أكد ستيفن منوتشين، وزير الخزانة الأمريكي أمس، أن الرئيس دونالد ترمب فوض مسؤولين أمريكيين بصياغة مسودة لعقوبات جديدة كبيرة جدا على تركيا بعد أن شنت هجوما في شمال شرق سورية، لكنه أضاف أن تلك العقوبات لن تطبق في الوقت الراهن. أكد ستيفن منوتشين، وزير الخزانة الأمريكي الجمعة أن الولايات المتحدة تستطيع شل الاقتصاد التركي "إذا اضطررنا إلى ذلك" مع استمرار هجوم أنقرة على المقاتلين الأكراد في شمال شرق سورية. وبحسب "الفرنسية"، قال منوتشين خلال مؤتمر صحافي إن "الرئيس ترمب يعتزم توقيع مرسوم لردع تركيا عن مواصلة هجومها العسكري في شمال شرق سورية". وأضاف "إنها عقوبات شديدة جدا، نأمل ألا نضطر للجوء إليها، ولكننا نستطيع شل الاقتصاد التركي إذا اضطررنا إلى ذلك". وعقب التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات، هبطت الليرة التركية إلى 5.9 مقابل الدولار. في سياق متصل، هددت حكومات الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على تركيا بسبب هجومها في سورية ورفضت غاضبة تحذير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أنه "سيفتح الأبواب" ويرسل 3.6 مليون لاجئ إلى أوروبا إذا لم تسانده. ومن قبل أدان الاتحاد الأوروبي، الذي ما زالت تركيا تطمح رسميا للانضمام إليه رغم سوء سجلها في مجال حقوق الإنسان، هجوم أنقرة لكن التكتل الأوروبي يشعر بالاستياء من تهديدات أردوغان بإرسال اللاجئين إلى أوروبا. وذكر دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، الذي يرأس قمم الاتحاد الأوروبي على تويتر "لن نقبل بأي حال أن يكون اللاجئون سلاحا وأن يستخدموا في ابتزازنا.. تهديدات الرئيس أردوغان ليست في محلها تماما". ويسود الغضب بروكسل إزاء تصريحات أردوغان، خاصة بالنظر إلى المساعدة التي قدمها الاتحاد الأوروبي لتركيا لكي تتعامل مع تدفق اللاجئين. وأضاف توسك "لقد اعترفنا دائما بالعبء الذي تتحمله تركيا بوجود أربعة ملايين لاجئ على أراضيها، 3.6 مليون منهم سوريون". وكان يشير بذلك إلى اتفاق أبرمه الاتحاد الأوروبي مع تركيا في 2016 تم بموجبه دفع 97 في المائة من ستة مليارات يورو (6.6 مليار دولار) من الاتحاد الأوروبي نص عليها الاتفاق. ومن المتوقع أن تهيمن المسألة التركية على جدول الأعمال في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج الإثنين المقبل، سواء بالنسبة للعملية العسكرية أو لعمليات التنقيب عن النفط والغاز المثيرة للجدل المستمرة قبالة قبرص. وأصدر الاتحاد الأوروبي تصريحات متكررة تدين عمليات التنقيب التركية، وسيجري الوزراء مزيدا من المحادثات حول عقوبات محتملة ضد أفراد مشاركين في هذه العمليات. لكن في الوقت، الذي تضغط فيه قبرص واليونان لاتخاذ مثل هذه الإجراءات، يرى دبلوماسيون أن الدول الأخرى أكثر حذرا، إذ تخشى أن تتسبب العقوبات في زيادة التوتر مع أنقرة. وأفاد دبلوماسي: "نواجه وضعا معقدا يتمثل في الهجوم على سورية، وعمليات التنقيب قبالة قبرص، والمطالبة بمزيد من الأموال للاجئين، والآن من المهم أن نحافظ على هدوئنا". وعلى الرغم من ذلك، حذرت أميلي دي مونشالان، الوزيرة الفرنسية للشؤون الأوروبية من أن العقوبات المفروضة على تركيا "مطروحة" للنقاش. ويحتاج أي تحرك لفرض العقوبات على تركيا إلى دعم جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي الـ28. وسيناقش قادة الاتحاد الأوروبي هذه المسألة في قمة تعقد في بروكسل الخميس والجمعة الأسبوع المقبل، وأي اتفاق سيتوصلون إليه، سيعتمد إلى حد كبير على ما يحدث على الأرض في سورية. إلى ذلك، ذكرت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية أمس أن أهداف النمو الجديدة لتركيا تهدد بزيادة الاختلالات على مستوى الاقتصاد الكلي وتبدو غير متماشية مع بقية التقديرات، التي وضعتها إسطنبول في إطار أهدافها الاقتصادية على مدى ثلاثة أعوام. وبحسب "رويترز"، تسعى تركيا للتعافي من ركود نجم عن أزمة عملة العام الماضي، التي شهدت فقدان الليرة نحو 30 في المائة من قيمتها، وتسببت في بلوغ التضخم أعلى معدلاته في 15 عاما. وفي أعقاب الأزمة، أعلنت أنقرة العام الماضي توقعات بنمو أقل وتضخم أعلى، لكنها رفعت الأسبوع الماضي تقديرها للنمو لعام 2020 إلى 5 في المائة من 3.5 في المائة، وخفضت توقعاتها للتضخم للعامين الجاري والمقبل. وفي مراجعات الأسبوع الماضي، رفعت تركيا أيضا توقعاتها لنسبة عجز الميزانية إلى الناتج المحلي الإجمالي عند 2.9 في المائة في العامين المقبلين، وحددت توقعاتها لنسبة عجز ميزان المعاملات الجارية إلى الناتج المحلي الإجمالي عند 1.2 في المائة للعام المقبل و0.8 في المائة لعام 2021. وأفادت "موديز" في مذكرة أرسلتها بالبريد الإلكتروني "تضع وثيقة السياسة الجديدة أهداف نمو طموحة للغاية عند 5 في المائة لكل عام من 2020 إلى 2021 وهو ما نعتقد أنه لا يمكن تحقيقه إلا على حساب تفاقم الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد التركي". وأشارت إلى أن تلك الاختلالات تتضمن اتساع عجز ميزان المعاملات الجارية الجاري وتجدد الضغط الصعودي على التضخم. وتضاءل عجز ميزان المعاملات الجارية، الذي طالما كان مبعث قلق للمستثمرين، بشكل كبير منذ أزمة العملة، وهو ما يعود بشكل رئيس إلى تراجع الواردات بسبب زيادة الأسعار. وتتوقع "موديز" استقرار نمو اقتصاد تركيا عند 0.25 في المائة، ويرتفع إلى ما لا يقل عن 3 في المائة في 2020 و2021. وقالت "موديز" إنه إلى أن تطبق أنقرة مجموعة إصلاحات "ذات موثوقية وشاملة" ستظل تركيا معرضة لأزمة في ميزان المدفوعات، وإن التحسن في "بعض المؤشرات الاقتصادية الرئيسة سيثبت على الأرجح أنه عابر".
مشاركة :