تصاعدت حادثة ضرب طالبين في إحدى مدارس مكة المكرمة من جانب معلمهما أخيراً، وإجبارهما على شم رائحة سلة المهملات في الصف أمام زملائهما، إذ أزاحت إدارة تعليم منطقة مكة المكرمة المعلم عن عمله التربوي، ونقله إلى العمل الإداري تأديبياً. وتأتي تفاصيل الحادثة بعد أن تقدمت والدة أحد طلاب المرحلة الابتدائية في مدرسة البراء بن مالك بمكة المكرمة، الخميس الماضي ببلاغ رسمي إلى أحد مراكز الشرطة، وذلك بعد تعرض ابنها وأحد زملائه للضرب والتعنيف من معلمهما في الصف، وإرغامهما على شم رائحة سلة المهملات أمام بقية زملائهما في الفصل، وذلك عقوبة لحديثهما الجانبي في الصف أثناء شرح المعلم. وأكدت إدارة التعليم في بيان أنه تم تكوين لجنة للتحقيق في الحادثة، وأوصت بإبعاد المعلم من العمل التربوي وإحالته إلى العمل الإداري غرب مكة المكرمة، وذلك بعد تأكد اللجنة من مخالفة المعلم للأنظمة والتعليمات، موضحة أن لوائح وزارة التعليم تنص على منع الضرب في المدارس، واستخدام الأساليب التربوية السليمة والحوافز الإيجابية للطلاب والابتعاد عن ممارسة العنف أو الإيذاء النفسي. ولفتت إلى أن وليي أمر الطالبين تنازلا عن حقهما الخاص في قضية المعلم المخالف، مضيفة: «إن مثل هذا التصرف لا يمثل العاملين في الحقل التعليمي والتربوي، وحرص الإدارة على اتخاذ كافة الأساليب التربوية الممكنة لعدم حدوث مثل هذا الموضوع مستقبلاً، كما أن الضرب في المدارس أسلوب غير تربوي، وله آثاره العكسية والسلبية على الطلاب، في حياتهم الصحية والنفسية والاجتماعية وتحصيلهم العلمي». ودعت مديري المدارس والمعلمين إلى الابتعاد عن أساليب الترهيب والتخويف، وتعزيز المودة والمحبة والثقة بين الطلاب والمعلمين، وذلك بتنفيذ لائحة السلوك في حال عدم تقيد الطالب بالأنظمة التي تحكم العلاقة بينه وبين المحيط الذي يعيش فيه داخل المدرسة. وقد صرح مصدر موثوق به أنه تم تحويل القضية إلى الجهات الرسمية للتحقيق في سير القضية، واستكمال اللازم، بعد أن تقدمت والدة أحد الطالبين إلى أحد مراكز الشرطة في مكة المكرمة ببلاغ رسمي ضد المعلم، وإثبات واقعة الضرب واعتداء المعلم على الطالب بتقرير طبي للحالة. فيما زار أمس مدير إدارة التعليم في منطقة مكة المكرمة محمد الحارثي المدرسة الابتدائية التي وقعت فيها الحادثة، وتقدم بالاعتذار للطالبين أمام زملائهما الطلاب في الفصل عما بدر من اعتداء عليهما معلمهما. قانوني: من حق الطالب المطالبة بمقاضاة المعلم أكد المستشار والمحامي القانوني الدكتور عدلي حماد أن من حق الطالب المعتدى عليه بالضرب والإهانة من معلمه، التقدم بشكوى رسمية إلى الجهات المسؤولة والمطالبة بالتعويض والحق الخاص في القضية، مبيناً أن تلك المطالبات تأتي ضمن حقوق الطالب الخاصة التي يسمح له النظام بالترافع أمام المحكمة، والحصول عليها. وأوضح أن الإجراء المتبع من المعلم بضرب الطالب وتحقيره أمام زملائه مخالف للأنظمة التربوية في المملكة، وعلى إدارة التعليم في المنطقة التأكد من صحة الشكوى، واتخاذ العقوبة المناسبة في حال ثبتت صحتها، مشيراً إلى أن العقوبة التي تتخذها إدارة التعليم تأتي في إطار الحق العام، وذلك بنقل المعلم إلى مدرسة أخرى، أو منطقة أخرى، أو الحسم المالي، أو غيرها من العقوبات التي وردت في الأنظمة الإدارية للعقوبات والجزاءات. وأضاف: «بعد أن تتخذ إدارة التعليم إجراءاتها في القضية ومعاقبة المعلم، يبقى على الطالب المطالبة بالحق الخاص من المحكمة الشرعية، واللجوء إلى القضاء نتيجة تصرف المعلم المخالف للأنظمة والعرف التربوي، ويتم الحكم عليه تعزيراً إما بالسجن أو الجلد أو غيرها من العقوبات التي يحكم بها القاضي». وأشار عدلي إلى أن بعض الأحكام القضائية اتجهت أخيراً إلى العقوبات البديلة، التي يحكم فيها القاضي بإلزام المتهم بالعمل على إنجاز أمر مهم، كحفظ القرآن الكريم أو أجزاء منه، أو تنظيف دورات المياه في الأماكن العامة أو المساجد، منوهاً بأن تلك الأحكام يرجع في أمرها إلى حكم القاضي، وما يراه مناسباً للحالة. وقال المستشار القانوني إن بعض الفقهاء لا يرى في ضرب المعلم للطالب اعتداء أو مخالفة بحق الطالب، إذ إن الهدف من ذلك هو تربية الطالب وتعليمه، ولكن ذلك في حدود الضرب المسموح الذي لا يفضي إلى أذى جسدي أو ضرر على الطالب، يترتب عليه عائق صحي أو نفسي.
مشاركة :