حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب من فشل اللقاء المزمع عقده اليوم بين نائبه مايك بنس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتوعد تركيا بعقوبات مدمرة إذا لم ينجح اللقاء، مشدداً على أنه لم يعط تركيا الضوء الأخضر للاعتداء على الأراضي السورية. وأوفدت الإدارة الأميركية مسؤولين كباراً إلى تركيا، أمس، لإجراء محادثات طارئة في محاولة للضغط على أنقرة لوقف الهجوم على شمال شرق سوريا، فيما اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن فرض العقوبات الأميركية على تركيا أفضل من القتال في المنطقة. ومن جانبه، أعرب مجلس الأمن الدولي، أمس، عن قلقه من مخاطر تدهور الوضع الإنساني في سوريا، وهروب أسرى مقاتلي تنظيم «داعش» الإرهابي، ولكنه لم يتطرق إلى الهجوم التركي على فصيل كردي سوري في المنطقة والذي بدأ قبل أسبوع. واتفق أعضاء مجلس الأمن وعددهم 15 على البيان المقتضب بعد الاجتماع للمرة الثانية خلف الأبواب المغلقة منذ بداية العملية التركية التي أجبرت عشرات الآلاف من المدنيين على النزوح وأثارت تساؤلات بشأن مصير الآلاف من مقاتلي «داعش» في السجون الكردية. لكن السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، أكدت دعوة بلادها إلى وقف العدوان التركي، وطالبت أنقرة بإعلان وقف فوري لإطلاق النار. غير أن أردوغان تحدى مجدداً، قائلاً إنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار، وهدد بإلغاء زيارته المقررة إلى الولايات المتحدة الشهر المقبل بسبب ما أظهره مسؤولون أميركيون من «عدم احترام بشكل كبير جداً». واعتبر الرئيس ترامب أن الصراع بين تركيا وسوريا وأنه «لا بأس» إذا قدمت روسيا الدعم لدمشق، غير أنه أكد أن واشنطن ستساعد في التفاوض على الوضع في سوريا. وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض إن فرض العقوبات الأميركية على تركيا سيكون أفضل من القتال في المنطقة، وإن الأمر يرجع لدول المنطقة لحل الأزمة. وقال ترامب إن «الأكراد محميون بشكل جيد»، بينما يواجه الرئيس الجمهوري اتهامات في الولايات المتحدة ومن قبل حلفائه الأجانب «بالتخلي» عن الأكراد. ووصل الوفد الأميركي، الذي يضم كلاً من مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، أمس، من أجل الضغط على تركيا. والتقى أوبراين، الذي تولى منصب مستشار الأمن القومي منذ شهر، وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قبيل محادثات بين بنس وأردوغان، بعدما تراجع الأخير عن إعلانه عدم لقاء بنس. وتسبب الهجوم التركي في أزمة إنسانية إذ دفع نحو 160 ألفاً من المدنيين للفرار مما يثير تساؤلات بشأن مصير الآلاف من مقاتلي تنظيم «داعش» المحتجزين في سجون كردية. وأعلنت واشنطن فرض مجموعة من العقوبات على تركيا، يوم الاثنين الماضي، لكن منتقدي ترامب قالوا إنها أضعف من أن تحدث أثراً. وتقدم أعضاء من الحزب الجمهوري في مجلس النواب الأميركي، أمس، بمشروع قانون لفرض عقوبات إضافية على أنقرة. ويستهدف مشروع القانون فرض عقوبات على مسؤولين بارزين في الحكومة والجيش التركي. وأفاد المتحدث الرئاسي التركي إبراهيم كالين، أمس، بأن وزارة الخارجية تجهز رداً على العقوبات الأميركية التي فرضها الرئيس ترامب. ومن جانبه، قال بنس: «إن أردوغان وعد ترامب في اتصال هاتفي بأن تركيا لن تهاجم كوباني، وهي مدينة حدودية ذات أهمية استراتيجية باعتبارها أول مكان تمركزت فيه القوات الأميركية لدى إرسالها لمساعدة الأكراد في قتال تنظيم داعش الذي ارتكب مذابح ضد الأكراد في 2014». وقال أردوغان، الذي من المقرر أن يزور موسكو هذا الشهر، إنه أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأن بإمكانه تحريك قواته إلى منبج، فقط في حال طرد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية منها. ويقول أردوغان إن ترامب وافق على خططه لإقامة «منطقة آمنة» بعمق 30 كيلومتراً داخل سوريا، تمتد لمئات الأميال من نهر الفرات غرباً إلى الحدود العراقية شرقاً. ويقول ترامب إنه لم يقر الخطط التركية ولم يمنح أنقرة ضوءاً أخضر، لكن واشنطن لا يمكنها البقاء لحفظ الأمن في الشرق الأوسط. وبنبرة تحدٍّ، قال أردوغان للصحفيين على متن طائرة أثناء العودة من زيارة لأذربيجان في وقت متأخر من مساء أمس الأول: «يقولون: أعلنوا وقف إطلاق النار، لن نعلن مطلقاً وقف إطلاق النار». ولا توجد أي مؤشرات على تراجع الحملة التركية على الأرض، ويدور معظم القتال إلى الآن حول مدينتين حدوديتين هما رأس العين وتل أبيض. وأفاد شهود عيان في بلدة جيلان بينار التركية الحدودية بسماع دوي صوت إطلاق كثيف للنار من الجهة الأخرى من الحدود في مدينة رأس العين، التي قالت وزارة الدفاع التركية في وقت سابق إن قواتها تسيطر عليها. في غضون ذلك، أدانت الحكومتان الألمانية والفرنسية في بيان مشترك، صدر في مدينة تولوز الفرنسية أمس، العدوان التركي. ودعت الحكومتان تركيا إلى التراجع عن هذا المسار، وأشارتا إلى الالتزامات التي يتعين على تركيا الوفاء بها وفقاً للقانون الدولي. استعراض أميركي للقوة في سوريا قال مسؤول أميركي، أمس، إن طائرات عسكرية أميركية قامت «باستعراض للقوة» في سوريا بعد أن اقتربت قوات مدعومة من تركيا من جنود أميركيين خلال الهجوم التركي في شمال شرق سوريا. وأضاف المسؤول، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن الطائرات العسكرية الأميركية حلّقت فوق المنطقة بعدما شعرت القوات الموجودة في شمال شرق سوريا بأن المقاتلين المدعومين من تركيا اقتربوا جداً منها، موضحاً أن المقاتلين تفرقوا بعد استعراض القوة. أنقرة تئن من وطأة العقوبات يئن نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من وطأة العقوبات الأميركية، جراء مغامراته غير المحسوبة، والتي كان آخرها العقوبات على بنك خلق التركي، المتهم بالاحتيال وغسل الأموال. ولم يخف أردوغان غضبه، إذ وصف الخطوة بأنها «غير قانونية وقبيحة»، فيما اعتبرها البنك تمثيلاً للعقوبات التي تفرضها واشنطن على أنقرة بسبب توغلها العسكري في سوريا. واتهم ممثلو الادعاء الأميركيون البنك التركي المملوك للدولة، أمس الأول، بالضلوع في مخطط يشمل مليارات الدولارات للتحايل على العقوبات الأميركية على إيران. ونتيجة لذلك هوى سهم بنك خلق 7 في المئة. وجاء توجيه لائحة الاتهام بعد يوم من فرض واشنطن عقوبات شملت مسؤولين أتراكاً وزيادة في الرسوم الجمركية ووقف محادثات تجارية، في مسعى لحمل أنقرة على وقف الهجوم على وحدات حماية الشعب الكردية في شمال شرق سوريا. وتشمل اللائحة المقدمة إلى محكمة في نيويورك اتهامات لثاني أكبر بنك حكومي تركي بالاحتيال وغسل الأموال ومخالفات أخرى. ولم يربط الادعاء الأميركي الاتهامات بالعقوبات المفروضة على تركيا بسبب الهجوم في سوريا لكن البنك ربط بينهما. وتأتي قضية بنك خلق في أعقاب قضية جنائية سابقة ألقي الضوء عليها عام 2016 ضد تاجر الذهب التركي الإيراني رضا ضراب، الذي اتهم بالقيام بدور محوري في مخطط التحايل على العقوبات. وأقر ضراب بتهمته وأدلى بشهادته أمام الادعاء الأميركي. وقال إن إيران، بمساعدة بنك خلق ومسؤولين بالحكومة التركية منهم الرئيس، استخدموا مجموعة من الشركات الوهمية وتعاملات في الذهب والأغذية والأدوية للتحايل على العقوبات الأميركية. واعتبرت تركيا القضية مؤامرة سياسية ضد حكومة أردوغان.
مشاركة :