رياض أبو عواد يكتب عن مهرجان الاسكندرية السينمائي كتابة متأخرة عن فعاليات الدورة ال 35 لمهرجان الأسكندرية السينمائي عن الحضور الباهت للسينما المصرية داخل المسابقة العربية حيث المستوى المطلوب من الأفلام أقل من المستوى المطلوب في المسابقة الدولية. وكانت مصر شاركت بفيلم “ورقة جمعية” لأحمد البابلي في مسابقة الراحل نور الشريف للأفلام العربية الذي لم يرقى إلى مستوى الأفلام العربية الأخرى المشاركة في المسابقة ويظهر الحالة المتردية التي تعيشها السينما المصرية الأن. وكان مهرجان الأسكندرية بدأ فعالياته يوم الثلاثاء 8 تشرين أول/أكتوبر بمشاركة أفلام من 25 دولة بين أفلام روائية وتسجيلية طويلة وأفلام روائية وتسجيلية قصيرة من أوروبا والعالم العربي. وكانت الخيارات محدودة أمام المتابعين فعلى المتابع أن يختار بين متابعة مسابقة الرسمية الدولية للمهرجان أو متابعة مسابقة الأفلام الروائية العربية خصوصا وأن الفيلم يعرض فقط مرة واحدة . فكان الخيار بالنسبة لي متابعة الأفلام العربية في المسابقة العربية إلى جانب الأفلام العربية المشاركة في المسابقة الدولية واتيح لي مشاهدة بعضها أيضا وكانت العروض تمتد من الساعة الرابعة بعد الظهر إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل في حين تحتل الندوات الفترة الصباحية مما زاد أيضا من محدودية المتابعة لمختلف الفعاليات. وفي نهاية المهرجان لم يحظ الفيلم المصري “ورقة جمعية” بأي جائزة من جوائز المهرجان لضعفه فنيا فهو أقرب إلى السهرة التلفزيونية منه فيلما يمكن له المنافسة على جوائز المهرجان والفيلم من بطولة الفنانة لوسي التي تلعب دورا مركزيا في الفيلم. فهي التي تقوم بتنظيم الجمعيات وحل مشاكل الجيران المحيطين بها (والجمعية عبارة عن مشاركة عدد من الناس بدفع مبلغ محدد من المال يتم دفعه كل شهر لأحد المشاركين مما يسهم في حل مشاكل الناس الاقتصادية إلى حد ما) ويستعيد الفيلم عالم الحارة المصرية الرومانسي الذي لم يعد له وجودا في المرحلة الحالية على طريقة أسامة أنور عكاشة في تصويره لعالم الحارة مع افتقاد الفيلم للعمق السياسي والإنساني الذي حملته حارة عكاشة فحارته كانت الوطن في حين لا تجد في الفيلم ما يشير إلى هذا سوى الحالة الرومانسية لحارة لم تعد موجودة. والحدث الدرامي الذي يسيطر على أحداث الفيلم موت الفنانة لوسي وهي أم لشابين وشابة أحد الولدين عامل نشيط ومحبوب من قبل أهالي الحارة والأخر منحرف ومدمن مخدرات والإبنة تنتظر الزوج الموعود. والفنانة لوسيى (أم عبدالله) إمرأة ودودة يعتبرها أهالي الحارة أم للجميع ويعترفون بقدرتها على إدارة أمور الحارة بدون ضجيج لكن بالحب والإحساس بالأخر. بعد وفاتها يتبين سرقة الأموال المجمعة للجمعية فتبدأ رحلة البحث عنها حتى يتم اكتشاف أن الشقيق المنحرف هو من سرق المال فيتم استعادته ودفعه لمستحقيه وتتولى الشقيقة القيام بدور أمها في استمرار إدارة الجمعية. ويوجد أكثر من خط درامي داخل الفيلم مثل محاولة إبن وإبنة أحد عائلات الحارة الخروج وعائلتهم من الحارة بعد أن تقدموا اجتماعيا بسبب تعلميهم العالي ودارسة الطب لكن في النهاية يجدون في تماسك الحارة أساسا للبقاء فيها خصوصا بعد موت (أم عبدالله). كذلك رغبة موزع الحشيش أن يجد فرصة لعمل يحقق فيه وجوده وهو الحالم بعالم أفضل له لكنه يعرف أن تجارة الحشيش ليست الحل الذي يسعى إليه ولا يجد أمامه مفرا إلا أن ينتظر دوره في الجمعية عسى أن تحل مشاكله ويبدأ حياة جديدة. إلا أن هذه الخطوط تبقى محدودة ولا يمكن أن تعكس الحارة حالة وطن كما حاول البعض أن يصور ذلك فالرومانسية لا تشكل حلا للوضع الاقتصادي ولا السياسي ولا الإنساني وهنا يكمن سقوط الفيلم في إطار من الضحالة .
مشاركة :