أكد سفير مصر في السودان حسام عيسى أن مصر تدعم بشكل كامل خيارات وإرادة السودان في صياغة مستقبله، وأنها ستظل دائما سندا للأشقاء في السودان، في هذه المرحلة الهامة والتاريخية، في وقت شدد عضو مجلس السيادة في السودان الدكتور صديق تاور على أن أهمية الدور الذي تلعبه مصر لتحقيق السلام، في السودان، موضحا أنه "دور لا يمكن الاستغناء عنه".وتحدث عيسى وتاور خلال ندوة بعنوان (مستقبل العلاقات الأزلية بين مصر والسودان في إطار التغيير السياسي)، والتي نظمها، حزب التيار الشبابي المستقل مساء اليوم /السبت/، وسط حضور شعبي كبير، ومشاركة عدد من السياسيين السودانيينوبدأت الندوة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، وآيات من الكتاب المقدس، ثم تحدث مجد الدين الأحمدي، رئيس حزب التيار الشبابي المستقل، فأعرب عن شكره للسفير المصري وعضو مجلس السيادة، على تلبية دعوة الحزب، لتلك الندوة.وقال الأحمدي إن التغيير الذي حدث في السودان أتى بحسن العلاقات مع الجيران، لافتا إلى أن كثيرا من المشتركات موجودة، بين شعبي وادي النيل، وحيا المستشار الإعلامي للسفارة المصرية في الخرطوم، عبد النبي محمد صادق، على دوره في إنجاح تلك الندوة.وأعرب عن شكره للسفير المصري، على جهوده في تطوير العلاقات المصرية السودانية، مشددا على أن المصريين والسودانيين أخوة، وشعب واحد في بلدين.ثم تحدث السفير المصري في السودان، معربا عن فخر شعب مصر بالثورة السودانية، وقال إنه على مدى عمله في وزارة الخارجية لم يجد شعبين يرتبطان بعلاقات وثيقة مثل شعبي مصر والسودان.وأشار إلى أن العلاقات بين البلدين، تذخر بالكفاح المشترك من أجل الشعبين والأمة العربية، لافتا إلى استضافة السودان مؤتمر القمة العربية في عام 1967، والاستقبال الشعبي الذي حظي به الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وهي القمة التي كانت بداية لتوحيد الصف العربية، فضلا عن دور السودان في حرب أكتوبر 1973، والتي اختلطت فيها الدماء السودانية مع الدماء المصرية في سيناء.وقال إن مصر لم تكتف بنصرة الثورة، وفاء للسودان، بل منذ بدايتها، وهى تعبر عن موقفها الداعم بكل وسيلة ممكنة، وسعت كرئيس للاتحاد الإفريقي إلى عودة السودان للاتحاد، فور تشكيل الحكومة الانتقالية، فضلا عن أن مصر تبذل قصارى جهدها مع الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة من أجل رفع أسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.وأضاف أن مصر تسعى - أيضا - لدى القوى الاقتصادية الكبرى لدعم السودان، مع التأكيد على ألا يقتصر الدعم على المساعدة فقط، ولكن للاستثمار أيضا، ونحن نروج الآن لموارد السودان الضخمة التي لم تكن تحتاج، إلا إلى الإدارة الرشيدة، وقد تواجدت.وأشار إلى أن مصر تسعى - كذلك - لإقامة ندوة من أجل جمع المؤسسات الاقتصادية الكبرى، والدول الكبرى، للحث على الاستثمار في السودان، فضلا عن أننا نشارك مع مجموعة "أصدقاء السودان" من أجل حشد الدعم للسودان، وكنا أول من طالب بحضور السودان تلك الاجتماعات، وهو ما استجاب له المجتمع الدولي، ما يعطي الفرصة للسودان لعرض أولوياته، وطلب الدعم الذي يحتاجه، وتقديم خططه الاقتصادية التي تتناسب مع التحديات التي يواجهها.وقال السفير حسام عيسى إن دعم مصر لم يقتصر على الاقتصادي والإنساني، بل والسياسي أيضا، إذ استضافت مصر "الجبهة الثورية" و "نداء السودان" من أجل تهيئة الطريق للوصول لاتفاق سلام في السودان، عبر تحقيق توافق بين مكونات الجبهة، ما يسهل الطريق لتحقيق السلام، لأن انقسام أطراف المباحثات، يجعل مهمة الوصول لاتفاق أكثر تعقيدا، وتكون المهمة مزدوجة، تتطلب الوصول لاتفاق بين كل طرف أولا، وهذا ما حدث في القاهرة، ثم اتفاق بين مختلف الأطراف، وهو ما سيحدث في جوبا قريبا.وأكد أهمية التوصل لاتفاق سلام من أجل تحسين الوضع الاقتصادي في السودان، حيث إن موارده ستوجه للتنمية الاقتصادية التي يستحقها السودان الشقيق.