دعا باحثون وخبراء في التراث إلى نقل قيم التسامح والتعايش، التي مثلت على مرّ العصور سمة رئيسة لمجتمع الإمارات ومجتمعات الخليج بشكل عام، إلى النشء، عبر وضع مناهج دراسية متخصصة تضم لمحات من قصص الآباء والأجداد، وتركّز على قيم وسلوك التسامح في شخصية وسيرة المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، باعتباره القدوة الأبرز في هذا المجال. وأوصى المشاركون في جلسات اليوم الثاني من «المؤتمر الخليجي السابع للتراث والتاريخ الشفهي»، الذي نظمته دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، على مدى يومين بمنارة السعديات في أبوظبي، تحت عنوان: «زايد والتسامح، ثقافة مجتمع ونهج قيادة»، بالعمل على تعزيز ثقافة التسامح عبر إطلاق مبادرات مشتركة على المستوى الخليجي، أبرزها تشكيل لجنة خليجية مشتركة للتعايش والتسامح، بالإضافة إلى إطلاق مبادرات مشتركة بين الجهات المعنية ووزارات التربية والتعليم، وتوحيد الخطاب الإعلامي، وأن يكون موجهاً بالدرجة الأولى إلى الغرب لتعريفه بالقيم الإنسانية والدينية لدى العرب، وإبراز الصور والنماذج الإيجابية في التعددية والتعايش، مؤكدين على أهمية المؤتمر وما يماثله من ملتقيات للاستماع إلى النخب والمؤثرين والمختصين في هذا المجال. جذور وتناولت جلسات اليوم الختامي من المؤتمر محاور عدة، طرحها متحدثون خليجيون وإماراتيون، إذ تحدث نائب رئيس اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب، الدكتور عائض الزهراني (السعودية)، خلال الجلسة الأولى، التي أدارها الدكتور يعقوب الكندري، عن جذور التسامح الديني والتعايش الحضاري في دولة الإمارات وآفاقه، مشيراً إلى أن هناك منطلقات تستند إليها استراتيجية التسامح في الإمارات، من أبرزها تعميق قيم الانفتاح على الثقافات والشعوب في المجتمع، الذي يضم ما يزيد على 200 جنسية، وترسيخ مكانة الدولة كعاصمة للتسامح، وإطلاق مبادرات مجتمعية وثقافية، وطرح تشريعات وسياسات تهدف إلى مأسسة قيم التسامح الثقافي والاجتماعي والديني. وأشاد بتوجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في نوفمبر 2017، بتسمية جسر المشاة على القناة المائية الجديدة في دبي، باسم «جسر التسامح». بينما تناول رئيس قسم البريد والوثائق بالمديرية العامة للتربية والتعليم في سلطنة عمان، الدكتور ناصر بن سعيد العتيقي، في مداخلته «ملامح من سياسة التسامح في السياسة الخارجية للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان»، متطرقاً إلى ثلاثة محاور: العلاقات مع مجلس التعاون الخليجي العربي، والعلاقات الإماراتية - العربية وجامعة الدول العربية، والعلاقات الخارجية وملامح تسامح الشيخ زايد في السياسات الخارجية. وتوقف أمام مواقف تاريخية للشيخ زايد، مثل استخدام النفط سلاحاً في حرب أكتوبر، ودعمه الدائم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ودوره في تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربي. أما الأستاذة المساعدة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة زايد، الدكتورة علياء خميس البدواوي، فسلطت الضوء على قيم التسامح في فكر الشيخ زايد، من خلال قراءة في نصوص الرحالة والوثائق البريطانية، سواء قبل توليه، طيب الله ثراه، الحكم أو بعده، واستخلصت سمات عدة في شخصية المؤسس، اتفق عليها مدونون ورحالة في كتاباتهم، من أبرزها الذكاء والقوة والهدوء، والقدرة على الاتصال الفعال، والاعتداد بالنفس، والتسامح ومحبة الآخر وحب شعبه، إلى جانب حرصه على المساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات، وقد انعكست هذه الصفات بوضوح على أفعاله وتصرفاته. أرضية مشتركة من جهته، تحدث