أكد الدكتور إبراهيم العساف؛ وزير المالية، أن السعودية ستواجه بعض التحديات مثل بقية الدول التي تعتمد على النفط في الدخل، مشدداً على أن المرحلة المقبلة تتطلب إجراءات احترازية واستباقية ومواصلة برامج الإصلاح والتنويع الاقتصادي وتوسيع قاعدة الإيرادات العامة، وترشيد الإنفاق العام وتعزيز كفاءته وفاعليته. جاء ذلك في كلمته خلال تدشين أعمال مؤتمر يوروموني السعودية 2015 في نسخته العاشرة، الذي تنظمه وزارة المالية بعنوان "الفرص والأسواق المالية" في الرياض، أمس. وتناول وزير المالية جانب من الوضع الاقتصادي والمالي في السعودية، وقال إن الاقتصاد السعودي شهد معدلات نمو قوية خلال السنوات الخمس الأخيرة بلغت نحو 5 في المائة في المتوسط سنوياً، مشيراً إلى أن هذا النمو جاء على خلفية التوسع المستمر في الأنشطة الاقتصادية في القطاعات غير النفطية بمعدلات نمو سنوية فاقت 5 في المائة، ما أسهم في تعويض أثر التقلبات في معدلات نمو القطاع النفطي على أداء الاقتصاد الكلي. وأكد العساف، جهود الدولة المستمرة لتطوير الشراكة مع القطاع الخاص، وتوفير البيئة المناسبة للاستثمارات الخاصة التي أثمرت عن تحقيق معدلات نمو لناتج القطاع الخاص في القطاعات غير النفطية تراوحت بين 6 و8 في المائة، خلال السنوات الخمس الماضية ليصل نصيب ناتج القطاع الخاص إلى نحو 70 في المائة من ناتج القطاعات غير النفطية التي تشكل نحو 56.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2014. وذكر أن العوامل التي ساعدت على هذا النمو، الفرص المتاحة التي صاحبت الإنفاق الحكومي على مشاريع وبرامج التنمية والبنية الأساسية. وكشف وزير المالية، أن عدد عقود المشاريع الحكومية التي طرحت خلال عام 2014 بما فيها المشاريع الممولة من فوائض إيرادات الميزانيات السابقة، بلغت 2572 عقداً بلغت قيمتها الإجمالية نحو 49 مليار دولار، موضحاً أن ميزانية الدولة لعام 2015، جاءت لتؤكد الارتباط الوثيق بين توجهات الإنفاق العام وأهداف وأولويات خطة التنمية مع العمل على تفادي التأثيرات السلبية الكبيرة لتقلبات أسعار النفط، مضيفاً أنه ساعد في ذلك الجهود الكبيرة التي بذلت خلال الأعوام الماضية لتقوية وضع المالية العامة وتعزيز الملاءة المالية بخفض الدين العام. وأشار الدكتور العساف إلى أن الميزانية العامة للعام المالي الحالي استمرت في تركيزها على برامج التنمية ذات الأولوية، بما يسهم في الاستمرار في تحفيز نشاط القطاع الخاص خارج القطاع النفطي ورفع معدلات النمو والتشغيل. وبالنسبة لقطاع المالي، أكد العساف أن المملكة تواصل بشكل عام تعزيز القطاع، وأن القطاع المصرفي استمر في نموه وواصلت مؤسسة النقد العربي السعودي جهودها لتعزيز متانته، كما تواصلت هيئة السوق المالية العمل في تطوير وتعميق السوق المالية، موضحاً أنه تمت أخيراً الموافقة على فتح المجال للمؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة، وكذلك تشجيع طرح السندات والصكوك بجانب الأسهم لتنويع أدوات الاستثمار وفرص التمويل. فيما أعرب العساف عن تفاؤله بمستقبل سوق الصكوك والسندات في المملكة، ما سيفتح آفاقاً جيدة لمنشآت القطاع الخاص لتمويل مشاريعها وتوسعاتها في ظل توفر السيولة في السوق المحلية وتزايد إقبال المستثمرين، وقال "لعل المؤتمر فرصة لعرض ومناقشة مثل هذه التطورات". كما استعرض وزير المالية، جانب من تقرير وكالة موديز العالمية للتصنيف الائتماني، بتصنيف المملكة