تحقيق - نشأت أمين: مع كل حادث مروري يروح ضحيته شباب في مقتبل العمر تتجدّد التساؤلات حول المسؤول عن قيادة المراهقين للسيارات بدون رخصة قيادة، وهل هم الآباء الذين قاموا بشراء وتسجيل سيارات حديثة بأسماء أبنائهم قبل حصولهم على الرخصة القانونية والتأهيل المناسب لقيادتها أم السماح لهم بالقيادة بصرف النظر عمن يملك السيارة أم إدارة المرور التي يتوجب عليها تكثيف الدوريات في أماكن تجمّعات الشباب كمنطقة سيلين أو حول المدارس وتطبيق القانون على جميع من يتم ضبطه متلبساً بالقيادة بدون رخصة أم قصور الجانب التوعوي في المدارس والجامعات بإخطار القيادة بدون رخصة أم كل هذه العوامل مجتمعة ؟. الراية طرحت هذه التساؤلات على عدد من المواطنين الذين أكدوا أن السماح للشباب المراهقين بقيادة السيارات بدون رخصة قيادة هو بمثابة تصريح لهؤلاء الشباب بالانتحار، مشيرين إلى أن القيادة ليست في كيفية الجلوس خلف مقود السيارة ولكنها عبارة عن مجموعة شاملة من المهارات التي يكتسبها الإنسان بالتدريب والخبرة وطول الممارسة. وقال هؤلاء ل الراية إن إتاحة الفرصة لشباب في هذه السن الصغيرة بقيادة سيارات فارهة بسرعاتها العالية المعروفة في الوقت الحالي يجعل هؤلاء الشباب أكثر عُرضة للحوادث المرورية ومن ثم الإصابة بعاهات مستديمة أو الوفاة، لافتين إلى أن الشباب في سن المراهقة هم في مرحلة عمرية لا تسمح لصاحبها بتقدير عواقب الأمور ومآلاتها على نحو جيد نظراً لمحدودية الخبرة سواء بمهارات القيادة أو بغيرها من شؤون الحياة. وأكدوا أن الكثير من طلاب الثانوي يقودون السيارات بدون رخص سياقة ويذهبون بها يومياً إلى مدارسهم، مُطالبين الإدارة العامة للمرور بتكثيف تواجد دورياتها في محيط تلك المدارس لردع هؤلاء الشباب، مشيرين إلى أنه ليس معنى كون تلك السيارات مسجّلة بأسماء بعضهم أن يقوموا بقيادتها بدون رخصة. وطالبوا أولياء الأمور بضرورة تحمّل مسؤولياتهم في تربية وتوعية ومراقبة سلوكيات أبنائهم ، مشدّدين على أنه لا يمكن لأي جهة حكومية أو غير حكومية أن تعوّض غياب دور الأسرة. محمد الهاجري: آباء يساعدون أبناءهم على الانتحار قال محمد ظافر الهاجري - عضو المجلس البلدي عن الدائرة 23: الكثير من الآباء يقومون بتسجيل سيارات بأسماء أبنائهم وهم دون السن القانونية، والمشكلة تكمن في السماح لهؤلاء الأبناء بقيادة تلك السيارات رغم عدم حيازتهم رخصة قيادة، فتكون تلك الموافقة الضمنية أو الصريحة من جانب الآباء بقيادة هذه السيارات بمثابة تضحية بهؤلاء الأبناء ومساعدة لهم على الانتحار، وبالتالي يكون ولي الأمر كمن وضع نجله على قمة جبل ثم تركه يسقط من أعلى هذه القمة. وأضاف: عندما يشتري الأب سيارة فارهة لنجله القاصر ويسمح له بقيادتها فإن عليه أن يتوقع أن يحدث له مكروه في يوم من الأيام وهو في هذه السن الصغيرة التي لا تسمح لصاحبها بتقدير عواقب الأمور بشكل جيد نظراً لمحدودية الخبرة سواء بمهارات القيادة أو بغيرها من شؤون الحياة ذات الصلة بموضوع القيادة. وتابع: الكثير من طلاب الثانوي مع الأسف نشاهدهم يقودون سيارات حديثة لا يقودها مدرسيهم ولا حتى شريحة غير قليلة من موظفي الدولة من القطريين، فكيف أذن حصل هؤلاء الطلاب الصغار على هذه السيارات؟ وهل معنى كونها مسجّلة بأسمائهم أن يتم السماح لهم بقيادتها وهم لا يحملون رخصة قيادة ؟. وأكد أنه يجب على الدولة أن تضرب بيد من حديد على مثل هذه النوعية من المخالفات لأنها لا تعرّض حياة هؤلاء الشباب وحدهم للخطر بل وجميع مستخدمي الطريق الآخرين أيضاً. أحمد الخليفي: القانون لا يمنع تسجيل السيارات بأسماء القاصرين أوضح الخبير المروري أحمد الخليفي أن استمارة الملكية تختلف عن استمارة القيادة فلكل منهما شروطها التي تختلف عن الأخرى ففيما يتعلق باستمارة الملكية فإنها بمثابة رخصة تسيير للمركبة وتعني أن هذه المركبة مُطابقة للمواصفات المعمول بها وصالحة للسير على الطرق في قطر وليس هناك في القانون ما يمنع من تسجيلها بأسماء القاصرين، أما فيما يتعلق باستمارة القيادة فقد وضع لها قانون المرور شروطاً خاصة لاسيما