اتفق عدد من الكتاب والنقاد على أن مجموعة عمار علي حسن القصصية الأخيرة "أخت روحي" الصادر عن الدار المصرية اللبنانية تنطوي على نزعة رومانسية، لكنها تغوص في واقع اجتماعي شديد القسوة والصعوبة، وتستخدم عدة تقنيات فنية في البناء والصياغة.وقال الناقد د. محمد السيد إسماعيل إن قصص المجموعة تتميز بالتكثيف والدخول المباشر إلى قلب الحدث، وتستخدم طريقة الاسترجاع في استعادة أحداث الماضي والحنين إليها والخيال الفانتازي، والتداخل، وتلتقط صورا قاسية من الواقع، لكنها تقدمها في نعومة عبر لغة سردية فياضة، وإن كانت نهايات بعض القصص تأتي مؤلمة.وأضاف إن المجموعة تحفل أيضا بالشخصيات الغامضة كما فى "جمرة تخرج من الماء"، وتستعمل الرمز واضح الدلالة على غرق بسطاء الناس فى أمواج الهموم التى تتقاذفهم وتجعل منهم كائنات شبيهة بخيال المآتة، كما ورد في قصة "شيء يخرج من البحر".ويقول الروائي والقاص حسين عبد الرحيم "نحن أمام مجموعة مغايرة في بنائها الفني، سواء عند كاتبها، أو في المشهد القصصي الراهن، إذ نلمس فيها روح يوسف إدريس من حيث الولع بالإنساني، ونجد مزاوجة بين الواقع الحياتي الآني ورؤية ما بعد حداثية، وميل إلى النهايات المفتوحة، وسعي إلى التجريب، الذي يصنع نصا مفتوحا على تأويلات عدة".ويصف الكاتب والناقد عبد الكريم الحجراوي "أخت روحي" بأنها عمل مفعم بالرومانسية، وقال "من السمات الرومانسية التي برزت في عدد من قصص مجموعة هو حب الطبيعة والاحتفاء بها، في زمن تغولت فيه المادة والمباني الإسمنتية على كل ما هو جميل وفطري، والانتصار للقرية وأهلها كمجتمع بسيط على النقيض من توحش المدينة، والحنين إلى زمن البراءة والطهر، وصيحات الألم التي تصرخ بها شخصيات القصص، والكفاح ضد الظلم والفساد، والحلم بميلاد مجتمع جديد".ويتفق الشاعر والناقد طارق سعيد مع هذا الرأي ويقول إن النزعة تسيطر على كل القصص وهي تفتش في ركام واقع بائس، وفي نفوس أشخاص مقهورين، جعلتهم قسوة الحياة أكثر هشاشة، لكنها لم تأت على كثير من المشاعر الإنسانية التي تسري في نفوسهم وقلوبهم، وكذلك في صور وخيالات تأخذ بعض القصص إلى عوالم "الواقعية السحرية" الرحيبة، دون أن تقفز على واقع بائس.ويرى الكاتب سامح الخطيب أن قصة "أخت روحي" بمثابة أيقونة العمل الجديد لتستحق أن تكون عنوان المجموعة القصصية إذ تحمل شحنة عاطفية لافتة في السرد العربي عن علاقة من هذا القبيل.ويؤكد أن قصصا عديدة في المجموعة قد راقت له، لكنه تعاطف أكثر مع القصة التي عنوانها "موظف عام"، حيث تتحدث عن القهر والصبر وتجسد المعنى الحرفي لمقولة "الموت كمداً"، لكن المؤلف ينتصر لصاحب الضمير الحي في نهاية المطاف في مواجهة أعباء الحياة الشخصية وضغوط العمل، فهو وإن لم يستطع دحر الفساد واجتثاثه قد نجح في الحفاظ على مبادئه ولم يتزحزح عنها حتى إحالته للتقاعد.يذكر أن قصص المجموعة تتفاوت بين تلك المكثفة، التي تتهادى في مشهد أو موقف أو حالة أو لحظة أو لقطة أو دفقة واحدة، وهذه المطولة التي تضغط في سطورها ما يمكن إن طال أن يشكل رواية كاملة، لكن الكاتب ضغطها ممتثلا في الوقت نفسه لخصائص فن القصة القصيرة.يشار إلى أن "أخت روحي" هي المجموعة القصصية السابعة لعمار علي حسن، إلى جانب عشر روايات، وثلاثة كتب في النقد الأدبي، وعشرين كتابا في الاجتماع السياسي والتصوف، وسيرة ذاتية سردية، وتعد حول رواياته وقصصه أربعة عشر أطروحة جامعية داخل مصر وخارجها، ونال عن أعماله الأدبية وفي العلوم الإنسانية عددا من الجوائز منها جائزة الدولة للتفوق، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة اتحاد كتاب مصر في الرواية، وجائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي في القصة القصيرة وغيرها.
مشاركة :