«ممرات الريح» تجربة تعكس نضج الرواية السعودية

  • 10/14/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أعادت رواية «ممرات الريح» للكاتبة نبيلة محجوب الرواية السعودية للمنافسة العالمية؛ بعدما أتقنت الكاتبة في روايتها الإبداع في جميع عناصر الرواية، والتي تنتمي إلى المدرسة الواقعية. «ممرات الريح» التي صدرت في القطع الصغير بـ526 صفحة عكست مستوى النضج الأدبي التي وصلت إليه الرواية السعودية حتى الآن، واستخدمت الكاتبة أسلوب الراوية الخفي لتعكس بصدق وواقعية الحياة الاجتماعية للفتاة السعودية «بدرية» الشخصية الرئيسة، والتي نشأت في ربوع «مكة» قبلة النور المقدس، فبدأت بالممر الأول ترسم صورة متفردة للبيئة المحيطة التي ترعرت فيها «بدرية»، والشخصيات التي تدور حولها الرواية ببراعة الوصف، وتنسيق للأحداث، والانتقال الزمني المقصود بعدم التسلسل التاريخي. ويلفت نظر القارئ هذا الثراء اللغوي الغزير، والذي يعكس البيئة التي عاشتها «بدرية»، وهو ما صورته الكاتبة أبدع ما يكون لتضع القارئ بقلبه وعقله وتدفعه للتعايش مع الأحداث، وتأخذه برفق إلى عمق الراوية مستخدمة حنكتها في توظيف عنصري التشويق والإثارة لمعايشة تجربة فريدة وثرية لامرأة سعودية عاشت زمن التحول الاجتماعي بكل عناصره، وهو ما قصدته الكاتبة في عدم ترتيب «ممرات الريح» تاريخيًا بل استخدمت طريقة «الفلاش باك» أحيانًا، حيث بدأت في الممر الأول بتعريف البيئة الاجتماعية التي نشأت فيها، ومنزلها بتصميمه وموقعه الفريد على سفح الجبل المطل على الحرم المكي الشريف، لتنتقل في ممرها الثاني عبر عشرات السنين، لتطوي الزمن كما تطوي بكرة الأفلام مشاهدها المرتبة، وتعرض أهم حدث في حياتها الفنية كفنانة تشكيلية تعشق الرسم عندما انتقلت للعيش في عروس البحر الأحمر، وافتتحت أول معارضها الفنية المفتوحة على كورنيش «جدة»، حتى تمسك بلباب القارئ لتعطيه فكرة واضحة عما يواجه من تجربة واقعية ثرية في اللغة والحبكة والدراما لن ينفلت منها إلا بالاستغراق في ثنايا الممرات التي أطلقتها الراوية على فصول روايتها الرائعة. واستخدمت عنصرا الحركة والتشويق والصدق في نقل المشاعر، ووصف الأحداث والشخوص والأماكن بل الغوص في أعماق الرواية بكل ما فيها عبر الزمن المتواتر بين أحداثه ورياحه العاتية حينا حيث تفيض الظلمة على حياته أو حياة الشخصيات المصاحبة، وكذلك ممرات الرياح التي تشكل النسمات العليلة التي تفيض ينابيعها على أحداث وشخصيات القصة بالحب والتناغم بين الممرات المختلفة. كما أبدعت الكاتبة في تصوير شخصية «بدرية» المرأة السعودية في زمن التحول، أيضًا أحسنت عكس الصورة الواقعة للمجتمع السعودي بكل ما فيه عبر الشخصيات التي عاشت كل مراحل التحول سواء من النشأة الدينية في ربوع مكة وبجوار الحرم الشريف أطهر بقاع الأرض، وتعليمها، وانتقالها للتعليم في مصر ودراستها للفنون الجميلة بالقاهرة، وعودتها بشخصية مصقولة فنيًا، وما بين هذا وذاك لم تنسَ الكاتبة، أن تشير بعمق وإفاضة لتجارب «بدرية» الحياتية ومشاعرها الفياضة بأسلوب لغوي غاية في الحساسية، ودقة في التعبير، وحسها الرومانسي في تجارب الحب والزواج، أو حتى الانفصال التي دارت به «ممرات الريح».

مشاركة :