مع اتساع التظاهرات، أبدى رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استعداده للتخلي عن السلطة، وقال "أنا شخصياً منحت نفسي وقتاً قصيراً جداً، إما شركاؤنا في التسوية والحكومة يعطونا جواباً واضحاً وحاسماً ونهائياً يقنعني أنا واللبنانيين والمجتمع الدولي بأن هناك قراراً لدى الجميع للإصلاح ووقف الهدر والفساد أو يكون لدي كلام آخر"، وأضاف الحريري "مهلة قصيرة جدا 72 ساعة"، وتظاهر آلاف اللبنانيين، وعلى وقع التظاهرات التي تطالب حكومته بالاستقالة، اتهم سعد الحريري أطرافاً في الحكومة لم يسمها بتعطيل مساعيه للمضي في الإصلاحات، مانحاً إياهم مهلة 72 عاماً لدعمها. واندلعت التظاهرات غير المسبوقة منذ سنوات، ليل الخميس، بعد إقرار الحكومة ضريبة على الاتصالات عبر تطبيقات الإنترنت. ورغم سحب الحكومة قرارها على وقع غضب الشارع، لم تتوقف حركة الاحتجاجات ضد كافة مكونات الطبقة السياسية الممثلة في حكومة الرئيس سعد الحريري، وعلت مطالب الشارع باستقالتها، في حراك جامع لم يستثن حزباً أو طائفة أو زعيماً، وتجمع المتظاهرون في وسط بيروت قرب مقر الحكومة الجمعة مرددين شعار "ثورة، ثورة" و"الشعب يريد إسقاط النظام"، في وقت أقفلت المدارس والجامعات والمصارف والعديد من المؤسسات أبوابها. ورفع أحدهم لافتة كتب عليها "الإسقاط والمحاسبة، كلهم يعني كلهم"، في إشارة إلى كامل الطبقة السياسية، وهتف متظاهرون بالعامية "برا برا برا، واستخدمت القوة الأمنية ليلاً خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين حاولوا الاقتراب من السرايا الحكومية، مما أسفر عن حالات إغماء، بينما تظاهر المئات على الطريق المؤدية إلى القصر الرئاسي في بعبدا شرق بيروت. الانقسام السياسي وسلّطت التظاهرات الضوء على الانقسام السياسي وتباين وجهات النظر بين مكونات الحكومة حول آلية توزيع الحصص والتعيينات الإدارية وكيفية خفض العجز من جهة، وملف العلاقة مع سورية المجاورة من جهة ثانية. العلاقة مع سورية وتشكل العلاقة مع سورية بنداً خلافياً داخل الحكومة، مع إصرار التيار الوطني الحر برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل وحليفه حزب الله على الانفتاح على دمشق، ومعارضة الحريري وفرقاء آخرين لذلك، ويحمل خصوم باسيل عليه رغبته بالتفرّد في الحكم، مستفيداً من علاقته مع حزب الله وبحصة وزارية وازنة، واستبق باسيل كلمة الحريري بإعلان رفضه استقالة الحكومة، معتبرا أن هذا الأمر قد يؤدي إلى وضع "أسوأ بكثير من الحالي". ودعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الممثلان في الحكومة، الحريري إلى الاستقالة. ورداً على كلمة الحريري، قالت متظاهرة في بيروت "من المريع وغير المقبول أن يعتقد أن بإمكانه أن يترك الشعب 72 ساعة فيما كان لديهم 20 و30 عاماً للإصلاح"، وأضافت "الأفضل أن يتنحوا" جميعاً. فشل الحكومات وسجل الاقتصاد اللبناني عام 2018 نمواً بالكاد بلغ 0,2 %، وقد فشلت الحكومات المتعاقبة بإجراء إصلاحات بنيوية في البلد الصغير الذي يعاني من الديون والفساد، ويعاني لبنان من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية، بينما يُقدّر الدين العام اليوم بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150% من إجمالي الناتج المحلي، في حين تبلغ نسبة البطالة أكثر من 20%
مشاركة :