هجوم تركيا على سوريا يعمق الانقسام العرقي

  • 10/17/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الهجوم العسكري التركي على الشمال السوري لن تقتصر نتائجه فقط على القتل والدمار وتشريد المدنيين السوريين، بل ستشمل آثاره تعميق الشروخ العرقية في المنطقة بين الأتراك ومختلف المكونات العرقية الأخرى خاصة العرب والأكراد، ما يعيد التذكير بالخطابات والإستراتجيات العنصرية القومية التركية التي انبنت على رفض الاعتراف بباقي القوميات في المنطقة. قد يؤدي الهجوم العسكري التركي في شمال سوريا إلى تعميق الفجوة العرقية في تركيا، إذ يعترض الأكراد في الغالب على العملية ويدعمها الأتراك بأغلبية ساحقة. وتهدف تركيا إلى إنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً في شمال سوريا لطرد قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد من الأراضي على طول حدودها. وترى تركيا قوات سوريا الديمقراطية امتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور، الذي يقاتل من أجل الحكم الذاتي في جنوب شرق تركيا الذي تقطنه أغلبية كردية منذ ما يربو على ثلاثة عقود. ويُعتقد أن حوالي 40 ألف شخص، معظمهم من الأكراد، لقوا حتفهم في هذا الصراع. وأدى دعم الحكومة التركية للفصائل المعارضة المسلحة الإسلامية في الحرب الأهلية السورية، التي قاتلت القوات الكردية السورية العلمانية وكذلك الحكومة السورية، إلى تفاقم الانقسامات في تركيا. وقالت فاطمة يافوز، وهي امرأة كردية تعيش في إسطنبول، كبرى مدن تركيا، إنه يجب على القوات التركية الانسحاب من سوريا، مضيفة أن الأكراد يريدون السلام وليس الحرب. وتابعت قائلة “ماذا تريد هذه الدولة من الأكراد؟ لم يفعل الأكراد شيئاً سيّئاً لكم”. وحذرت الحكومة التركية الدول الأخرى من وصف الهجوم بأنه حرب أو غزو، قائلة إن تركيا تمارس حقها في الدفاع عن النفس ضد ما تسميه بالتهديد الإرهابي. وقال يسار توكر، أحد سكان إسطنبول من مقاطعة سيرت الجنوبية الشرقية التي تضم أكراداً وعرباً “إذا قال العالم كله إنه ليس إرهاباً وأنت الوحيد الذي تطلق عليه الإرهاب، فقد تكون أنت الذي يواجه مشكلة”. وحققت أحزاب المعارضة التركية انتصاراً نادراً من خلال توحدها لهزيمة حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات المحلية التي جرت في شهر مارس، بمساعدة الحزب الرئيسي الموالي للأكراد، والذي لم يقدم مرشحين في العديد من المدن خارج جنوب شرق البلاد وحث مؤيديه على التصويت التكتيكي. وقال توكر إنه دعم المرشح الرئيس الناجح لحزب المعارضة في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول، لكنه الآن يشعر بخيبة أمل. وأردف قائلاً “كلما وجدوا أنفسهم في ورطة، يستخدمون العلم كمنقذ. هذه ليست الوطنية. الوطنية هي فهم وضع الناس”. وقال آخرون إن أردوغان كان يستخدم العملية السورية لإخفاء الانكماش الاقتصادي الذي أدى إلى تآكل الدعم للحزب الإسلامي الحاكم. وبالنسبة لأولئك الذين يعيشون بالقرب من سوريا، لم تكن الحرب الأهلية أبداً نزاعاً بعيداً، لكنها أثرت بشكل مباشر على أفراد الأسرة الذين يعيشون على الجانب الآخر من الحدود. وقال عزمي بكير، وهو من بلدة جيلان بينار في مقاطعة شانلي أورفة التركية، وهي واحدة من المكانين اللذين يتوجه منهما الجيش التركي إلى سوريا “هؤلاء الذين شاركوا في القتال هم جنودنا، والذين يقتلونهم هم أقاربنا”.وأضاف “لا أعتقد أن لدينا أي عمل هناك. سنصبح جزءاً من الاضطرابات الداخلية في سوريا”. وقد ألقت الشرطة القبض على أكثر من 100 شخص بسبب منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي التي تنتقد الهجوم، لكن الغالبية العظمى من الأتراك يقفون وراء العملية بقوة. وقالت مقبولة جيجيكي “بصفتي امرأة، سألتحق بالجيش إذا اتصلوا بي، وسأذهب للدفاع عن بلدي سواء في غرب أو شرق الفرات”. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على تركيا بسبب العملية وقيدت الدول الأوروبية مبيعات الأسلحة. وتقول تركيا إن حلفاءها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) يتجاهلون مخاوفها الأمنية. وقالت ميريت جاكماك “لقد قدمنا أفضل إجابة للولايات المتحدة عن طريق عبور الحدود… فقدنا جوهرنا لمدة 80 عاماً، وعدنا إليه في آخر 15 عاماً”.

مشاركة :