وأشار إلى روابط الشعبين الثقافية والاجتماعية والتعليمية، والروافد المتنوعة بين شعبي البلدين، والجاليات الكبيرة من كل بلد في البلد الآخر، لافتا إلى أن التبادل التجاري بين البلدين، ارتفع في الآونة الأخيرة، ليبلغ نحو مليار دولار، إلا أنه لا يزال بعيدا عن طموحات حكومتي وشعبي البلدين، وأيضا الإمكانيات المتوافرة بينهما.وقال إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين شهدت تطورا في الآونة الأخيرة، لافتا إلى أن السعى لتوطيد العلاقات التجارية بينهما من خلال تدشين مشروعات اقتصادية مشتركة يعود نفعها على البلدين، مما سيسهم في التنمية الاقتصادية في البلدين.وأضاف أن مصر والسودان يمتلكان مقومات اقتصادية وتجارية هائلة يسمح بتحقيق أضعاف حجم التجارة بين البلدين، فضلا عن أن العلاقة الاقتصادية بين البلدين تكاملية وليست تنافسية، وهناك فرص كبيرة للتعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين.وأشار إلى أن الاستثمارات المصرية في السودان تلبغ أكثر من 10 مليارات دولار، وتعمل في مصر أكثر من 300 شركة سودانية، من بينها 73 شركة في القطاع الصناعي.وقال السفير المصري إن أعظم رابطة تربط بين مصر والسودان، هى النيل الخالد الذي سيستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لافتا إلى أن هناك مصلحة مشتركة عظيمة بين البلدين، يترتب عليها أن يكون هناك تنسيق كامل وسياسية مشتركة، في هذا الملف.وأكد حرص مصر على تقديم المشورة لكافة الأطراف المعنية بالسودان، وتقديم ما تستطيع من دعم ومساندة للسودان، لافتا إلى أن مصر تستعد لاستقبال فترة جديدة من العلاقات مع السودان الجديد، وطموحاتها لتطوير العلاقات لا حدود له، فنحن أمام فرصة تاريخية لإطلاق العلاقات إلى مراحل لا أفق ولا حدود لها.وأشار إلى البلدين يضعان اللمسات الأخيرة للربط الكهربائي بينهما، فضلا عن ربط السكك الحديد بين البلدين، والسعى لتطوير المنافذ على الحدود، معربا عن أمله في الاستفادة من هذه اللحظة التاريخية لإحداث طفرة غير مسبوقة في العلاقات بين البلدين.وبعد ذلك، تحدث عضو مجلس السيادة، صديق تاور، فأعرب عن سعادته بالتواجد، في تلك الفعالية المميزة، منوها بدعم مصر للسودان من أجل إنجاح الثورة.وقال تاور إن من أهم خطوات استكمال الثورة السودانية، تحقيق السلام، في السودان، الذي لا يعني فقط توقيع اتفاقات مع حاملي السلاح، ولكن الوصول إلى مشروع متوافق عليه، لإزالة كل القنابل الموقوتة، التي يمكن أن تثير نزاعات في المستقبل.وأضاف أن تحقيق السلام، مهمة تلعب فيها العلاقات مع الجيران والأشقاء دور كبير، والأخوة في مصر ساهموا قبل وبعد الوصول إلى الوثيقة الدستورية، في استضافة لقاءات واجتماعات لتقريب وجهات النظر بين السودانيين، فيما يخص السلام، وما زال هذا الدور مطلوبا، ولا يمكن الاستغناء عنه بأي شكل من الأشكال.وأشار إلى أن مواجهة التحديات الاقتصادية في السودان، يجب أن يتصدى له السودانيون، وألا يلقوا بهذا العبء على الأشقاء، ولابد أن يكونوا قادرين اجتياز وعبور التحدي الاقتصادي.وقال تاور "العلاقة مع مصر أزلية، ففي الأزهر مثلا، هناك ثلاثة أروقة، هي: رواق المغاربة، ورواق السنارية، ورواق دارفور، وبالتالي العلاقة متجذرة ولها روافد ثقافية واجتماعية"، لافتا إلى أنه درس في مصر، وأن عدد الطلاب السودانيين في الجامعات المصرية، حينها، كان أكثر من عدد الطلاب السودانيين، في السودان نفسه، وكان الطالب السوداني، في مصر، يتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها الطالب المصري.وأضاف أن هذه الصلة والعلاقة بين مصر والسودان، دائما مشرقة وإيجابية، قائمة على المنفعة المتبادلة، والمصالح المشتركة، فهى علاقة الأسرة الواحدة، التي تربطها مستقبل وتطلعات مشتركة.وأشار إلى أن لمصر والسودان دورا مشتركا على الصعيد الإفريقي والعربي، إذ يمثلان جسرا مشتركا لتمتين العلاقات بين القارة الإفريقية والوطن العربي.وبعد ذلك، كرم رئيس حزب "التيار الشبابي المستقل"، وعدد من رموز الحزب، السفير المصري في السودان حسام عيسى، وعضو مجلس السيادة صديق تاور.وعقدت جلسة في تلك الندوة ناقشت عدة أوراق متخصصة، تناولت محاور عدة للعلاقات المصرية السودانية، ومنها العلاقات الاقتصادية.
مشاركة :