أوروبا تتحرك لصد أخطار داعش بعد التدخل التركي في سوريا

  • 10/16/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بروكسل – كثّفت الأجهزة الأمنية لدى الاتحاد الأوروبي من عمليات التنسيق في ما بينها، لمواجهة احتمال تعرض القارة لموجات جديدة من اللاجئين والأعمال الإرهابية من قبل خلايا تابعة لتنظيم داعش فارّة جراء العملية التركية في سوريا. وقالت مصادر في المفوضية الأوروبية إن الواجهات السياسية للاتحاد التي تتعامل مع التطورات المتعلقة بالهجوم التركي في شمال شرق سوريا، تسعى إلى إيجاد مقاربات ومخارج دبلوماسية لتجنيب دول الاتحاد هذه المخاطر خصوصا بعد توعد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بفتح الباب أمام الآلاف من اللاجئين نحو أوروبا. وعبّرت تقارير الأجهزة الأمنية الأوروبية عن تشاؤم في نجاح الدبلوماسية في ذلك، موحية بضرورة اتخاذ إجراءات أمنية وعسكرية أوروبية جماعية للدفاع عن أمن الدول الأعضاء. وقالت التقارير إن أجهزة الأمن البريطانية الأميركية تبادلت المعلومات والمعطيات الجديدة والمتوقعة جراء معلومات عن حالة هروب جماعي لمقاتلين من تنظيم داعش الإرهابي من داخل السجون، التي تتحكم بها قوات سوريا الديمقراطية. وأضافت أن تواصل الأجهزة شمل تلك في فرنسا وألمانيا، وأن ضغوطا مورست من قبل العواصم الأوروبية على واشنطن بهدف إعادة ضبط الوضع الأمني المتعلق بملف الإرهاب وداعش وفصله عن الحرب، التي تخوضها قوات تركية وميليشيات سورية رديفة ضد القوات الكردية في تلك المنطقة. حالة من الهلع اجتاحت العواصم الأوروبية جراء العبث الذي فجرته الحملة العسكرية التركية في سوريا وحذّرت بعض الدوائر السياسية في بروكسل من سياسة الابتزاز التي تمارسها الولايات المتحدة ضد الاتحاد الأوروبي في ملف الأمن، معتبرة أن القرار الأحادي الذي اتخذته واشنطن بالسماح بتفجر الأوضاع على الحدود التركية السورية وما يستتبع ذلك من تقويض للجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب، يتداعى مباشرة على الأمن الأوروبي. وأشارت هذه الدوائر إلى أن الولايات المتحدة ستبقى بحكم الموقع الجغرافي بعيدة عن أي استهداف مباشر لأراضيها ومواطنيها. وقالت إن الأمر خطير ولا يحتمل الخضوع لمطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب للأوروبيين باستعادة “دواعشهم” من سجون الأكراد في سوريا، منوّهة إلى أن الأوروبيين يعملون مع بغداد على صيغة لنقل سجناء داعش إلى العراق. وأشارت مصادر إعلامية من باريس أن الرئيس الفرنسي ونظيره الأميركي تباحثا هاتفيا الأخطار الداهمة التي تخشاها أوروبا جراء انفلات الوضع الأمني في المناطق التي تأوي سجون داعش شرق الفرات. وأضافت أن ضغوطا أخرى ساهمت بها عواصم أوروبية أدت إلى حدوث تحول في مواقف الرئيس دونالد ترامب لجهة تهديد تركيا مجددا، والانتقال إلى مرحلة تنفيذ عقوبات على الاقتصاد التركي وعلى واجهات كبرى لحزب العدالة والتنمية الحاكم. ونبهت قيادات عسكرية فرنسية، تابعت الوضع الميداني لقواتها في سوريا عن كثب، إلى خطورة التصريحات التي صدرت عن ترامب والتي اتهم فيها وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية بأنها لجأت عمدا إلى تحرير المئات من السجناء بغية الضغط على واشنطن لعدم الانسحاب من المنطقة. وقالت هذه الجهات إنها تواصلت مع الرئيس ماكرون الذي نقل مخاوف الجيش الفرنسي إلى الرئيس الأميركي. وقالت مصادر من بروكسل إن حالة هلع اجتاحت العواصم الأوروبية جراء العبث غير المبرر الذي فجرته الحملة العسكرية التركية في شمال شرق سوريا من جهة، وجراء الانسحاب الكيفي السريع للقوات الأميركية من تلك المنطقة. ونقل مراقبون عن مصادر في المفوضية الأوروبية أن الأمر من شأنه إحداث انهيار شامل لكافة المعايير الأمنية التي تمسك بالواقع الأمني بعد هزيمة تنظيم داعش، وأن احتمال تمدد هذه الفوضى قد يؤدي إلى فرار كافة سجناء داعش المقدر عددهم بحوالي 12 ألف مقاتل. واعتبرت أن ذلك يطيح بسنوات من الجهود الدولية للإطاحة بتنظيم أبوبكر البغدادي، وهو أمر عبّر عنه بشكل صريح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، ناهيك عن انتشار الآلاف من هؤلاء الإرهابيين، ما سيحدث انقلابا داخل دول المنطقة. والظاهر أن تقارير الأجهزة الأمنية الأوروبية أضيفت إلى تقارير المؤسسات الأمنية الأميركية التي تراكمت على مكتب الرئيس ترامب في البيت الأبيض، ودفعت به وبالإدارة الأميركية من جديد إلى إطلاق وابل من المواقف الداعمة للقوات الكردية شرق الفرات. وكان نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، قد أعلن أن ترامب تواصل مع القيادة الكردية في سوريا، ما أعطى انطباعا أن واشنطن تعيد طمأنة الأكراد أن الولايات المتحدة مستمرة في تقديم المؤازرة والدعم. ورأت مصادر دبلوماسية أميركية أن تحرك ترامب يهدف إلى فرملة الاندفاع الذي ذهب به الأكراد، من خلال إعلانهم عن اتفاق جرى إبرامه مع النظام السوري في دمشق برعاية القاعدة الروسية في حميميم. و يهدف كذلك هذا التحرك إلى تشجيع الأكراد على إعادة الإمساك بسجون داعش لديها، وعدم نقل قوات موكل إليها حراس السجون إلى الجبهات المشتعلة للتعامل مع هجوم تركيا وحلفائها. وقالت المصادر إن مسارعة ترامب لفرض عقوبات على تركيا تهدف إلى وقف الحرب ووقف التوغل التركي، بغية طمأنة الجانب الكردي إلى جدية التدابير التي يتخذها البيت الأبيض للدفاع عن أمن الأكراد حلفاء الولايات المتحدة. وكان الرئيس الفرنسي قد أعاد إثارة مسألة تشكيل جيش أوروبي ساعيا إلى انخراط المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل داخل هذا المشروع وجرّ أكبر عدد من الدول الأعضـاء للدفع به. ويشير مراقبون إلى أن إيمانويل ماكرون يسعى للترويج بأن الولايات المتحدة قد تغيرت عما كانت عليه بعد الحرب العالمية الثانية، وأنها باتت في ظل إدارة ترامب غير معنية بالدفاع عن الأمن الأوروبي، وأنه بات على أوروبا أن تحمي نفسها بوسائلها، وأن الاستهتـار، الذي عبّر عنه ترامب في العبث بأمنها من خلال قراراته في سوريـا، يفرض على الأوروبييـن جديـة مثلى لرفع مستويات الحصانـة والأمن والدفاع عن القارة العجوز.

مشاركة :