السيادي عند درجة ائتمانية عالية (Aa3) مع نظرة مستقبلية مستقرة، بعد إعلان مماثل من وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني عن بتثبيت التصنيف السيادي للمملكة عند درجة ائتمانية عالية (AA) مع نظرة مستقبلية مستقرة، ما يمثل انعكاساً للتطورات الإيجابية، ويعد نجاح المملكة في الحفاظ على تصنيفها الائتماني المرتفع، رغم انخفاض أسعار النفط انعكاساً لسلامة السياسات الاقتصادية للمملكة ومتانة الاقتصاد السعودي وقدرته على مواجهة التقلبات الدورية. وأكد، أن المملكة تشهد تطورات في غاية الأهمية على المستويين السياسي والاقتصادي بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وكان آخرها مبايعة الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد، منوهاً إلى أن القرارات التنظيمية في المجالين الاقتصادي والسياسي والأمني المتمثلة في تركيز القرارات في مجلسين رئيسين هما مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية كبديلين عن الكثير من المجالس واللجان. ويرى العساف، أن من شأن ذلك أن يُمَكّن من الإسراع في اتخاذ القرار، معرباً عن أمله في أن يضيف المزيد من سهولة أداء الأعمال لتعزيز البيئة الجاذبة للاستثمار. وذكر الدكتور العساف، أن الاقتصاد العالمي استمر في التعافي خلال العام الماضي، وإن كان النمو مازال متوسطاً ومتبايناً بين الدول والأقاليم المختلفة، مشيراً إلى أن الجانب الآخر استمر فيه التباطؤ في معدلات نمو الاقتصادات الناشئة وعلى رأسها الصين، فضلاً عن تأثر عدد من الاقتصادات الناشئة الرئيسة الأخرى بتراجع أسعار السلع الأولية، مبيناً أنه رغم ذلك فقد أسهمت مجموعة الاقتصادات النامية والناشئة بنحو ثلاثة أرباع نمو الاقتصاد العالمي عام 2014. وحول المستوى الإقليمي، أوضح وزير المالية، أنه رغم التحسن النسبي في معدل النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2014، مقارنة بالعام الذي سبقه، إلا أن معدلات النمو الاقتصادي في المنطقة ما زالت ضعيفة متأثرة بالتطورات الأمنية والسياسية في عدد من المناطق، في حين أن انخفاض أسعار النفط يمثل تحدياً للدول المصدرة له ومن بينها المملكة. وأضاف العساف، أن آفاق الاقتصاد العالمي يواجه عدداً من المخاطر التي تتضمن التوترات السياسية، الاضطرابات الأمنية ومخاطر الركود، وزيادة حدة التقلبات في أسواق المال الدولية نتيجة لحدوث تحول في تقييم المتعاملين في الأسواق لمخاطر الاستثمار في الأصول المالية، خاصةً إذا ارتفعت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة على نحو أسرع وبدرجة أكبر من المتوقع مع إعادة السياسة النقدية إلى وضعها الطبيعي، في ظل تعافي معدلات نمو الاقتصاد الأمريكي. فيما أعرب عن تفاؤله ببدء الاقتصاد العالمي الخروج من الوضع الحالي المُتّسم بالنمو المنخفض ومخاطر الانكماش الحاد، مشيراً إلى أن المؤشرات من أوروبا واليابان بالذات متفائلة، إلا أنه لا يتوقع عودة قريبة لمستويات النمو العام التي كانت في العقد الماضي. فيما قال ريتشارد إنسور؛ رئيس مجموعة يوروموني انستتيشنال انفستر، إن المملكة أوجدت وظائف جديدة، وشرعت في العمل ببرنامج استثماري توسعي هائل في البنية التحتية، وفتحت أبواب اقتصادها أمام رأس المال العالمي بخطوات ثابتة تمثل أحدثها بفتح سوق الأسهم "تداول" أمام المستثمرين الدوليين، مؤكداً أنها قصة نجاح كبيرة بالنظر إلى التحديات التي تواجه المنطقة.
مشاركة :