يهدد بتدمير اقتصاد تركيا ثم يعود ويصفها بالشريك التجاري الكبير. يمدح المقاتلين الأكراد وينفي تخليه عنهم ثم يعود ويقول "إنهم ليسوا ملائكة". إنه الرئيس ترامب، الذي ظهرت تناقضاته في أزمة التوغل التركي في شمال سوريا. من يتابع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يجد الكثير من التناقضات في مواقفه وتصريحاته أو تدويناته أو حتى خطاباته. فأحيانا يتخذ موقفا من قضية ما ثم يعود ويسير في الاتجاه الآخر، وأحيانا يمدح شخصا ثم يعود فيوجه له اتهامات والعكس أيضا. وأحدث سلسلة من تناقضات ترامب هي موقفه من التوغل التركي في المنطقة الكردية بشمال شرقي سوريا ومن الرئيس التركي أردوغان ومن الأكراد، حلفاء واشنطن، الذين يتعرضون لحملة تركية عسكرية منذ أكثر من أسبوع. ففي البداية أعلن ترامب سحبه للقوات الأمريكية من شمال سوريا، ليفهم كثيرون أن ذلك بمثابة "ضوء أخضر" لأردوغان لدخول المنطقة. ويحصد ترامب انتقادات واسعة، فقد اعتُبرت تلك الخطوة بمثابة تخلٍ عن القوات الكردية، التي كانت حليفا رئيسيا لواشنطن في معركتها ضد تنظيم "داعش". ليعدل ترامب من موقفه ويغرد على تويتر إنه مستعد "لتدمير اقتصاد تركيا بالكامل.. إذا فعلت شيئا أراه متخطيا للحدود"، مضيفا "لقد فعلت ذلك من قبل". لكن سيد البيت الأبيض عاد في اليوم التالي ليعدل في موقفه ويقول "إن كثيرا من الناس ينسون ببساطة أن تركيا شريك تجاري كبير للولايات المتحدة، بل إنها في الواقع تصنع إطار الفولاذ الهيكلي لطائراتنا المقاتلة "اف 35" لقد كانت جيدة للتعامل معها، وساعدتني في إنقاذ العديد من الأرواح في إدلب، والعودة". مضيفا أنها "بناء على طلبي أعادت القس برونسون، الذي كان قابعا في السجون (التركية) لسنوات طويلة..." وفي نفس اليوم أكد ترامب أنه لم يتخل عن الأكراد بأي شكل من الأشكال. مضيفا أنهم أشخاص مميزون ومقاتلون رائعون" وفي تغريدة له الإثنين الماضي ألمح الرئيس الأمريكي إلى أن الأكراد يطلقون بشكل متعمد سراح "بعض" السجناء من عناصر داعش، لدفع الولايات المتحدة إلى مواصلة تدخلها في شمال شرق سوريا، مضيفا أنه “في إمكان تركيا أو الدول الأوروبية التي يتحدّر منها هؤلاء الجهاديون أن يعتقلوهم مجددا بسهولة، لكن يجب أن يتحركوا بسرعة". لكن الرئيس الأمريكي ذهب إلى حد الاستخفاف بالحلفاء الأكراد ليصفهم بأنهم "ليسوا ملائكة" إ وقال للصحافيين في البيت الأبيض أمس الأربعاء (16 أكتوبر/ تشرين الأول 2019)، "إنهم يعرفون كيف يقاتلون، وكما قلت فهم ليسوا ملائكة. إنهم ليسوا ملائكة إذا نظرتم جيداً". ونشر البيت الأبيض رسالة أمس الأربعاء أيضا بعثها ترامب إلى نظيره التركي أردوغان، يعود تاريخها إلى التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر، حذر فيها الرئيس الأمريكي الهجوم على الأكراد قائلا له "لا تكن متصلبا. لا تكن أحمق". ترامب نشر الرسالة لدعم موقفه وتأكيد أنه لم يمنح تركيا الضوء الأخضر للتوغل في سوريا وكان عدد كبير من النواب قد انتقدوا قراره بسحب القوات الأمريكية من منطقة الصراع بشدة ويضيف ترامب في الرسالة "عملت جاهدا على حل بعض مشاكلك. لا تخذل العالم. يمكنك إبرام اتفاق عظيم". وتابع في الرسالة "لا تريد أن تكون مسؤولاً عن ذبح الآلاف"، مضيفا "سينظر إليك التاريخ باستحسان إذا قمت بذلك (التفاوض مع الأكراد) بالطريقة الصحيحة والإنسانية. وسينظر إليك إلى الأبد على أنك شيطان إذا لم تحدث أمور جيدة. لا تكن متصلبا لا تكن أحمق!". وانتقد الكرملين اليوم الخميس لغة تلك الرسالة ووصفها بأنها غير معتادة أبدا بالنسبة للمراسلات بين رؤساء الدول. وذكر المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر صحفي عبر الهاتف "لا نقابل مثل هذه اللغة غالبا في المراسلات بين رؤساء الدول. إنها رسالة غير معتادة أبدا". وكان ترامب قد دعا أردوغان لزيارة البيت الأبيض في الثالث عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر. إلا أن أردوغان قال إنه لن يتخذ قراره بشأن الزيارة إلا بعد مباحثات الوفد الأمريكي، الذي وصل اليوم الخميس إلى أنقرة. ص.ش/ع.ج (أ.ف.ب، رويترز،ن د ب أ)
مشاركة :