يعتزم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي القيام خلال الأسبوع المقبل بزيارة دولة إلى الصين، هي الأولى منذ توليه السلطة، وذلك من أجل تعزيز العلاقات المتوترة بسبب خلافات حدودية فضلا عن نفوذ الصين المتزايد في جنوب آسيا. وتلي هذه الزيارة تلك التي قام بها الرئيس الصيني تشي جينبينغ إلى الهند في سبتمبر (أيلول) الماضي، ودعا خلالها المسؤولان إلى تعزيز التعاون وأعلنا عن عدد كبير من الاتفاقات التجارية. وقبل أيام من الزيارة، فتح رئيس الوزراء الهندي حسابا على موقع «ويبو» الشعبي للمدونات الصينية، فجمع عشرات آلاف المعجبين خلال ساعات. وقال مودي في واحدة من رسائله «يسرني أن أقوم بزيارتي إلى الصين من 14 إلى 16 مايو (أيار) من أجل ترسيخ الصداقة بين حضارتينا القديمتين وبين أكبر بلدين ناميين». وأضاف رئيس الوزراء الهندي الذي ستشمل جولته كوريا الجنوبية ومنغوليا أيضا «أعتقد جازما بأن هذه الزيارة إلى الصين ستعزز الاستقرار والتنمية والازدهار في آسيا». وفاقت الانتقادات اللاذعة الموجهة إليه رسائل التأييد على موقع «ويبو»، وطالبه عدد كبير منها بإعادة مناطق على طول الحدود إلى الصين ما زالت تشكل مصدر توتر منذ عقود بين البلدين. وكان رئيس الوزراء الهندي أعلن خلال حملته قبل انتخابه في مايو 2014، أنه سينتهج سياسة خارجية أكثر تشددًا من سياسة الحكومة السابقة، بما في ذلك حول المسائل الحدودية. وكانت التوترات الحدودية بين قوات البلدين، ألقت بظلالها على زيارة تشي جينبينغ إلى الهند في سبتمبر الماضي. ويختلف البلدان على ترسيم حدودهما في منطقتين، إحداهما اروناشال برادش التي ضمت إلى الأراضي الهندية خلال حقبة الاستعمار البريطاني، لكن الصين تدأب على المطالبة بها دون كلل أو ملل. وقد تسبب هذا الخلاف بنزاع قصير لكنه عنيف في 1962 بين البلدين. وأعربت بكين في أواخر فبراير (شباط) الماضي عن «استيائها الحاد» وأعلنت «معارضتها التامة» لزيارة رئيس الوزراء الهندي إلى اروناشال برادش حيث دشن بنى تحتية للسكك الحديد وقطاع الطاقة. ومنذ تسلمه مقاليد الحكم، سعى رئيس الوزراء الهندي إلى تعزيز علاقاته مع البلدان المجاورة ومع الولايات المتحدة لإيجاد توازن للنفوذ الصيني المتزايد في المنطقة. وقال المحلل المتخصص في الشؤون الصينية مادو بالا إن «مودي أقام على الصعيد الاستراتيجي، تحالفات مكتملة مع اليابان والولايات المتحدة وفيتنام وأستراليا منذ سنة، وبذلك يصل إلى الصين متمتعا ببعض القوة». وأضاف أن «الصينيين سيعتبرونه أكثر جدية من رئيس الحكومة السابق مانموهان سينغ». ويشهد البلدان بالتالي ديناميكيات متميزة. فالنمو في الهند، الاقتصاد الثالث في آسيا، سيتسارع هذه السنة ويتجاوز، كما تفيد توقعات صندوق النقد الدولي، النمو الصيني الذي يشهد في المقابل تباطؤا ملحوظا. وتعد الصين أكبر شريك تجاري للهند، ويناهز إجمالي التجارة الثنائية السنوية 70 مليار دولار، لكن هذا الرقم لا يخفي عجزًا تجاريًا يفوق 40 مليار دولار بالنسبة للهند.
مشاركة :