غياب السياسات التأديبية يفاقم ظاهرة التنمر في المدارس

  • 10/11/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يعاني الكثير من أطفال العالم من التنمر في المدارس، حيث بات مشكلة تؤرق الأسر والمجتمعات نظرا لتأثيراته السلبية على تحصيل الأبناء الدراسي وما يتركه من ندوب نفسية ترافق الضحية طوال حياته وربما تغير مساره إلى الأسوأ، وكشف بحث بحريني حديث أن صعوبات التعلم وضعف النتائج المدرسية يؤديان إلى التنمر والعدوانية بين أطفال المدارس. المنامة- توصلت دراسة بحرينية حديثة إلى أن لصعوبات التعلم وضعف التحصيل الأكاديمي آثارا وأبعادا تتجاوز المجالات الأكاديمية، وأنه لا يكفي التعامل مع الصعوبات الأكاديمية بمعزل عن الآثار والمشكلات الاجتماعية والانفعالية المترتبة على هذه الصعوبات. كما ذكرت الدراسة أن الأبحاث السابقة بينت أن المتنمرين في الغالب لا يتعاطفون مع الآخرين ولديهم حاجة قوية للسيطرة على أقرانهم، مشيرة إلى أنهم يحصلون على الرضا الشخصي من خلال إلحاق الأذى والمعاناة بالآخرين. جاء ذلك خلال دراسة قدمتها الباحثة فاطمة إبراهيم محمد آني، تحت عنوان “الفروق في السلوك التنمري بين ذوي صعوبات التعلم وذوي التفريط التحصيلي والعاديين بالمرحلة الإعدادية في مملكة البحرين”، والتي قدمتها كجزء من متطلبات الحصول على درجة الماجستير من قسم صعوبات التعلم والإعاقات النمائية في جامعة الخليج العربي. وشملت الدراسة عينة من 432 طالبا وطالبة من الصفين الأول والثالث الإعداديين، ووجدت أن النسبة المئوية للسلوك التنمري كانت 30.4 بالمئة لذوي صعوبات التعلم، و30 بالمئة لذوي التفريط التحصيلي، و19.7 بالمئة للتلاميذ العاديين. وتعزو الدراسات أسباب التنمر المدرسي إلى غياب سياسات تأديبية وعقوبات واضحة تجاه المتنمر، وعدم وجود برامج لحل النزاعات تتبناها المدرسة ويُدرب عليها أعضاء الهيئة المدرسية والمتنمرون والضحايا، وضعف دور الإرشاد الطلابي. وقالت آني إن هناك العديد من العوامل المدرسية التي تساعد على ظهور سلوك التنمر لدى الطلبة، منها العوامل المرتبطة بالمعلم كالعنف الذي يمارسه بعض المعلمين على التلاميذ، وكذلك الممارسات الاستفزازية الخاطئة من بعض المعلمين، وضعف شخصية المعلم وعدم إلمامه بالمادة الدراسية، كما أن العلاقات المتوترة داخل المدرسة والإحباط الموجود لدى التلاميذ نتيجة لذلك. وأوصت الدراسة بإعداد وتقديم دورات تدريبية للمعلمين العاملين بالمرحلة الإعدادية من أجل تدريبهم على الأساليب الأكثر فاعلية في التعامل مع الطلبة في هذه المرحلة. كما أوصت بإعداد وتقديم ورش عمل لأولياء أمور الطلبة الذين يعانون من سلوكيات التنمر، من أجل التوعية بمخاطر هذه المشكلة ومساعدتهم في الحد أو التخلص منها لدى أبنائهم، وإعداد ورش توعوية للطلبة حول السلوكيات الصحيحة عند التعرض للتنمر من قبل الآخرين. والاهتمام بذوي صعوبات التعلم والمتعثرين دراسيا لما قد يسببه انخفاض تحصليهم الدراسي من سلوك تنمري. ومن جهة أخرى أوضح بحث أصدرته اليونسكو مؤخرا تحت عنوان “ما وراء الأرقام، وضع حد للعنف المدرسي والتنمر”، في منتدى التعليم العالمي لعام 2019 المنعقد في لندن، خطورة المشكلة، وما حققته بعض البلدان من تقدم كبير في الحد منها أو احتوائها. وأفاد ثلث الطلاب تقريبا الذين شملهم البحث بناء على بيانات مفصلة وأدلة شاملة على العنف والتسلط في المدارس، غطت 144 بلدا وإقليما في جميع المناطق، بتعرضهم للتخويف من أقرانهم في المدرسة، مرة واحدة على الأقل في الشهر الذي سبق إصدار البحث، وتتأثر نسبة مماثلة بالعنف الجسدي. وكشفت بيانات اليونيسف، أن التنمر الجسدي يعد الأكثر شيوعا بين أنواع التنمر في العديد من المناطق، باستثناء أميركا الشمالية وأوروبا، حيث تسود البلطجة النفسية. وأضافت أن العنف المدرسي والبلطجة يؤثران على كل من الطلاب والطالبات، وفي حين تنتشر البلطجة البدنية بين الأولاد، تعد البلطجة النفسية أكثر انتشارا بين الفتيات. ورجحت المنظمة الأممية أن يتعرض الأطفال الذين يُنظر إليهم على أنهم مختلفون بأي شكل من الأشكال للمضايقة، ويمثل المظهر الجسدي أكثر الأسباب شيوعا لتعرض الطلاب للتنمر، في ما تتعلق الأسباب الثانية الأكثر شيوعا التي ذكرها الطلاب بالعرق أو الجنسية أو اللون. لا يكفي التعامل مع الصعوبات الدراسية للطفل بمعزل عن الآثار والمشكلات الاجتماعية والانفعالية المترتبة على هذه الصعوبات وقالت اليونسكو إن التنمر يؤثر بشكل سلبي كبير على الصحة العقلية للأطفال ونوعية الحياة ومستوى تحصيلهم الدراسي. كما يشعر الأطفال، الذين يتعرضون للمضايقات بشكل متكرر، بشعور بالإقصاء من المدرسة يزيد عن أقرانهم بمعدل ثلاث مرات أو أكثر، ويتضاعف احتمال عدم التحاقهم بالمدرسة. وتكون نتائج التحصيل الدراسي لضحايا التنمر أسوأ من أقرانهم، بما يزيد من احتمال تركهم للتعليم بعد المرحلة الثانوية. وأشارت مساعدة المديرة العامة لليونسكو المعنية بالتعليم ستيفانيا غيانيني إلى أن المزج بين القيادة السياسية القوية وعوامل أخرى مثل التدريب والتعاون والرصد، يثبت أنه من الممكن التخفيف من مناخ الخوف الناجم عن التنمر في المدارس والتعرض للعنف. وعلقت الأستاذة الجامعية في التربية في أميركا دوروثي أسبيليدج على نتائج دراسة حديثة شاركت في إنجازها “ما تبين لنا من الدراسة التي قمنا بها، أن نسبة التنمر تقل في المدارس التي تولي اهتماما لمسائل مثل الترابط، وتهتم كذلك بأن تضمن أن كل التلاميذ فيها يشعرون بالانتماء إليها”. وأوضحت أن الطفل الذي يشب عن الطوق في منزل حافل بالسلوكيات العنيفة، قد لا يصبح بالضرورة متنمرا، إذا كان يتلقى العلم في مدرسة تتبنى برنامجا يكافح التنمر، ويسودها مناخ يدعم تحقيق هذا الهدف.

مشاركة :