تونس - يترقب التونسيون مناظرة تلفزيونية هي الأولى من نوعها التي تجريها تونس بين المتنافسين الفائزين في الدورة الأولى للسابق الرئاسي أستاذ القانون الدستوري المتقاعد قيس سعيد وقطب الاعلام والأعمال نبيل القروي الذي أفرج عنه قبل يومين من الحملة الانتخابية للرئاسية بعد أن كان موقوفا على ذمة تحقيقات في قضايا تهرب ضريبي وتبييض أموال. ويتنافس الجمعة في تونس وجها لوجه كل من سعيّد الذي يقدم نفسه مدافعا عن "الإرادة الثورية" ورجل الإعلام المجادل الحذق نبيل القروي في مناظرة تلفزيونية واعدة لإقناع الناخبين التونسيين. وتبث المناظرة التاسعة ليلا بالتوقيت المحلي (20.00 تغ) على التلفزيون الحكومي في حدث غير مسبوق في تونس. وعنونت صحيفة "الشروق" الجمعة "وأخيرا... المناظرة"، ووصفتها صحيفة "لوتان" الناطقة بالفرنسية بـ"المصيرية" في حين رأت جريدة "المغرب" أن المناظرة "ستمكن سبعة ملايين ناخب من تحديد أي المرشحين أجدر بالثقة". وتقدم المتنافسان في الدورة الأولى على مرشحين ممثلين عن الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد في إطار ما عرف بـ"تصويت العقاب" ضد المنظومة التي لم تقدم حلولا للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم. ونال قيس سعيّد المرشح المستقل 18.4 بالمئة من الأصوات، بينما حل القروي مؤسس حزب "قلب تونس" ثانيا مع 15.5 في المئة. وأوقف القضاء التونسي القروي في 23 أغسطس/اب الماضي بتهمة غسل أموال وتهرب ضريبي وأطلق سراحه الأربعاء بقرار من محكمة النقض ليدخل مباشرة في حملته وينافس سعيّد الذي علق بدوره حملته لغياب التكافؤ بينه وبين القروي قبل أن يستأنفها من جديد. ومن المقرر أن تكون المناظرة "أكثر تفاعلية" مقارنة بسابقتها التي نظمت في الدورة الأولى وجمعت 24 مرشحا، وفقا لبلعباس بن كريدة رئيس منظمة "مناظرة" التي تشارك التلفزيون الحكومي في التنظيم. ولقيت المناظرات الثلاث السابقة متابعة واسعة من قبل التونسيين وتم بثها في أغلب المحطات الإذاعية والتلفزيونية الخاصة والحكومية في البلاد. ويختلف المرشحان شكلا ومضمونا، حيث يحرص قيس سعيّد دائما على التحدث باللغة العربية الفصحى حتى مع العامة وتقاعد منذ 2018 من مهنة تدريس القانون الدستوري ويقطن منزلا في حيّ تسكنه الطبقة الاجتماعية المتوسطة في تونس العاصمة. أما حملته فمقرها في شقة متواضعة في عمارة بقلب العاصمة. وفي المقابل، تثير شخصية القروي الجدل خارج السجن وداخله. وقد احترف الإعلام والتسويق ويجيد التحدث مع الناخبين باللهجة العامية وبالفرنسية ويظهر في شكل أنيق ومرتب ويسكن مع عائلته في منطقة راقية وسط العاصمة. ويقدم سعيّد برنامجه المرتكز على لامركزية القرار السياسي وتوزيع السلطة على الجهات ويتبنى شعارات الثورة التي أطاحت بالنظام السابق في 2011 ومنها أساسا "الشعب يريد" و"السلطة للشعب". ويلقى دعما واسعا خصوصا من الطلبة المتطوعين الذين يقومون بحملته دون مقابل. وجعل القروي من مقاومة الفقر والحد من تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في المناطق المهمشة، عنوانا وشعارا لحملته. ويقدم نفسه "أبا للعائلة الكبيرة" التي تضم أنصاره. وقد بدأ قبل ثلاث سنوات حملة إنسانية استهدفت تقديم المساعدات للعائلات الفقيرة في المناطق الداخلية تقودها جمعيته الخيرية التي تحمل اسم ابنه المتوفي في حادث "جمعية خليل". ويلقى سعيّد دعما من حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية والمصنف ضمن التيار الاخواني وقد حل أولا في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد الماضي، لكنه تراجع كثيرا عما كان عليه في السابق من حيث عدد المقاعد البرلمانية وقاعدته الانتخابية. وشدد القروي على أنه لن يتحالف مع الإسلاميين في محاولة لإعادة إحياء صراع ايديولوجي وسم انتخابات 2014، عندما اصطف الناخبون وراء إما الشق العلماني الحداثي أو الإسلامي المحافظ. واتهم القروي منافسه بأنه "أحد أضلع" حزب النهضة. وقال في مقابلة أجرتها معه قناة تلفزيونيّة خاصّة الخميس هي الأولى له منذ إطلاق سراحه، إنّ "قيس سعيّد هو ذراع من أذرع النهضة، مثلما كان المنصف المرزوقي". في حين يواصل سعيّد التأكيد على استقلاليته والنأي بنفسه عن الأحزاب وطالما يستشهد في خطاباته بالدستور ويعتبره المرجع. ويدعى أكثر من سبعة ملايين ناخبا الأحد للعودة لصناديق الاقتراع للمرة الثالثة على التوالي خلال أقل من شهر لانتخاب رئيس يمكن أن يخرج البلاد من أزماتها الاقتصادية.
مشاركة :