكتوبر من خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي والإسرائيلي. هذا غيض من فيض مما حفلت فيه حرب أكتوبر المجيدة.
مشاركة :