هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس بفتح أبواب أوروبا أمام ملايين اللاجئين ردا على الانتقادات الأوروبية للهجوم التركي الجاري حاليا في شمال شرق سورية. وقال أردوغان في خطاب ألقاه في أنقرة "أيها الاتحاد الأوروبي، تذكر: أقولها مرة جديدة، إذا حاولتم تقديم عمليتنا على أنها اجتياح، فسنفتح الأبواب ونرسل لكم 3,6 ملايين مهاجر". وانتقدت الدول الأوروبية بشدة العملية العسكرية التي شنتها تركيا الأربعاء في شمال شرق سورية ضد وحدات حماية الشعب الكردية. وتابع أردوغان "لم تكونوا يوما صادقين. الآن يقولون إنهم سيجمدون ثلاثة مليارات يورو (وعدوا بها تركيا في إطار اتفاق حول الهجرة). هل احترمتم يوما وعدا قطعتموه لنا؟ لا". وأضاف "بعون الله سنواصل طريقنا لكننا سنفتح الأبواب" أمام المهاجرين. إلى ذلك أعلنت قوات سورية الديموقراطية الخميس تصديها للعملية العسكرية التركية ضد مناطق سيطرتها في شمال سورية، غداة قصف عنيف استهدف مدنا وقرى حدودية، ما يثير الخشية من أزمة إنسانية جديدة. وقال مصدر إعلامي في قوات سوريا الديموقراطية لوكالة فرانس برس الخميس "لم تتوقف محاولات التوغل" للقوات التركية والفصائل السورية الموالية لها، وتشمل مناطق عدة "من شرق رأس العين إلى غرب تل أبيض". وأشار إلى "اشتباكات عنيفة جداً" تدور في منطقتي رأس العين في ريف الحسكة الشمالي وتل أبيض في ريف الرقة الشمالي. وكانت قوات سورية الديموقراطية أعلنت في وقت سابق عن تصديها لمحاولات توغل في المنطقتين. اشتباكات عنيفة، مشيراً إلى غارات جوية تستهدف المنطقة الممتدة بين رأس العين وتل أبيض مع استمرار للقصف المدفعي. وكان الأكراد، وهم أصحاب خبرة قتالية، دعوا الولايات المتحدة إلى فرض حظر جوي في المنطقة ما من شأنه أن يساعدهم في التصدي للهجوم التركي. وأعلنت وزارة الدفاع التركية في بيان أن العملية العسكرية "براً وجواً كانت ناجحة خلال الليل، وسيطرنا على أهداف حددناها"، من دون أن تضيف أي تفاصيل عن ما هية تلك الأهداف ومواقعها. وشددت أن "العملية مستمرة وفق الخطة بنجاح". وأسفر الهجوم التركي منذ الأربعاء، وفق المرصد، عن مصرع ثمانية مدنيين و19 عنصراً من قوات سورية الديموقراطية. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن أكثر من 60 ألف مدني نزحوا من مناطقهم بشمال شرق سورية خوفا من العملية العسكرية التركية الجارية. وأوضح المرصد أن أكثر من 60 ألف مدني نزحوا من مدنهم وبلداتهم وقراهم خلال أقل من 36 ساعة، لافتا إلى أن عمليات النزوح لا تزال مستمرة من مناطق متفرقة شرق الفرات بسورية. وذكر المرصد أن مدينتي الدرباسية ورأس العين باتتا شبه خاليتين من سكانهما. إطلاق داعش وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية الخميس أن القصف التركي طال سجناً يضم مقاتلين أجانب في تنظيم داعش في مدينة القامشلي في شمال شرق البلاد. وقالت الإدارة الذاتية في بيان "قام النظام التركي مساء أمس الأربعاء ومع بدء حملته العسكرية المسعورة ضد مناطق شمال وشرق سورية، باستهداف جزء من سجن جركين في قامشلي"، من دون أن تحدد الأضرار التي طالته. وأوضحت أن السجن "يحتوي بداخله أخطر المجرمين من أكثر من 60 جنسية، مارسوا أثناء وجودهم ضمن صفوف تنظيم داعش الإرهابي شتى أنواع الإجرام والإرهاب"، معتبرة استهدافهم "محاولة واضحة لمساعدتهم على الهرب". وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره أن القصف المدفعي التركي وقع بالقرب من السجن. وحذر الأكراد أن "الاعتداءات على السجون التي تحوي عناصر داعش الإرهابية ستؤدي إلى كارثة قد لا يستطيع العالم تحمل تبعاتها في وقت لاحق". يوم