شروط دور النشر المجحفة حجبت نجومية القصة القصيرة

  • 10/11/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

شغفهُ بالقصة توجّه فارساً من فرسانها الذين يشار إليهم لما أنتج وينتج من قصص تفردت بالكثير فما أن تقرأ نصاً من نصوص مجموعاته حتى تشعر أنهُ ينقلك إلى عوالم الكاتب المتمكن. * كيف كانت رحلة عشق السرد معك؟ أيهما بدأ وكيف كنت تسقي تلك البذرة؟ - رحلة فائقة الجمال، رغم صعوبتها، حيث في بداياتي عام ١٤٠٨هـ لم تكن هناك كتب تعليم يمكنني الحصول عليها، أوقاصين أستطيع التواصل معهم بسهوله لأتعلم منهم، فكنت أقرأ عبر الصحف والمجلات ما يقع في يدي من قصص أومقالات نقد أوأتلقى من علماء الدين في القرية مساعدة في صياغة بعض العبارات وتصحيح النحو، فأجتهد في العمل على ما يقع في يدي، تارة تقليداً، وتارة أخرى اجتهاداً يصحبة السعي إلى النشر في صحيفة اليوم تحديداً، وأنتظر أكثر من شهر حتى ينشر النص، وربما أجد تعليقاً من محرر صفحة كتابات أوصفحة اليوم الثقافي أولا أجد البتة. لكن ذلك لم يكن يجرني إلى اليأس بل بقيت أدفع عجلتي بنفسي، حيث كنت الوحيد في قريتي الجبيل الأحسائية من يكتب في هذا المجال، بل لم يكن هناك من الكتاب الأحسائيين المعدودين على الأصابع ظاهرين أومعروفين، لكن في عام ١٤١٦هـ وبعد أن فتح نادي القرية أبوابه، تنفست من خلاله بالمسابقات التي كان يجريها عن طريق التنمية الاجتماعية بالأحساء، فحصلت علي الفوز عدة مرات، ومشاركة الكشافة بكتابتي من القصص والمسرحيات، وكذلك كتبت لأبناء القرية قصصاً وتم تمثيلها هناك. ثم بعد انتقالي إلى مدينة الخبر والتحاقي بنادي الدمام الأدبي ساعد على صقل الموهبة بالنقاش الأسبوعي على طاولة المكتبة، كما حصلت على بعض الكتب المساعدة لكتابة القصة، مما دفعني للمغامرة بالمشاركة في مسابقة جائزة نادي جازان الأدبي، ففزت فيها بالمرتبة الثالثة للقصة القصيرة للشباب السعودي لعام 1421/1422هـ. وفي عام ١٤٢٤هـ بدأت مسيرة طباعة المجموعات القصصية، فطبعت (بعث في خلايا مستقيلة) أول كتاب على حسابي الخاص، غضون هذه الفترة قد فتح الانترنت نافذته المنبسطة على العالم، وبدأت أعب في بحوره المختلفة المشارب بالقراءة، وبالمشاركة في المنتديات القصصية، تبادلت فيها وجهات النظر، وحضرت إلكترونيا الورش الخاصة بالسرد، والنقاش والحوار المتخصص مابين الكتاب من الدول المختلفة. وهكذا أصبحتُ منافساً في جيلي من شباب القصة، مما دعى الجهات المختلفة كنادي الشرقية الأدبي لطباعة مجموعي (في المنعطف) ومطابع الكفاح للنشر والتوزيع، طباعة مجموعي (من قاع النسيان) ونادي الجوف طباعة مجموعي(إحساس) ونادي الباحة طباعة مجموعي(يوتوبيا الطين) وملتقى ابن المقرب الأدبي طباعة مجموعي (لا يتنفسون إلّا بسلطان) وملتقي النورس الثقافي طباعة مجموعي(تسونامي كالغيمة أوأخف عبوراً) وذلك طوال مسيرتي الكتاببة التي تجاوزت الـ ٢٥ سنة في القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً. أيضاً غضون تلك الفترة كنت أجرب كتابة الرواية، وبما أنني قد تسلمت زمام قيادة المقهى الثقافي في نادي الشرقية الأدبي الذي أصبح محلاً لنقاش الروايات المختلفة من خلال الحضور المهتم الذكي صاحب الخبرات السردية المتباينة، حقق لي معرفة الكثير عن الرواية وفنياتها، فخضتُ غمارها بكتابة روايتي الأولى (مرآة تطلق الرصاص) الذي طبعها دار الانتشار العربي، بيروت، مناصفة، لجمال العمل، واستمر اهتمامي بالرواية إلى طلب مني مركز تبارك بالدمام عملاً لطباعته، فقدمتُ له روايتي (كاريزمي من فم امرأة) ثم بعد عام تقريباً طلب مني دار السكرية في مصر العربية طباعة عملاً آخر فطبع لي رواية (أبي وابنة القرية). مسيرة شاقة وصعبة على من لم يكمل تعليمه الدراسي وفقط حصل على الثانوية المسائية مثلي، لكن لكل مجتهد نصيب فقد كان الله ثم الإصرار والعشق حليف دربي تطوع لي الفن ومعرفته ولغته وأسلوبه. * كيف حال القصة اليوم ومتى يأتي زمنها؟ - الفترات التي تمر بها القصة القصيرة متباينة، تارة في بداياتها كان حالها مزدهراً، ومدهشاً، تحتويها وتحتفي بها الصحف والمجلات والأندية والمنتديات وغيرها من الجهات والمؤسسات الثقافية والأدبية بل ويهتم بها اهتماماً بالغاً القراء المختلفة ثقافاتهم للجغرافيا التي تكتنفهم، فكانت المؤسسات الثقافية والأدبية والاجتماعية تعنى بها تدعمها وتقوم بالمسابقات فيها، وتارة أخرى قبل عشر أعوام تقريباً إلى ما قبل ثلاثة أعوام أصبحت لا تجلب الشهرة كثيرًا كما يحدث ذلك في الرواية، وقد تضاءلت فيها المسابقات الأدبية الكبرى، مثل البوكر وكتارا، وحتى نوبل تركز على كتّاب الرواية أكثر من غيرها، كذلك شروط دور النشر المجحفة حجبت نجوميتها مما ركز الكتاب جهودهم على فن الرواية الأكثر إيصالاً إلى الشهرة، لكني أعتقد اليوم وبتفاؤل كبير بأنها ستعود تطفوعلى السطح وذلك من خلال عودة اهتمام بعض المؤسسات الثقافية والأدبية بعمل المسابقات فيها والمهرجانات لها وفتح طاولات النقاش فيها والملتقيات الصغيرة المهتمة بالحوار في فنها الجميل، وتكريم أصحابها، وطباعة بعض كتبهم، واهتمام بعض كتابها ببعضهم البعض بكتابة القراءات النقدية والانطباعة فيها، نيابة عن النقاد الذين هجروها تماماً، إلى ذلك، الذي أعتقد بأنه لاحقاً سيدفع بدور النشر والمسابقات الكبرى لاحتضانها كما يحصل في جائزة الملتقى الثقافي للقصة القصيرة العربية بالكويت. * قراءتك لملتقى القصة الأول الذي نفذ بنادي الباحة الأدبي كونك أحدى المشاركين؟ - كانت خطوة طيبة سباقة جداً في زمنها، كنا والقص نحتاجها حاجة ماسة، فجاءت باعثة لحياتينا، نحن والقصة، خطوة حفزت الأندية الأدبية والجمعيات الثقافية على ذات الفعل، وكما فاجأنا نادي الباحة برجالاته ذوي الروح الخلاقة والعامرة بالحب والكرم، فقد فاجأنا ببرامجه اليومية التي ملئت بالحيوية بقراءةِ القصص واستعراضها والثراء المعرفي حولها من خلال اختياره لكتاب ذوي خبرة كبيرة وكفاءة طويلة ومسيرة إبداعية مثارة لأسئلة توضح وتبني وتوجه، وكذا كان محلاً للنقاش والحوار اللذين تم تفعيلهما بنحولائق فريد ملفت عمرا أيام المهرجان بأجواء معرفية ونقدية ثقافية وأدبية مختلفة زاخرة، يصحبها معرض الكتاب الثري بإصدارات النادي ذاته، بل وإصدارات المشاركين المختلفة التي أحضروها معهم وتبادلوها بين بعضهم البعض، كما افردت لها منصات التوقيع التي أسهمت في رفعة معنويات الكتاب * ماذا تقول عن حركة القصة في الاحساء وبماذا تختلف عن مدن المملكة؟ - في البدء في منعطفات جيلنا كانت الحركة بطيئة تسير بدقة تامة حذرة متلفتة إلى الإبداع بنحوعال جدا وحركة الظهور والانتشار خجولين بامتياز بل بإمكاننا أن نقول عنهما حركتان متخوفتان جدا حيث لم يكن الفن في حينه مبديا نفسه كما هوعليه اليوم ولذا يخاف الكاتب من ان تظهر نصوصه غير تامة إبداعيا فيحتفظ بها وكذلك كان النقد الأكاديمي مترقبا متوهجا لاذعا لايجابي ولا يداري ولا يجامل ولا يهادن يخاف منه كما أن المجتمع لم يكن بعد يأخذ نظرة مقبولة عن كتاب الأدب بكل أجناسه هذا منذ ظهور القصة في ربوع المنطقة تقريبا في عام 1380هـ كما أتصور إلى عام 1425هـالعام الذي تفجر فيه الانترنيت فيها بدأت الحركة تسير بنحوتصاعدي أكثر ومن وجهة نظري تختلف الحركة عن بقية مناطق المملكة بان الاحسائين لم يخرجوا من كتابة ذواتهم ويطرقوا باب التراث الاحسائي الأصيل ويتجاوزا بعض الخطوط الاجتماعية الحمراء وتابوهاتها إلا متأخرين جداً * أي مجموعتك القصصية اقرب إلى نفسك، ولماذا، وأيها تمثل الاحساء المكان والإنسان والتاريخ؟ - حقيقة كل المجاميع القصصية والروائية قريبة إلى نفسي وادعي أنها تمثل الاحساء بنحوما في إيطارها الإنساني والزمني والتاريخي، فهي أن لم تكن تجاربي وحياتي الاجتماعية الخاصة التي وددت معالجتها فهي تجاب وحياة من حولي من الأهل، والأقارب، والأصدقاء، والأحبة، والأعداء أيضا وبيوتنا الطينية وأزقتنا الرملية، وسوابيطنا المظلمة ومنع,منعطفاتنا الخطرة ومزارعنا وأشجار نخيلها, وما تلملمة تحتها بل وما تنتجه من ثمارها المتنوعة، كذلك عاداتنا وتقاليدنا أعرافنا أساطيرنا كل كتاباتي أخذت الكثير من هذا التراث القروي، وتوسدت على مخدته الوثيرة، وقليل جداً منها ما خرج عن هذا الإطار الثري الذي لا ينضب نعم لم اشر إلى المواقع الحقيقة بالاسم إلا في عمل واحد هو عملي الروائي (مرآة تطلق الرصاص) لكن معظم الأماكن أشرت إليها بالرمز أو بالتوصيف أو بالعلقة الروحية التي تجمعني وإياها. * ما الفرق بين العمل الأول وآخر عمل من ناحية الفرحة الفكرة البناء السردي وما تراهُ؟ - الحقيقة أن كل عمل في زمن طباعته كانت له الفرحة التامة الكبرى ولم تتغير أبداً إلى زمن طباعة العمل الأخير.. لكن على مستوى الفكرة والبناء السردي فرحتي بالمجاميع المتأخرة اكبر.. لكون هذان العنصران خرجا بنحوأنضج على الأقل من وجهة نظري بل وأمتن في الصياغة، والأسلوب، واللغة، والإخراج, والمعالجة. * كونك عملت عضواً ومحكماً ومنسقاً, برأيك هل يستطيع المبدع أن ينتج مبدعين كثمرة ناضجة لمشهد الثقافي، وماذا أثمر من عمل من تحت يديك؟ - نعم يستطيع المبدع أن يظهر مبدعين جدد يقدمهم لمشهد الثقافي، وذلك عن طريق إجادته للعمل، واجتهاده فيه، وإخلاصه الكلي له، وليس عن طريق المحاباة، والمدارة، والمجاملات على حساب العمل ذاته، وبفضل من الله حاولت جاهداً أن أكون للقصة، والرواية بهذا المستوى الراقي .. فأسهمت في دعم،وتقدم بعض المبدعين بالرأي، والنصيحة، والتعليم الجاد حتى أصدروا إلى الآن لا يقل عن مجموعة واحدة، ورواية واحدة لكل واحد منهم ذكر كان أوأنثى. * نيابة عن نفسك وعن كتاب القصة المقربين منك ماذا تقول لوزير الثقافة؟ - أن يترك الفرصة للمثقفين، والأدباء المخلصين لمشاركته التصورات، والأفكار والمتغيرات التي تسعى إلى إحداث الجديد، والأفضل الذي يتناسب، والمشهد الثقافي الأدبي السعودي، وتصحيح بعض مساراته، وتعديل خطواته، وإعادة النظر في القوانين، والتشريعات القديمة سعياً وراء استنهاض ثقافة، وأدب إنسانيين، وحقيقيين يدعما المثقفين، والمبدعين، وكذلك إيجاد صروحاً متخصصة في شتى مناطق المملكة.. تعنى بالسرد أومكاتب منفصلة تختص به داخل المؤسسات الثقافية، والأدبية يقوم عليها كتاب السرد أنفسهم، وتشرف عليها الوزارة،وتدعهما، وكذلك دعم الملتقيات التي تهتم بالسرد، والتكاتف معها للوصل إلى الأهداف، وهذا ما يؤسس لتطلعات كتابه السرديين، ويحقق طموحاتهم، وآمالهم.. التي تتناسب، والرؤية الكبيرة.. التي تتوخاها المملكة لتكون في مصاف الدول الكبرى أوأرقي.

مشاركة :