قبل شهر من الانتخابات النيابية في تركيا، دخلت حملات الأحزاب المشاركة منعطفاً مهماً وحاداً، بعدما بات الرئيس رجب طيب أردوغان جزءاً من الحرب الانتخابية، اذ يبذل مساعي حثيثة لاستخدام أسلحة سياسية واجتماعية، لدعم الحكومة وانتقاد المعارضة. وظهر أردوغان أمام الناخبين في مدينة سيرت ذات الغالبية الكردية المتدينة جنوب شرقي تركيا، حاملاً مصحفاً قائلاً: «كبرت وترعرعت في ظل القرآن، ومكانته في نفسي معروفة لدى الجميع». وأضاف مخاطباً رئيس «حزب الشعوب الديموقراطية» الكردي المعارض صلاح الدين دميرطاش: «يدرك الجميع أيضاً موقفك من القرآن ومكانته لديك». وردّ «حزب الشعوب الديموقراطية» بتقديم طلب رسمي لدى الهيئة العليا للانتخابات، طالباً توجيه إنذار لأردوغان ومنعه من إلقاء خطب شعبية، بحجة أنه يتدخل في سير الانتخابات لمصلحة الحكومة، فيما ينص الدستور على أن يبقى محايداً ويمتنع عن التدخل في المعركة الانتخابية. لكن اللجنة رفضت الطلب، مبررة قرارها بعدم إمكان منع رئيس الجمهورية من التحدّث في الأماكن العامة. لكن استخدام أردوغان المصحف والدين، أثار استهجاناً واسعاً لدى أوساط سياسية وإعلامية، إذ قال رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيليجدارأوغلو: «لا يحقّ لأردوغان استخدام الدين في السياسة، واعتبار أنه وحده، من دون غيره من الساسة، الذي يفهم الإسلام». وخاطب دميرطاش أردوغان قائلاً: «لو تصمت قليلاً وتدع (رئيس الحكومة) أحمد داود أوغلو يقود الحملة الانتخابية (كونه رئيساً لحزب العدالة والتنمية الحاكم)، ليشعر ولو لدقائق بأنه زعيم حزب ورئيس للوزراء». وتشكو كل الأحزاب التركية من دور أردوغان في الدعاية الانتخابية، وتعتبر أنه يؤمن أجواء تنافس غير عادلة، اذ يدخل الساحة مسلحاً بموازنة الرئاسة وإمكاناتها، لدعم الحكومة. كما أن الرئيس يتهم «حزب الشعوب الديموقراطية» – من دون تسميته – بدعم الإرهاب، وطلب من الناخبين الأكراد أن «يعاقبوا الحزب في الانتخابات لدعمه الإرهاب». وهذه عبارة واضحة جداً تثبت تخلي الرئيس عن حياده المُفترض، فسأل رئيس حزب «الحركة القومية» دولت باهشلي: «ينتقد أردوغان أحزاب المعارضة، ويؤكد في الوقت ذاته أنه حيادي. لماذا إذن لا نسمع منه أي نقدٍ للحكومة، فهل هي مُنزّهة»؟ وأظهرت مؤسسة «غيزي» لاستطلاعات الرأي أن شعبية الحزب الحاكم تراجعت إلى 39 في المئة، بعدما كانت 50 في المئة العام الماضي. كما نشرت استطلاع رأي آخر أشار إلى أن 45 في المئة الناخبين الأتراك اعتبروا أن أجواء الانتخابات غير عادلة، مشككين في نزاهتها.
مشاركة :