الرئيس التنفيذي لبرنامج خليفة للتمكين «أقدر»، الدكتور إبراهيم الدبل، خلال الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور عبدالله عبدالرحمن يتيم، عن ثقافة التسامح بين المسؤولية الفردية والمجتمعية، مشيراً إلى أهمية إيجاد أرضية مشتركة خاصة بمفهوم التعارف بين الفرد والمجتمع. وتحدث رئيس قسم البحوث والدراسات بمركز زايد للدراسات والبحوث، الدكتور حمدان راشد علي الدرعي، في ورقة بعنوان «الشيخ زايد وثقافة التسامح». وأكد أن «المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، أرسى دعائم لثقافة واسعة الأطراف والأركان من التسامح، ليشمل الانفتاح على الديانات الأخرى». من ناحيته، استعرض مدير إدارة وسائل الإعلام بوزارة شؤون الإعلام في البحرين، يوسف محمد إسماعيل، تجربتَي الإمارات والبحرين في نشر ثقافة التسامح بالمجتمع، وما حققتاه من تقدم كبير في هذا المجال، طارحاً عدداً من التوصيات المهمة لتكريس قيم التسامح في المجتمعات، من بينها إطلاق مبادرات خليجية مشتركة، ووضع خطة طويلة الأمد، تشترك فيها المؤسسات المختلفة مع الأسر لتعزيز ثقافة التسامح لدى النشء، وتوظيف وسائل الإعلام المختلفة لخدمة هذا الهدف، وإعادة توجيه محتوى الكتب والأفلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ليكون أكثر إيجابية، بالإضافة إلى العمل على أن يكون الخطاب الديني أكثر تسامحاً. ودعت الأستاذة المساعدة في جامعة البحرين، الدكتورة موزة عيسى، إلى التصدي للإرهاب عبر نشر قيم وثقافة التسامح، خصوصاً في ظل التحديات الراهنة التي تواجهها المنطقة العربية، وقدمت عرضاً لتجربتَي الإمارات والبحرين في هذا المجال، متوقفة أمام أبرز المبادرات التي أطلقت في البلدين، مثل إعلان 2019 «عام التسامح» في الإمارات، وإنشاء أول وزارة للتسامح في العالم، وتدشين مراكز تواجه العنف والتطرف مثل «صواب» و«هداية»، وإقرار قانون مكافحة التمييز والكراهية في 2015. التعليم وخلال الجلسة الثالثة، ركز المتحدثون على علاقة التعليم بالتسامح. وشددت رئيسة قسم التقويم والتجريب والمتابعة، إدارة المناهج - وزارة التربية والتعليم، عائشة عبيد المهيري، على دور المدرسة الإماراتية في غرس قيم التسامح بالمجتمع، مشيرة إلى إدراج وثيقة «الأخوة الإنسانية» التي وقّعها كل من قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، بأبوظبي، فبراير الماضي، في المناهج الدراسية هذا العام. وأشارت إلى حرص الوزارة على تعريف الطلبة بتاريخ الدولة ورموزها، ومن أبرزها شخصية الوالد المؤسس الشيخ زايد، إذ تضمنت المناهج الدراسية من الصف الأول إلى التاسع 670 صفحة عن الشيخ زايد في مختلف المواد، وتتناول جوانب مختلفة من شخصيته وسيرته. وتناولت رئيسة مادة التربية الأخلاقية أخصائية مناهج - وزارة التربية والتعليم، عنود أحمد العبيدلي، في ورقة بعنوان: «التسامح في المدرسة الإماراتية وفق منهج التربية الأخلاقية»، نقاطاً عدة، مضيفة أن «منهج التربية الأخلاقية هو نتاج لفكر استثنائي لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويعتبر إطاراً معرفياً وقيمة أصيلة في منظومة التعليم الوطني». علياء البدواوي: «التسامح والمحبة والحرص على المساواة بين الجميع، من أبرز سمات المغفور له الشيخ زايد». حمدان راشد الدرعي: «المغفور له الشيخ زايد، أرسى دعائم لثقافة واسعة الأطراف والأركان من التسامح». عائض الزهراني: «نشيد بتسمية جسر للمشاة، على القناة المائية الجديدة في دبي، بـ(جسر التسامح)». - «زايد والتسامح.. ثقافة مجتمع ونهج قيادة»، عنوان المؤتمر الذي نُظّم على مدى يومين بمنارة السعديات في أبوظبي.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :