بيتر هاندكه وأولجا توكارتشوك يفوزان بـ «نوبل للآداب»

  • 10/11/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أعلنت الأكاديمية السويدية أمس الخميس فوز الكاتب النمساوي بيتر هاندكه بجائزة نوبل للأدب لعام 2019، والكاتبة البولندية أولجا توكارتشوك بجائزة عام 2018 المؤجلة.ومُنحت جائزتا نوبل هذا العام بعد حجب جائزة العام الماضي في أعقاب فضيحة اعتداء جنسي هزت الأكاديمية التي تمنح الجائزة الرفيعة.ومنذ ذلك الوقت عيّنت المؤسسة أعضاء جدداً، وأدخلت إصلاحات على بعض قواعدها الأكثر غموضاً بعد تدخل نادر من ملك السويد.وذكرت الأكاديمية في بيان أن هاندكه (76 عاما) فاز بجائزة 2019 عن «عمله المؤثر الذي استكشف ببراعة لغوية حدود وخصوصية التجربة الإنسانية».وحصلت توكارتشوك على جائزة عام 2018 لأنها قدمت «خيالا سرديا يمثّل بشغف موسوعي عبور الحدود كأسلوب حياة».يعُرف الكاتب النمساوي بيتر هاندكه بسعيه الحثيث لسبر أغوار اللغة وإنتاجه الزاخر الذي يكسر التقاليد وببعض المواقف التي أثارت الجدل لا سيما تلك المؤيدة لصربيا.وكان الأديب البالغ من العمر 76 عاماً الذي يتميّز بقامته الممشوقة وشعره الأشيب المسدول إلى الخلف ونظرته الثاقبة قد قال «لا بدّ من إلغاء نوبل الآداب، فهو تكريس زائف لا يفيد القارئ بشيء».وظنّ كثيرون من أهل الأدب أنه لن ينال هذه الجائزة يوماً، بالرغم من شهرة أعماله، بسبب مواقفه خلال حرب يوغسلافيا السابقة.فقد كان هذا الكاتب المولود لأم سلوفينية في السادس من كانون الأول/ديسمبر 1942، في كرنتن في جنوب النمسا، من المفكرين الغربيين القلائل الذين أيّدوا الصرب. وفي خريف العام 1995 بعد بضعة أشهر من مجزرة سريبرينتسا، سافر إلى صربيا وسجّل الانطباعات التي خلفتها هذه الرحلة في كتاب أثار جدلا يحمل عنوان «رحلة شتوية نحو الدانوب والسافا والمورافا والدرينا».وفي العام 1999، أعاد جائزة «بوشنر» الألمانية الأدبية العريقة وانسحب من الكنيسة الكاثوليكية تنديداً بالضربات التي شنّها حلف شمال الأطلسي على بلغراد مشبهاً الوضع ب «أوشفيتز جديد». كاتب مثير للجدل وبعد سبع سنوات، أثار جدلا بحضوره مراسم دفن الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش المتهم بجرائم ضدّ الإنسانية وإبادة جماعية.واضطر إثرها إلى التخلي عن جائزة كانت مدينة دوسلدورف قررت منحها إياه وسحب فرقة «كوميدي-فرانسيز» المسرحية أحد أعماله من برنامجه.وهبّ مثقفون إلى الدفاع عنه، من بينهم مواطنته إلفريده يلينيك الحائزة نوبل الآداب سنة 2004. غير أن الجدل الذي سببه طغى لفترة من الفترات على أعمال هاندكه الأدبية في الإعلام.لكن الكاتب النمساوي الذي ألف أكثر من 80 عملاً يبقى أحد الكتاب باللغة الألمانية الذين يتمتعون بأكبر نسبة قراءة. وقد حولت الكثير من أعماله إلى مسرحيات.وقال هاندكه خلال تسلّم جائزة للأدب الأوروبي في ألمانيا «أحلم بأن أكون عالمياً ولدّي القدرة على ذلك»، وقد فتح له صديقه السينمائي الألماني فيم فندرز أبواب مهرجان البندقية حيث عرض «أيام أرانخويس الجميلة» المقتبس من إحدى مسرحياته، وأقرّ السينمائي الألماني «لولاه، لكنت أصبحت رساماً ربما».وبقي هاندكه الذي منح لقب مواطن شرف في بلغراد في شباط/فبراير 2015، متمسكاً بتأييده لصربيا.وهو خصص جزءاً من المبلغ المرفق بجائزة إبسن المسرحية التي نالها سنة 2014 لتشييد مسبح عام في منطقة صربية في كوسوفو. أصدر هاندكه الذي تأثر كثيرا بكتاب جورج بيرنانوس «تحت شمس الشيطان» عندما كان في الخامسة عشرة من العمر، أول رواية من توقيعه سنة 1966 بعنوان «الزنابير»، بعدما توقف عن دراسة الحقوق في فيينا.وأثار ضجة في السنة عينها مع أول مسرحية له بعنوان «إهانة الجمهور» التي تمتزج فيها شتائم موجهة للمتفرجين ورسائل يائسة وانتقادات لاذعة للأدب الملتزم.وقد انتقد الكاتب البالغ وقتها 24 عاماً مبادئ ما يعرف ب «مجموعة 47» المهيمنة على الأدب الألماني في مرحلة ما بعد الحرب العالمية، رافضا رفضا قاطعا الاستخدام المؤطر للغة. وهاندكه من أرباب النثر وقد طوّر أسلوبا قاطعا وكثيفا، مؤكدا أنه لا يسعى إلى «استثارة الأفكار بل العواطف».وذاع صيته مع «توتر حارس المرمى خلال ركلة الجزاء» في العام 1970، ثم «المصيبة اللامبالية» (1972) التي يرثي فيها والدته بشكل مؤثر.وكانت الهجرة والوحدة من المواضيع الأكثر تداولاً في أعمال هذا الأديب الغزير الإنتاج الذي في رصيده حوالى أربعين رواية وديوان شعر، فضلا عن 15 مسرحية وسيناريوهات من بينها «أجنحة الرغبة» لصديقه فيم فندرز. وصدر كتابه الاخير بالالمانية سنة 2018 لدى دار «سوركامب». واستقرّ هاندكه في شافيل في ضاحية باريس سنة 1990 بعدما عاش لفترة طويلة في سالزبورغ. وهو مطلّق وله ابنتان. سعي إلى الحقيقة تعتبر أولجا توكارتشوك ألمع روائيي جيلها في بولندا وهي تحمل القارئ في سعي إلى الحقيقة، عبر عوالم متعددة الألوان تمزج بدقة بين الواقع والخيال.ولا تتردد الكاتبة اليسارية الملتزمة سياسياً وبيئياً في انتقاد سياسة الحكومة الحالية المحافظة والقومية في بلادها، وهي نباتية وتتميز بتسريحة شعر بضفائر إفريقية.ولدت توكارتشوك في 29 كانون الثاني/يناير 1962 في عائلة مدرسين في سوليكوف في غرب بولندا. وألفت حوالى 12 عملا. ونالت شهادة في علم النفس من جامعة وارسو. وعملت لفترة معالجة نفسية في جنوب غرب البلاد قبل أن تبدأ الكتابة. وقد أصدرت ديوانا شعريا قبل أن تنطلق في النثر.وبعد نجاح أول كتبها، كرست وقتها كاملا للأدب وأقامت في بلدة كرايانوف في جبال السوديت (جنوب غرب). وتسجل كتبها اليوم أفضل المبيعات في بولندا وقد ترجمت إلى أكثر من 25 لغة من بينها الكتالونية والصينية. وقد حولت الكثير من أعمالها إلى مسرحيات ومسلسلات وأفلام سينمائية.وتراوح أعمالها المتنوعة جداً بين القصة الخيالية الفلسفية (الأطفال الخضر 2016) والرواية البوليسية البيئية الملتزمة والميتافيزيقية (على عظام الموتى 2010)، وصولا إلى الرواية التاريخية الواقعة في 900 صفحة (كتب يعقوب 2014).في عالمها الشاعري، يختلط المنطقي باللامنطقي. فعوالمها في حركة دائمة من دون نقطة ارتكاز وثبات مع شخصيات تتمازج سيرتها وطباعها على غرار أحجية كبيرة لتشكل لوحة جماعية رائعة. وتتمتع بلغة غنية دقيقة وشاعرية تهتم بأصغر التفاصيل.وقالت الكاتبة والناقدة الأدبية كينغا دونيو وهي صديقة لها، «أولجا متزهدة في بحث دائم عن الحقيقة، الحقيقة التي يمكن إدراكها فقط من خلال الحركة ومن خلال تجاوز الحدود. كل الأشكال والمؤسسات واللغات الجامدة هي مرادف للموت».وشاركت أولجا توكارتشوك أيضاً في كتابة سيناريو فيلم «سبور» للمخرجة أنييسكا هولاند المستوحى من روايتها «على عظام الموتى». وقد بدأ عرض الفيلم الذي يتراوح بين العمل البوليسي البيئي والرواية الفلسفية المتخيلة، في شباط/فبراير 2017 وفاز بجائزة الفريد-باور في مهرجان برلين في السنة نفسها ومثل بولندا في السباق إلى جائزة أوسكار أفضل فيلم اجنبي. سيرة ذاتية ضخمة تقدم أولجا توكارتشوك نفسها على أنها شخص من دون سيرة شخصية. وقد أوضحت الكاتبة خلال مقابلة مع مؤسسة الكتاب البولندية «لا أملك سيرة واضحة جداً يمكنني أن أسردها بطريقة مثيرة للاهتمام. أنا مجموع هذه الشخصيات التي تخيلتها واخترعتها. أنا مؤلفة من كل هذه الشخصيات لذا سيرتي ضخمة ومؤلفة من حبكات عدة».

مشاركة :