الشرفات يكتب: أين حكماء الدولة مما يجري .. ؟!!

  • 10/12/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هل بات من الضروري إجراء مراجعة شاملة لكل أسباب المباغتة التي داهمتنا بوجع، واجتاحت رزانتنا الوطنية على غير هدي منا أو انتباه، وهل أضحت الدولة الاْردنية بتفوقها الأمني والسياسي متلقية للحدث لا صانعة له، أم أن ثمّة داء أصاب هويتنا وموروثنا الأخلاقي ومنظومة القيم الوطنية لدينا؟. وفي كل الأحوال ما مدى التنسيق بين اركان الدولة المختلفة لكبح جماح التطاول، والاستعلاء، والاستقواء على هيبة الدولة ومنطلقات السيادة، وإلى أي درجة يمكن معالجة الخلل الجوهري في بنية الدولة ومنظومتها القيمية، وهل آن الأوان للتفكير بهدوء بعيداً عن المواقف الجاهزة والمسبقة لأولويات التشاور، ومنطلقات التفاهم بما يخدم الوطن واستمراره وتقدمه؟.حالة القلق، والخذلان، والنكران التي رافقت مسيرة الدولة في العقد الأخير يجب تشخيصها فوراً ودون إبطاء، وظاهرة النشوز التي أصبحت مظهراً يحاكي سلوك معظم النخب المحسوبة على الموالاة يجب أن يتم تفسيرها ومراجعة خيارات التعاون معها على الفور، وأسلوب التعايش القسري بين المؤسسات - والذي لا يعكس المصلحة الوطنية العليا بعيدًا عن إسقاطات المصالح الآنية والاجتهادات الفرعية - يجب أن يولّي إلى غير رجعة، بل يجب ان يسود بدلاً منه الإسناد الحقيقي لخدمة الدولة دون تفرد، والبحث عن الإنجازات الفرعية واهمال الإنجاز الوطني العام.لم يعد مفهوماً ولا مقبولاً التأخر في حسم أولويات العمل الوطني، وأن يُشخّص مظاهر الخلل اللافت والعوار الكبير في بنية الدولة وأسلوب مباشرة الأداء العام فيها، والإطاحة بكل أدوات الفساد السياسي التي تنخر بجسد الدولة وبنيتها الطاهرة بغلاف الحرص، والخطابات المشفرة المؤذية التي تتضمن جلداً للحكومة - وهم أول من قاد التحريض الخفي ضدها وأوسعوها شتماً؛ كي يفوزوا بالإبل- فقد آن الأوان أن تعاد للدولة هيبتها وشوكتها الأدبية والقانونية.علينا الاعتراف أولاً ان مشكلتنا في الوطن هي مشكلة بنيوية في الحرص والضمير والانتماء الحقيقي والأولويات، وان هذه المشكلة تثير سؤالًا اكثر من مهم، وأكبر من مهمة تقييم ألاداء العام، فهل نحن في أزمة سياسية حقيقية، وهل هناك خلل في منظومة القيم، وانتكاسة في الثقة العامة، وارتباك في اختيار النخب الوطنية الصادقة، وانكماش في تقدير أولويات المصلحة الوطنية العليا، وتسمم وتحلل مقيت في قيم الوطنية وأولويات المواطنة، والأهم اضمحلال القدرة على تقدير الموقف بروية وحكمة وهدوء، والمشكلة الأخرى تكمن في الوقيعة السياسية، والحروب الخفية المنفلتة من عقالها بين رجال الحكم، والنخب الطامحة، وهي حرب جعلت أحياناً من أعضاء المجموعةالواحدة أعداء بجلد صديق مكشوف.في الأزمات السابقة كان هناك عقد وعهد والتزام ما بين الدولة والموالاة بأن يكون الانحياز عاماً وتاماً إلى حين انكشاف الغمة، بل أكثر من ذلك فإن المعارضة أيضاً كانت تقف مع الحكومة والدولة في الأزمات وتعود إلى مقاعد المعارضة بعد انتهائها، أما اليوم فقد انكشف ظهر الدولة للمولاة والمعارضة على حدٍ سواء، والفرق بينهما هو فقط في أسلوب الجلد ونبرة الخطاب ومدى علانية التحريض، بل هناك ما هو أكثر من ذلك والمتمثل في غياب مظاهر المسؤولية التضامنية، والهروب من وسائل الإعلام؛ لتفادي تحمل المسؤولية السياسية واخلاق المواطنة.آن الاوان أن يكون للدولة رجالاتها وإعلامها الذي ينحاز للدولة في الأزمات، فقد أسهم الإعلام الموازي في كشف عورة الدولة وإضعاف موقفها، بل آن اوان لفظ المحرضين، والمتاجرين، وأبطال ازدواجية الخطاب والولاء والانتماء، وأعداء الداخل في الوطن، وأضحى من الواجب أن يعاد صياغة الخطاب الوطني بمواقف يكسوها الحزم والحكمة، وأن نعيد للكبرياء الوطني ألقه المقدس والذي تم العبث به في الآونة الأخيرة.وحمى الله وطننا الحبيب من كل سوء ...!!

مشاركة :