ضوء أخضر أوروبي لتكثيف محادثات «بريكست» وتلافي أعباء «الطلاق القاسي»

  • 10/12/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أعطت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع مع ميشال بارنييه، كبير المفاوضين، ضوءا أخضر لبدء مفاوضات "مكثفة" حول "بريكست" مع البريطانيين، وفقا لمصادر أوروبية. وذكرت مصادر في الاتحاد الأوروبي أن التكتل يرى مقترحات بريطانيا كافية للبدء في التفاوض مع لندن بشأن التوصل إلى اتفاق جديد حول "بريكست". ويعد هذا التفاهم الجديد ثمرة للقاءات الأمس بين بارنييه ونظيره البريطاني ستيفن باركلي، وبين بارنييه وسفراء الاتحاد الأوروبي. وبحسب "الفرنسية"، وصف اجتماع بارنييه وباركلي في بروكسل أمس بالبناء، لكن بارنييه لم يعط أي تفصيل بشأن محتوى اجتماعه مع باركلي، في الوقت الذي تبدي فيه دبلن ولندن تفاؤلا بشأن التوصل لاتفاق. وقال دبلوماسي أوروبي "إذا بدأت في هذه المرحلة التسريبات، فإن ذلك سيعني عدم جدية المباحثات". من جانبه، أوضح ليو فارادكار، رئيس الحكومة الإيرلندية، أنه "كلما تحدثنا عنها أقل، كان أفضل". وفيما ذكر بارنييه أن "الأمر مثل تسلق جبل، نحتاج إلى تصميم ويقظة وصبر"، شدد دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي ومهندس القمة الأوروبية، يومي 17 و18 تشرين الأول (أكتوبر) الذي يزور قبرص حاليا، على أنه يتعين "استغلال كل فرصة للتوصل إلى اتفاق. "بريكست" دون اتفاق لن يكون أبدا خيار الاتحاد الأوروبي". وكان بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، ونظيره الإيرلندي ليو فارادكار أنعشا بعض الآمال بالتوصل إلى اتفاق قبل تاريخ 31 تشرين الأول (أكتوبر). وأكدا أنهما يريان "طريقا" باتجاه تسوية بشأن معضلة الحدود بين جمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي ومقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية، لكنهما لم يقولا عمليا كيف ينويان حل المعضلة. وكررت إميلي دو مونشالين، وزيرة الدولة للشؤون الأوروبية، التأكيد على وجود "درب ضيق لا يزال ممكنا" مع اعتبارها أن حدوث طلاق قاس أمر "ممكن". وكان الأوروبيون قد منحوا لندن حتى الجمعة لتقديم حل وسط مقبول، وذكر مصدر أوروبي أنه "على بارنييه أن يقول إذا كان ممكنا أو لا الدخول في مفاوضات.. وبعد ذلك، سيكون الطريق طويلا، كما أن تخيل إعداد نص اتفاق لقمة 17 و18 أكتوبر فكرة بعيدة عن الصواب". وتعرض اتفاق الطلاق، الذي أبرم في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 بين الاتحاد الأوروبي ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي للرفض ثلاث مرات من مجلس العموم البريطاني، رغم أنه تطلب 18 شهرا من المفاوضات. وعلاوة على غياب أي تقدم، شهد الأسبوع الماضي خلافات بين بروكسل ولندن وسط تبادل الاتهام بالمسؤولية عن تعطيل الاتفاق وعواقب ذلك الاقتصادية الكارثية المحتملة. وبدأت لندن بانتقاد الأوروبيين، خصوصا دبلن وبرلين، ما أدى إلى رد قوي من دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، الذي اتهم بوريس جونسون باللعب بمستقبل أوروبا. وتشكل مسألة المراقبة الجمركية بين جمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي ومقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية، بعد "بريكست" أكبر عقبة أمام تقدم المفاوضات. وتريد لندن إلغاء شبكة الأمان المقررة في اتفاق بريكست معتبرة أنها تشكل مساسا باستقلالها التجاري. وتم إدراج هذا الإجراء في اتفاق بريكست لمنع عودة الحدود المادية بين شطري إيرلندا وللحفاظ على السلام في جزيرة إيرلندا مع حماية مصالح السوق الأوروبية المشتركة. ونص مشروع بوريس جونسون على إخراج مقاطعة إيرلندا الشمالية من الاتحاد الجمركي الأوروبي مع رفض المراقبة على السلع عند الحدود أو قربها. وعلق بارنييه "ما يطلب منا هو القبول بنظام لم يتم تطويره ولم يختبر يقوم على عمليات مراقبة متفرقة في جزيرة إيرلندا"، مؤكدا أهمية وجود مراقبة "مشددة على كل حدود سوقنا المشتركة ووحدتنا الجمركية". وإزاء استمرار الخلافات بشأن التوصل إلى طلاق بالتراضي، يبدو أنه لم يبق إلا خياران اثنان: إما بريكست دون اتفاق نهاية الشهر الجاري، أو تأجيل ثالث لموعد "بريكست". وإذا لم يتم التوصل لاتفاق بحلول 19 تشرين الأول (أكتوبر)، يجبر قانون بريطاني بوريس جونسون على طلب تأجيل موعد "بريكست" لثلاثة أشهر، رغم أنه وعد بخروج المملكة من الاتحاد في 31 تشرين الأول (أكتوبر) "بأي ثمن". ويشير سفير أوروبي إلى أن "المعاهدة لا تفرض على بوريس جونسون طلب تأجيل. الأمر رهين اتفاق الطرفين. وإذا اقترحنا تأجيلا، فإن ذلك سيتيح له حفظ ماء الوجه". من جهة أخرى، أعلن البنك المركزي الإيرلندي أن "بريكست دون اتفاق" سيكلف إيرلندا أكثر من 73 ألف وظيفة على مدار عامين. وذكر البنك في تقريره ربع السنوي الذي صدر في العاصمة دبلن أمس أنه إذا ما خرجت بريطانيا من الكتلة الأوروبية دون اتفاق، فإن معدل البطالة في إيرلندا سيرتفع 5.8 في المائة في 2020 و6.9 في المائة في 2021. وأضاف التقرير، الذي أوردته وكالة "بلومبيرج" للأنباء أن خروج بريطانيا بموجب اتفاق مع الاتحاد سيخفض نسبة البطالة إلى 5 في المائة خلال العامين المقبلين. وذكر البنك أنه "في حال الخروج دون اتفاق، ستتأثر القنوات الاقتصادية الرئيسة من خلال صدمات تصب في معدلات الفائدة والتجارة والاستهلاك والاستثمار، ما سيؤدي إلى تدهور واضح في الأوضاع الاقتصادية". إلى ذلك، أعلن نديم زهاوي، وزير الأعمال البريطاني أن بلاده تبحث عن الأدوات، التي يمكن استخدامها لدعم صناعة السيارات في البلاد حال الخروج دون اتفاق. ونقلت وكالة "بلومبيرج" للأنباء عن زهاوي قوله إن الحكومة تجري محادثات مع شركات السيارات مثل مجموعة "بي.إس.إيـه" و"تــــويــــوتــا" و"فورد" و"نيسان" و"جاجوار" و"لاند روفر"، للتعرف على المشكلات، التي ستحدث إذا ما خرجت بريطانيا من الكتلة الأوروبية دون اتفاق. وأضاف "هناك عدد من الأدوات المتاحة أمامنا في الحكومة من أجل مساعدة هذه الشركات"، مشيرا إلى أنه يعمل على مساعدة شركات تصنيع السيارات "في إطار قواعد المساعدات الحكومية الخاصة بمنظمة التجارة العالمية أو قواعد الاتحاد الأوروبي في حالة الخروج من التكتل بموجب اتفاق". وأعربت شركات السيارات عن معارضتها للخروج دون اتفاق، محذرة من أن هذه الخطوة ستكون "مدمرة" للصناعة، حيث ستؤدي إلى تعطيل خطوط التوريد وزيادة الرسوم الجمركية، وسترفع التكلفة وتقوض القدرة التنافسية للسيارات البريطانية التي يتم تصديرها.

مشاركة :