فيما يتعلق بقضية السن. وقال: استمارات الملكية ليس بها أية مشاكل ولكن المشكلة تكمن في كيفية سماح الآباء لهؤلاء الأبناء القاصرين بقيادة السيارات دون أن يكون لديهم رخصة سياقة ما يُعرّض حياتهم وحياة الآخرين للخطر، يضاف إلى ذلك أن الآباء بمثل هذه التصرّفات قد يتسبّبون في سجن أبنائهم وإضاعة مستقبلهم لأن هؤلاء الشباب الصغار عندما يتسبّبون في حادث ما فإنه من الناحية القانونية يجوز للقاضي أن يأمر بحبس المتهم في هذه الحالة لأنه تم ضبطه وهو يقود سيارة بدون رخصة. وأكد أنه ليس هناك أي جهة حكومية يمكن أن تحل محل الأسرة وإذا لم تقم تلك الأسرة بدورها فلن تعوّض هذا الدور أي جهة أخرى. مبارك النعيمي: ظروف تجبر الآباء على تسجيل السيارات بأسماء القصّر قال الخبير المروري مبارك راشد النعيمي: تسجيل السيارات بأسماء القاصرين أمر مشروع ولا يوجد في قانون المرور ما يمنع ذلك، ولو كان هناك ما يمنعه لما تمّت عمليات التسجيل من الأساس لاسيما أن هناك ظروفاً تضطر البعض إلى ذلك كأن يكون الأب معاقاً أو طاعناً في السن أو غير ذلك من الأسباب فتقوم الأسرة بتسجيل السيارة أو عدة سيارات بأسماء أبنائها حتى ولو كانوا قاصرين لأنه ليس أمامهم بديل غير ذلك وفي المقابل هناك من الآباء من يقومون بشراء تلك السيارات وتسجيلها بأسماء أبنائهم كنوع من التدليل لهؤلاء الأبناء. وأكد النعيمي أن الإشكالية ليست في سن من يتم تسجيل السيارة باسمه ولكن في سن من يقود السيارة وما إذا كان حاصلاً على رخصة قيادة أم لا؟ وأضاف: القيادة ليست مجرد الجلوس خلف مقود القيادة والانطلاق بالسيارة وحسب ولكن هناك مهارات أخرى عديدة يجب أن يتحلى بها قائد السيارة وهذه المهارات يكتسبها الإنسان بالممارسة والتدريب وبالخبرة أيضاً ومثل هذه المهارات يفتقدها هؤلاء الشباب الصغار في مثل هذه السن التي يغلب عليها الطيش وعدم حسن تقدير المآلات، الأمر الذي يجعلهم عُرضة اكثر من غيرهم للتعرّض للحوادث المرورية، ولقد سمعنا وما زلنا نسمع دوماً عن وقوع الكثير من مثل هذه النوعية من الحوادث بين الحين والآخر. وأوضح أن الشباب الصغار نوعان فمنهم الطبيعي المتزن ومنهم المتهور، ومهما فرضنا من عقوبات على الشباب المتهور فلن تنصلح حالهم بدون توجيه ومتابعة من جانب الأسرة لاسيما ما يرتكبون من مخالفات. وأضاف: بعض الآباء قد يشعر باليأس من إصلاح شأن نجله وإيقافه عن الطيش والتهور ففي هذه الحالة ليس أمامه سوى إبلاغ رجال المرور عنه لكي يقوموا بمتابعة السيارة التي يقودها، ورغم قسوة اللجوء إلى حل كهذا بالنسبة للكثير من أولياء الأمور إلا أنه لا شك أفضل بالنسبة للأسرة من أن تفقد هذا الابن للأبد كما أنه إجراء يمكن أن يستخدمه الآباء على سبيل التخويف فقط. علي المحمود: تكثيف جهود التوعية بين أوساط المراهقين أكد السيد علي المحمود أن طيش الشباب الصغار قضية تحتاج إلى وقفه حاسمة من جانب جميع فئات المجتمع وبصفة خاصة لأنها ترتبط بحياة الإنسان التي قد يفقدها في أي وقت بسبب لحظة طيش أو تهور من جانب شاب حديث السن لا يدرك أبعاد ما يقوم به من تصرفات. وأضاف: الشباب الصغار يحبون إبراز أنفسهم والقيام بأعمال تلفت الانتباه نحوهم وتضعهم في مصاف الرجال الكبار، ومن هنا تظهر التصرّفات والسلوكيات غير السوية والطائشة في الكثير من الأحيان وهو ما يستلزم ضرورة قيام الآباء بدورهم المنوط بهم في التربية والتوجيه وأن ينتبه من يسرفون منهم في تلبية طلبات الأبناء الصغار وخصوصاً فيما يتعلق بقضية السماح لهم بقيادة السيارات دون الحصول على رخصة سياقة إلى عواقب أن هذه التصرّفات ستكون كارثية وهم الذين سيتحمّلون تبعاتها. وأكد أن الابن لو تعرّض للإصابة بعاهة مستديمة في حادث فإن والديه سيظلون يتجرّعون كأس الألم طوال حياتهم لذلك فإنه يتوجب على الآباء أخذ العبرة مما يحدث من حولهم حتى لا يجدوا أنفسهم في نفس المواقف المُحزنة التي مر بها غيرهم. وقال: إن هناك ضرورة لتكثيف جهود التوعية بهذا الخصوص سواء عبر وسائل الإعلام أو المدارس أو المساجد وأن تكون هناك وقفة جادة مع ظاهرة القيادة بدون رخصة .
مشاركة :