مرعب وأفاد مراسلون لفرانس برس في الجهة التركية مقابل مدينة تل أبيض أن عشرات الآليات التركية المحملة بمقاتلين سوريين موالين لتركيا توجهت صباحاً إلى الجانب السوري. وعلى الجهة المقابلة للحدود، شاهد مراسل لفرانس برس على الطريق الدولي الممتد من رأس العين إلى تل أبيض حافلات مليئة بمقاتلي قوات سورية الديموقراطية في طريقهم إلى جبهات القتال. ومنذ بدء العملية العسكرية بعد ظهر الأربعاء، نزح آلاف المدنيين من منازلهم في المنطقة الحدودية وتحديداً من تل أبيض ورأس العين. وشاهد مراسل فرانس برس الخميس عشرات المدنيين من نساء ورجال وأطفال في سيارات وشاحنات صغيرة يفرون باتجاه مدينة الحسكة جنوب شرق رأس العين. وبعد تعرض مدينة القامشلي الأبعد شرقا للقصف المدفعي أيضاً، بدأت حركة نزوح منها. وقال ريزان محمد (33 عاماً) لفرانس برس أثناء فراره وعائلته "البارحة كان يوماً مرعباً، لم نستطع النوم"، مضيفاً "نتوجه إلى الريف خشية تجدد القصف واشتداد المعارك، لم نعد نشعر بالأمان". وبرغم إصرارها على القتال، يرى محللون أن قوات سورية الديموقراطية لن تتمكن من صد هجوم يمتد على مناطق حدودية واسعة خصوصاً في ظل قصف جوي يستهدف مواقعها. ويقول الباحث في مركز الأمن الأميركي الجديد نيكولاس هيراس لفرانس برس "تركيا والفصائل السورية معها ستخرق دفاعات قوات سورية الديموقراطية وتشكل ثغرة فيها"، إلا أن السؤال الأساسي بالنسبة له "يكمن في معرفة إلى أي مدى ستتقدم تركيا قبل أن توقفها الأطراف الدولية والإقليمية". إدانة دولية وانتقدت دول غربية وإقليمية، بينها فرنسا وبريطانيا والمملكة، الهجوم التركي. واستدعت وزارة الخارجية الفرنسية الخميس سفير تركيا في باريس، بحسب مصدر دبلوماسي. وقال المصدر إنه "تم استدعاء السفير التركي بعيد الظهر" إلى وزارة الخارجية الفرنسية. وأكد السفير إسماعيل حقي استدعاءه، وقال "تم استدعائي، وسأتوجه (إلى الوزارة) لاحقا". وندد وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان الأربعاء "بالعملية التركية في سورية"، قائلا إنها "يجب أن تتوقف". وأعلن في تغريدة على حسابه الرسمي في موقع تويتر، أنّ هذه العملية "تقوّض الجهود الأمنية والإنسانية للتحالف ضدّ داعش، وقد تؤدي إلى الإضرار بأمن الأوروبيين". كما استدعت الخارجية الهولندية السفير التركي الأربعاء لإدانة الهجوم. ودعت إيران، حليفة دمشق، الخميس أنقرة إلى "وقف فوري". واعتبرت طهران أن الحل يكمن في انتشار قوات النظام في هذه المنطقة، كما دعت روسيا إلى مفاوضات بين الأكراد ودمشق، الأمر الذي رحبت به الإدارة الذاتية الكردية. وتبدي دول أوروبية عدة قلقها البالغ من تداعيات الهجوم على مواصلة المعركة ضد خلايا تنظيم داعش، ومن احتمال أن يُسهم في انتعاشه مجدداً مع انصراف المقاتلين الأكراد إلى مواجهة تركيا. ودعت الصين إلى احترام سيادة سورية، وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية جينغ شوانغ أمس: إن "الصين تعتقد دائمًا أنه يتعين احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها، والحفاظ عليها". وأضاف أنه على المجتمع الدولي "أن يتفادى دائمًا المزيد من عوامل تعقيد الوضع". فيما أكد وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو أن العملية التركية ضد الأكراد في سورية "غير مقبولة" ودعا إلى وقف فوري للقتال. وذكر دي مايو على هامش مؤتمر في روما "نعتقد كحكومة أن المبادرة الهجومية التركية غير مقبولة. ندينها، لأن العمل العسكري في الماضي كان يؤدي دائمًا إلى مزيد من الإرهاب". مدنيون سوريون يصلون إلى مدينة الحسكة بعد الفرار من القصف التركي (أ ف ب)
مشاركة :