يعتبر الهجوم التركي على شمال شرق سوريا ثالث عملية عسكرية تقوم بها أنقرة على الأراضي الشمالية السورية بعد عملية جرابلس في العام 2016، ثم عملية عفرين في العام 2018، وهما العمليتان اللتان تسببتا في تهجير الأكراد، واستبدالهم بعشرات الآلاف من اللاجئين السوريين، وهو ما قد يؤكد فرضية رغبة أردوغان في تغيير التركيبة الديمغرافية في المنطقة.التضييق أكثر فأكثر على السوريين في الفترة الأخيرة، أشارت تقارير إعلامية إلى أنّ تركيا قامت منذ أشهر بتطبيق قوانين صارمة على السوريين المقيمين على أراضيها في إطار الإجراءات التي أطلقت عليها بـ "تنظيم الولايات التركية"، وهو الأمر الذي أدّى إلى عودة كثير من السوريين، وترحيل آخرين من البلاد، ما اعتبره مراقبون تضييقا على السوريين لترحيلهم تحت بند العودة الطوعية. ودعا نشطاء سوريون السلطات التركية بعدم ترحيل السوريين خاصة إلى بلدهم. وأكد شهود عيان سابقاً أن السلطات التركية بدأت تنفيذ إجراءات التشديد وتضييق الخناق على اللاجئين السوريين في عموم تركيا وفي إسطنبول خاصة، مشيرين إلى أن بعض السوريين يُرحَّلون حاليا من تركيا إلى الشمال السوري. وقد تزامن ذلك مع إعلان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو أن مدينة إسطنبول "مغلقة الآن أمام السوريين" وأن السلطات تتخذ إجراءات ضد المهاجرين غير الشرعيين. واتهمت العديد من المنظمات غير حكومية تركيا مؤخرا بإجراء عمليات ترحيل قسرية للسوريين، الذين يتم توقيفهم خارج المقاطعات التركية التي يقيمون فيها، لكن أنقرة أنكرت مرارا تلك الاتهامات.ما صحة إعادة مليون لاجئ سوري إلى الأراضي؟ مسألة إعادة لاجئين سوريين إلى شمال سوريا من بين الأمور التي كثيرا ما تحدث عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حيث تحدث عدة مرات عن خطة لإعادة أكثر من مليون سوري من إجمالي 3 ملايين ونصف المليون لاجئ سوري، الذين يعيشون على الأراضي التركية إلى "المنطقة العازلة"، وإعادة توطينهم هناك. ويبدو أن معالم هذه الخطة بدأت تتضح على ضوء العملية العسكرية التي أطلقتها تركيا منذ أسبوع في شمال شرق سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية وامتدادا لحزب العمال الكردستاني. للمزيد:عملية "نبع السلام" تخلف 70 ألف نازح شمال سوريا وتفاقم الأزمة الإنسانيةمظاهرة للأكراد أمام مكتب الأمم المتحدة في بيروت احتجاجا على عملية "نبع السلام"على ماذا تنص خطة إعادة التوطين؟ تشير التقارير إلى أن حكومة أردوغان تسعى إلى نقل أكثر من مليون لاجئ سوري إلى شمال شرق سوريا. وسبق وأن دعت أنقرة المجتمع الدولي على تقديم 26 مليار دولار لتهيئة المنطقة الآمنة بالاتفاق مع الولايات المتحدة. وتنص الخطة على إسكان اللاجئين في 200 ألف وحدة سكنية جديدة يتم إنجازها من المساعدات التي تقدم في إطار الدعم الخاص بالتكفل باللاجئين. وتنص خطة إعادة التوطين على إقامة مناطق سكنية للسوريين الراغبين في العودة إلى بلادهم، داخل المنطقة الآمنة شرقي الفرات حيث سبق وأن شدد أردوغان على ضرورة العودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين، مع اضطلاع أنقرة بجميع المسؤوليات المتعلّقة بإقامة مناطق سكنية للسوريين في المنطقة الآمنة.أردوغان يهدد بفتح الطريق إلى أوروبا أمام 3.6 مليون لاجئ ولم يتردد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في توجيه تهديد لأوروبا بإرسال اللاجئين السوريين لديها، الذين يصل عددهم إلى 3.6 مليون، إلى أوروبا إذا صنفت الدول الأوروبية التوغل العسكري التركي في سوريا على أنه احتلال. وقال أردوغان: "سنفتح الأبواب ونرسل 3.6 مليون لاجئ نحوكم". ويعيش حوالي 3.6 مليون لاجئ سوري في تركيا، وقد تراجع تدفق المهاجرين من تركيا إلى أوروبا بشكل كبير بعد الاتفاق الذي ابرمته الحكومة التركية والاتحاد الأوروبي في العام 2016. وكانت الدول الأوروبية قد انتقدت العملية العسكرية في شمال سوريا، والتي استهدفت عناصر قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من الغربيين، لكونها القوة الرئيسية التي حاربت ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية".إعادة قلب الموازين الديمغرافية في شمال سوريا يرى بعض المختصين أن خطة إعادة توطين اللاجئين السوريين في شمال سوريا، هي استراتيجية من الحكومة التركية لقلب التركيبة السكانية في الشمال السوري حيث تعيش أغلبية كردية، ونقل أكثر من مليون لاجئ سوري أغلبهم من العرب السنة، سيغير من دون شك ديمغرافية المنطقة. وفي حال نجاح الجيش التركي في دحر قوات سوريا الديمقراطية، سيصبح من السهل على الحكومة التركية إعادة توطين اللاجئين السوريين من جهة، والذين ترى أنقرة أنهم سيكونون موالون لها في جميع الحالات، وتقزيم نفوذ "الوجود الكردي" في المنطقة من جهة أخرى، وبالتالي القضاء على أي تهديد كردي للمجال الحيوي في جنوب تركيا.
مشاركة :