يثير الاتفاق التركي الأميركي بشأن وقف إطلاق النار في شمال سوريا، نقاط استفهام كبرى، خاصة لجهة موقف قوات سوريا الديمقراطية منه وهي التي وقعت قبل أيام اتفاقا مع النظام السوري يقضي بتسليم مناطق سيطرتها له، لسحب البساط من أنقرة. وتقول أوساط سياسية كردية إنه رغم إعلان قوات سوريا الديمقراطية عن موافقتها المبدئية على أي مبادرة لوقف إطلاق النار، بيد أن هناك مسائل غير واضحة في الاتفاق. وتوجد مخاوف من أنه ما لم تستطع أنقرة تحقيقه في 10 أيام من بدء عدوانها على شمال شرق سوريا، تحاول تنفيذه من خلال الاتفاق الذي جرى مع الولايات المتحدة، والذي يقول الرئيس رجب طيب أردوغان إنه يمنح الحق لأنقرة بإقامة “منطقة آمنة” بعمق 32 كلم وعلى امتداد 444 كلم حتى الحدود العراقية. وكانت الولايات المتحدة وتركيا قد توصلتا خلال مباحثات بين أردوغان ونائب الرئيس مايك بنس الخميس إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا لمدة 5 أيام تنتهي مساء الثلاثاء، لفسح المجال لانسحاب مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية من المنطقة الآمنة الموعودة تحت إشراف الجيش التركي. وقال عضو الهيئة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي آلدار خليل “إن هناك غموضا في بنود وتفرعات الاتفاق ومنها كيف ستتم إدارة المنطقة الآمنة؟ وما هو مستقبلها؟ فعلى سبيل المثال هم يقولون المنطقة الآمنة، ولكن تركيا لها منظورها وشرحها لهذه المنطقة كما أنها تقول إن مسافتها تمتد إلى 440 كم، والولايات المتحدة لها منظورها، ونحن أيضا رؤيتنا مختلفة لهذه المسألة”. وأضاف خليل لوكالة أنباء “هاوار” الكردية “أعلمت الولايات المتحدة قيادات قسد بأن وقف إطلاق النار يمتد على المسافة الواقعة بين سريه كانيه (رأس العين) وتل أبيض، وهناك تفاوت هنا أيضا، وستتم مناقشة كل هذه الأمور مع الأميركيين خلال الأيام القادمة، ووفق نتائج هذه المناقشات سيتم تطبيق الاتفاق. وهناك قراءتان عن السبب الحقيقي خلف تحرك الإدارة الأميركية وتوقيع هذا الاتفاق مع أنقرة؛ الأولى تتحدث عن الضغوط الداخلية والدولية الكبيرة، والثانية تقول إن واشنطن استشعرت خطر الاتفاق السوري الكردي الذي أتى برعاية روسية وبموجبه تستعيد دمشق دون أي جهد مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل حوالي ربع مساحة سوريا وتضم أخصب الأراضي وأكثر من نصف مخزون البلاد من المحروقات، فضلا عن ذلك سيطلق أذرع إيران العسكرية”. واستعاد الجيش السوري بموجب الاتفاق مع الأكراد السيطرة على مُعظم آبار النّفط والغاز شرق دير الزور وعزز سيطرته على مدينة الرقة ومنبج وعين العرب وتل تمر. ويرجح مراقبون أنه على ضوء ما أعلن من بنود في الاتفاق التركي الأميركي وانهيار الثقة بواشنطن، فإن الأكراد سيحاولون الحفاظ على اتفاقهم مع الجانب السوري في حال أظهر جدية في الذهاب قدما في نص الاتفاق. وأوضح آلدار خليل “بالرغم من كل شيء، نحن مع أن يتم الاتفاق مع النظام وروسيا”. وأعرب القيادي الكردي عن مخاوفه من أن “النظام لا يأخذ الموضوع بجدية، ربما لم يتفق وروسيا، وأن هناك مشكلة لديه نحن لا نعلمها”. وبدا واضحا في الأيام الأخيرة تراجع تقدم الجيش في مناطق السيطرة الكردية، ويعتقد أن روسيا من تقف خلف هذا الأمر بانتظار ما ستسفر عنه المباحثات مع الرئيس التركي الذي يزور موسكو الثلاثاء. وهناك تسريبات تتحدث عن لقاء أمني سوري تركي قد يسبق قمّة موسكو الثنائيّة بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان. ويعتقد أن ما سيتمخض عن لقاء أردوغان وبوتين وما سيسبقه من لقاءات سيكون المحدد لمآلات الوضع في الشمال.
مشاركة :