الحوار بين الأديان هو طريق السلام والوئام السيد / ألطاي تحية طيبة وبعد ,,, كما تعلم أن مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية يعقد في عاصمة قازاقستان كل ثلاث سنوات على مدار الستة عشر عاما الماضية حيث يجتمع فيه زعماء بارزين من مختلف الأديان من جميع أنحاء العالم. فكيف تأصلت و نشأت هذه الفكرة؟ – فعلا, كما أشارتم قد مضي 16 عاما منذ انعقاد المؤتمر الأول لزعماء الأديان العالمية والتقليدية و على مدار سنوات من تطوره أظهرت القمة الدعوة الحقيقية بين الأديان والمبادئ الاخلاقية المشتركة وقدراتها الهائلة في مجال حفظ السلام والانسانية. قازاقستان بوصفها دولة متعددة القوميات و الأديان لم تستطع في بيئة جيوسياسية صعبة الابتعاد عن تهديدات و مخاطر مختلفة في عصرنا ولذلك بدات تتخذ إجراءات ملموسة كالتالي: – زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى قازاقستان في سبتمبر 2001 في ألماتي في عام 2002 CICA- عقدت قمة – عقد المؤتمر الدولي للسلام و الوئام في فبراير عام 2003 وقد ساهمت هذه الأحداث إلى ظهور مبادرة جديدة للرئيس / نور سلطان نزارباييف لعقد مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية. وبالفعل أشار الرئيس / نور سلطان نزارباييف الي جوهر الحوار بين الأديان في خطابه الاول في المؤتمر الاول قائلا ” نحن لسنا بحاجة ولا يمكننا تحديد أي أهداف نهائية. و لا يمكننا إنشاء مساحة دينية واحدة و كذلك من المستحيل التغلب على الاختلافات القائمة بشكل كامل خاصةً لأنها تؤثر أحيانًا على أسس الديانات العظيمة. ومع ذلك على الرغم من الاختلافات القائمة فإن قيمة هذا الحوار المستمر وعملية البحث المشترك بين الزعماء قد يخلق أرضًا من السلام والوئام و الانسجام ” – من هم الاعضاء المشاركين فى المنتدى اليوم؟ المشاركين اليوم فى المنتدى هم مسئولون ذو صفة تمثيلية و هو من السمات المهمة للمنتدى بين الأديان. و أيضا تجدر الإشارة إلى ان المشاركين في المؤتمر هم مسؤولون من الإسلام و المسيحية و اليهودية والبوذية و الهندوسية و الطاوية و الشنتوية و كذلك يحضره ممثلون عن المنظمات الدينية و الدولية و شخصيات سياسية موثوقة . و هو مما يعزز من تأثيره على البحث عن إجابات للقضايا المعقدة التي يثيرها الحاضر. و لهذا السبب تزداد كل عام جغرافيا المشاركين في المؤتمر. و نحن علي ثقة تامة أن هذا الحدث أصبح منصة ليس فقط للاجتماعات بين الأديان بل هو تحول ذو أهمية كبيرة للتجربة الحقيقية في تحديد دور زعماء الأديان في مواجهة التهديدات الحديثة. و أريد أن أشير إلى المساهمة الأساسية لممثلي المنظمات الدينية في العالم العربي و الإسلامي في تطوير الحوار بين الأديان في إطار عمل جميع مؤتمرات زعماء الأديان العالمية والتقليدية. علي سبيل المثال مثلو رابطة العالم الإسلامي مدعوٌ بصفة دائمة في المؤتمر و أُدرجت المقترحات التي وردت في خطاباتهم في نتائج المؤتمر. و لقد جرى تعميم بمبادرة قازاقستان نداء المشاركين من المؤتمر الثالث لزعماء الأديان العالمية والتقليدية على الأمم المتحدة كوثيقة رسمية من وثائق الجمعية العامة ومجلس الأمن. فهذا إنجاز كبير و هو نجاحنا المشترك. و نعرب عن امتناننا و عن شكرنا للمنطقة العربية و الإسلامية لتشجيع الحوار بين الأديان و لمساهمتهم. كما تعلمون فقد تطورت بين بلداننا العلاقات الإيجابية السياسية المستقرة و قدمت الرياض طوال سنوات وجودها دعما سياسيا قويا لاستقلال الجمهورية وسيادتها بالاضافة لمبادراتها الرئيسية لحفظ السلام. تنص الاتفاقيات الموقعة بين البلدين على تطوير العلاقات الثنائية في مجالات التجارة والاقتصاد والثقافة والدين والعلوم. و كذلك المملكة تدعم عملياً مبادرات قازاقستان في إطار الأمم المتحدة و منظمة التعاون الإسلامي وغيرها من المنظمات الدولية ، بما في ذلك مدونة قواعد السلوك لتحقيق السلام و محاربة الإرهاب. و أنا علي يقين بأن هذا التعاون المثمر بيننا سيكون بمثابة أساس لإقامة حوار بين الأديان في العالم. كما تعلم فقد عُقد مؤخرا اجتماع لأمانة المؤتمر. فما هي نتائج؟ نعم, فقد فتحت عاصمة قازاقستان أبوابها أمام المشاركين في الاجتماع الثامن عشر لأمانة المؤتمر في سبتمبر و الذي حضره ممثلون من الأديان العالمية والتقليدية المختلفة من 15 دولة. قدم المشاركون خلال الاجتماع اقتراحاتهم بشأن عقد المؤتمر السابع لزعماء الأديان العالمية والتقليدية في 15-16 يونيو عام 2021 و تحديد موضوعه الرئيسي . و ايضا تم اتخاذ القرار بشأن عقد أمانة المؤتمر التاسع عشر في 3 يونيو 2020 في مدينة نور سلطان. بناءً على نتائج الاجتماع تم اعتماد بروتوكول للأمانة الثامنة عشرة بلغات المؤتمر. من الجدير بالذكر أن المشاركين أحاطوا علما بمقترحات زعماء الأديان عقب المؤتمر السادس لزعماء الأديان العالمية والتقليدية وحددوا آفاق جديدة في المؤتمر خلال فترة ما بين المؤتمرات. تعتبر الأمانة هي الهيئة التنفيذية الرئيسية في المؤتمر و السيد / قاسم جومارت توقاييف حاليا رئيس جمهورية قازاقستان و دبلوماسي بارز و هو كان بوصفه رئيسا للأمانة لسنوات عديدة. و بالفعل أشار أعضاء الأمانة في خطاباتهم إلى إسهامه الكبير في تطوير الحوار بين الأديان في العالم. و من هنا أود أن أشير إلى أن السيدة / داريغا نزارباييفا – رئيس مجلس شيوخ برلمان جمهورية قازاقستان- صارت الان رئيسا لأمانة مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية. و هي أكدت في كلمتها الترحيبية للأمانة: “إن نموذج قازاقستان في هذا المجال سيساعد بشكل كبير في تخفيف التوتر في مناطق النزاع وتقريب الحضارات و في تعزيز السلام والاستقرار في كوكبنا المشترك”. و أعرب بدورهم زعماء الأديان وكذلك ممثلو المنظمات الدولية عن امتنانهم لقازاقستان وشعبها. و مما يبعث على الارتياح أن تجربة قازاقستان في بناء نموذج للمجتمع بين الأديان والأعراق هو صار أمرا مطلوبا في جميع أنحاء العالم اليوم. فكما نعلم أنه في العالم الأن توجد كثير من أنشطة للمنتديات المماثلة . ولكن هل هذا نتيجة لنجاح مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية؟ فعلا، فهناك أشكال مختلفة من منصات الحوار في العالم والمنتديات التي تقصد هدف إقامة وتعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان والثقافات والحضارات. و يحتل مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية بين هذه العدد من عمليات حفظ السلام مكانة مهمة و فريدة. اليوم تم بنجاح الاتفاق على ضرورة إنشاء مؤتمرات فعالة تكون أنشطتها كمنبر للحوار العالمي لزعماء الأديان. فالإمكانات الإبداعية للمؤتمر لم تعد مجرد أساسا لتعزيز الحوار والوئام و لكنها ستظل بمثابة منبر للتنمية المستدامة للدول والمجتمعات القائمة على السلام والتسامح والاحترام المتبادل والوئام. و من الشروط الرئيسية لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي هو الدور النشط الذي يقوم به رجال الدين والسياسيون ومجتمع الخبراء ووسائل الإعلام وجميع الأشخاص ذوي النوايا الحسنة بشكل عام. في هذا الصدد تعتبر تجربة المؤتمرات الستة السابقة لزعماء الأديان العالمية والتقليدية مساهمة قيمة في تطوير الفكر الروحي العالمي وثقافة الحوار بين الأديان. فقد أصبحت مؤتمرات الزعماء الأديان مثالاً جيدًا لكسر الجمود في التناقضات السياسية والاجتماعية التي تعيق تطور المجتمع. وأعطت اجتماعات وخطب الزعماء الأديان تجربة حقيقية في تنظيم الحوار بين البشر باعتبارها أذكى شكل من الدعم لحل النزاعات والصراعات ضد العنف والإرهاب. وإذ نظرنا إلى التطورات التي جرت عبر الأعوام الأخيرة فقد اصبح واضحا مدى الاختلافات الثقافية والحضارية و صعوبة العلاقات بين الأديان في العالم الحديث. لذا فإن الحاجة إلى الحوار الحضاري تتضاعف عدة مرات من خلال المؤتمر بمشاركة زعماء الأديان والشخصيات السياسية والعلماء والخبراء والمحللين . أنا متأكد من أن المؤتمر سوف يعطي زخما جديدا لترويج التنمية لجميع المجتمعات في العالم. كما نعلم فإن مركزكم هو الهيئة التنفيذية الرئيسية في مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية. أخبرنا عن نشاطاته ؟ الهدف الرئيسي للمركز هو تعزيز مبادرات أول رئيس لجمهورية قازاقستان على المستوى الدولي للحفاظ على الحوار بين الأديان والحضارات وتطويره وكذلك نشر أفكار مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية كهيكل عمل للمؤتمر في تنظيمه وإدارته و دعم تنفيذ المنهجيات للقمة. و في الختام أود أن أشير إلى أن المشاركين في الاجتماع الثامن عشر للأمانة لاحظوا أهمية تقديم المساعدة الشاملة إلى “مركز نور سلطان نزارباييف لتطوير الحوار بين الأديان والحضارات” بشأن تعزيز تعاون مع المنظمات و المراكز الدولية المتخصصة ذات السمعة الحسنة في مجال الحوار بين الأديان والثقافات والحضارات. و شكرا !!!
مشاركة :