أكل واتكى ثم اشتكى ؟!

  • 5/6/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يشكو بعض المسؤولين في الإدارة العليا أو المتوسطة في الأجهزة الحكومية من أن بعض المراجعين يصرون على مقابلة أعلى مسؤول إداري في الجهاز التنفيذي الحكومي، وفي ذلك إشغال وإضاعة لوقت أولئك المسؤولين الذين يفترض أن يخصصوا أوقاتهم للتخطيط والتطوير والمتابعة والمراقبة والمحاسبة وتذليل العقبات الإدارية ونحوها من الأهداف العليا لا أن يشغلوا بتفاصيل المعاملات اليومية ومطالب المراجعين النظامية وغير النظامية وأن الإدارة الحديثة المطبقة في الدول المتقدمة لا يعاني المسؤولون فيها من مثل هذه الأمور ولذلك ينجحون أكثر في تطوير أعمالهم والارتقاء بالأجهزة التي يتولون إدارتها بشكل مضطرد.. وما قاله وشكا منه الإخوة الإداريون صحيح ويعبر عن واقع الحال، ولكن السؤال الواجب طرحه هو عن أسباب إصرار بعض المراجعين على مراجعة المسؤول الإداري الأول في الجهاز الحكومي الذي توجد له معاملة جارية به فلعل لأولئك المراجعين عذرا ونحن نلوم، وقد سألت موظفاً قديرا وخبيرا إداريا معتبرا عما يعتقد أنه يقف وراء الإصرار على مقابلة المسؤول الأول في الإدارة من قبل معظم المراجعين فوضع أمامي عدة احتمالات منها ما يلي: أولا: إما أن تكون الأنظمة التي بين يدي الموظفين واضحة ومرنة ومفهومة من قبلهم نصاً وتطبيقا، ولكن بعضهم بدافع من بيروقراطيته وميله نحو التعقيد لأسباب شتى معظمها غير حسن، يعقد المعاملة مما يؤدي إلى عرقلتها فيضطر المراجع للجوء إلى رؤسائه في الجهاز لعل أحدا منهم يحل مشكلته ويفهم الموظف المعقد ويحاسبه على تعقيد معاملات المراجعين حتى اضطرهم لمراجعتهم ثم الشكوى من إشغالهم لوقتهم الثمين. ثانيا: أن يكون هناك خلل أو غموض في مواد بعض الأنظمة أو ضعف في كفاءة الموظف المنفذ، حتى يقف عاجزا عن إنهاء إجراءات المعاملة فيراجع صاحبها من هو أعلى منه إداريا أملا في إيجاد مخرج لها فيجد المخرج وتنتهي مشكلته ويفعل ذلك غيره فتصبح أبواب الإدارة العليا والمتوسط مزدحمة بالمراجعين، وفي هذه الحالة لا بد من معالجة أي خلل أو غموض في مواد النظام ورفع كفاءة الموظفين المنفذين ليكونوا قادرين على معالجة معاملات المراجعين دون الاضطرار لطرق أبواب أعلى مسؤول إداري ثالثا: أن يحتفظ المسؤول الإداري ببعض الصلاحيات لنفسه وتكون من الصلاحيات «الكاملة الدسم»، ويترك ما دونها لموظفيه فيضطر المراجعون إلى طرق بابه إن كانت معاملاتهم تحتاج لما احتفظ به لنفسه من صلاحيات فيشعر بالأهمية ويقول لزوجه المصون عند عودته إلى منزله ادعي لي.. كل يوم أقابل المئات لأقضي حوائجهم وكان بإمكانه أن يسلم من الإرهاق لو أنه لم يحتفظ بالصلاحيات «كاملة الدسم» لنفسه ولكنه «أكل واتكى ثم اشتكى قال: ريحته مستكى» حسب قول المثل الشعبي المكي..

مشاركة :